الرئيسيةالأولىالحلفاء في القصرين : نعمة أم نقمة

الحلفاء في القصرين : نعمة أم نقمة

خلفت زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد الى ولاية القصرين أين زار الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق جدلا واسعا وهو يشدد على ضرورة استرداد بريقها السابق .

حتى أنه هناك من رأى أن عصر الورق قد انتهى وأصبح من الضروري البحث عن مشاريع أخرى تخفف من وطأة البطالة في صفوف شباب تلك الجهة .

تم تداول عدة أرقام حول خسائر المؤسسة التي أصبحت تعيش على وطأ أزمة هيكيلية عجزت خلالها حتى على تسديد أجور أعوانها . ولم نسمع الى حد الساعة عن الكلفة البيئية التي تخلفها هذه الشركة اضافة الى الكلفة الخطيرة على المستقبل الفلاحي في استخدام الحلفاء بطرق عشوائية ان لم نقل بدائية .

فللنطلق من البداية .. هل انتهى فعلا عصر الورق مع التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم اليوم

بلغ الإنتاج العالمي في صناعة الورق ما يقرب من 420 مليون طن من الورق والكرتون. والدول المنتجة الرئيسية هي الصين والولايات المتحدة واليابان، في حين تأتي فرنسا في المركز الثالث عشر بإنتاج أكثر من ثمانية ملايين طن من الورق. وكان أكثر من نصف إنتاجها حينها مخصصًا لأوراق التغليف وما يقرب من ربعها لأوراق الرسوم.

وفي عام 2018، بلغ عدد الشركات العاملة في القطاع الفرنسي على سبال المثال 75 شركة. ومن بينها شركة Sequana، التي حققت مبيعات بقيمة 2.8 مليار يورو تقريبًا في عام 2017.
وبأكثر من 420 مليون طن، فإن أرقام استهلاك الورق في العالم تعادل إنتاج صناعته. في المتوسط، يستهلك كل إنسان 57 كيلوغراماً من الورق والكرتون سنوياً. وتستهلك الصين وحدها 113 مليون طن من الورق والكرتون سنويا. وتليها الولايات المتحدة بأكثر من 70 مليون طن. وتعد فرنسا ثامن أكبر مستهلك بحوالي تسعة ملايين طن.
نظرًا لكون الورق موردًا متجددًا، فإن إعادة تدويره تمثل مشكلة رئيسية في صناعة الورق والكرتون. في فرنسا، يتم إنتاج أكثر من ثلثي الورق من الورق والكرتون المعاد تدويره.
يتوقع الخبراء في هذا الميدان حدوث تغييرات كبيرة في هذه الصناعة، التي سيتعين عليها الاستعداد للاستهلاك الهائل للورق في المناطق الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل، الأمر الذي قد يؤدي إلى مضاعفة إنتاج الورق العالمي الى حدود عام 2038.
ليس سرًا أن صناعة اللب والورق هي مصدر فخر لسكان كيبيك بكندا . لقد تطورت مناطق بأكملها بوتيرتها، وتسعى باستمرار إلى تجديد نفسها لتلبية الاحتياجات الجديدة. بفضل شبكتها الهيدروغرافية الواسعة وثروة غاباتها في الزوايا الأربع للمقاطعة، تم بناء العديد من أحياء وبلدات الطبقة العاملة حول مصانع الورق.
لتصنيع احتياجاتنا الأساسية من النقود وعلب الورق المقوى والإيصالات وأكواب القهوة وأوراق تدوين الملاحظات وورق الزبدة والورق المقوى المستخدم في حفظ البيض وبطاقات المعايدة والمصاصات وأوراق التغليف. وربما أوشكنا على الاستغناء عن النقود الورقية، لكن العالم بلا ورق قد يبدو مستحيلا.

بل في الواقع، زاد الطلب على الورق في جميع أنحاء العالم، بوصفه بديلا للبلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة بعد أن بدأت الدول تحظر استخدامه أو تخفض إنتاجه. وأعلنت متاجر عديدة في السنوات القليلة الماضية اعتزامها استخدام الأكياس الورقية بدلا من البلاسيكية، وظهرت أيضا أوراق تغليف للحلوى وأطباق الأطعمة الجاهزة وحتى قوارير للمياه مصنوعة من الورق.

الكلفة البيئية لصناعة الورق
في البداية، يصنع الورق من الخشب اللين المستخرج من الأشجار الصنوبرية، وكذلك الأخشاب الصلبة المستخرجة من بعض الأشجار مثل شجر الكافور. وتبدأ عملية التصنيع بإزالة أكبر قدر ممكن من مادة الليجنين التي تعمل كصمغ طبيعي لربط ألياف السليولوز ببعضها، وبذلك تتفكك الألياف ويعاد تشكيلها بسهولة.

وبعدها تأتي عملية تحضير عجينة الورق، التي تتضمن تكسير الخشب إلى رقائق ونقعها في حوض مملوء بهيدروكسيد الصوديوم وكبريتيد الصوديوم، وكلاهما مادتين قلويتين فعالتين في إذابة الليجنين في الخشب، لكنهما أيضا قد تسببا حروقا وتذيبان الألومنيوم والصخور. وفي المقابل إذا ترك الليجنين سيكون الورق الناتج منخفض الجودة.

وعند هذه المرحلة، يكون لون عجينة الورق بنيا بسبب بقايا مادة اللجنين، ولذا يضاف ثاني أكسيد الكلور لتبييض عجينة الورق، وبعدها توضع العجينة على غرابيل متحركة وتجفف وتُضغط ليُستخرج منها الماء.

وتتطلب كل مرحلة من مراحل تصنيع الورق استخدام كميات كبيرة من المياه، إذ يحتاج تصنيع ورقة واحدة إلى ما يتراوح بين لترين و13 لترا من المياه. واستهلكت صناعة الورق في الصين وحدها 3.35 مليار طن من الماء في عام 2014.

وبعد انتهاء عمليات الخلط والتبييض، تصبح المياه ملوثة بالقلويات والكلور والمواد العضوية، ونظرا لصعوبة معالجتها من الناحية التقنية، تتخلص بعض مصانع الورق منها دون معالجة عن طريق تصريفها في البحار ومصادر المياه العذبة، حيث تسمم الكائنات البحرية والحياة البرية.

ويستهلك تصنيع الورق أيضا كميات هائلة من الطاقة، إذ أشارت دراسة إلى أن صناعة الورق عالميا تستهلك 6.4 إكساجول من الطاقة سنويا، وبهذا يسهم الورق بنحو اثنين في المئة في إجمالي الانبعاثات العالمية من ثاني أكسيد الكربون.

وأخيرا، تزيد صناعة الورق من وتيرة قطع الأشجار. إذ تتسبب صناعة الورق في إزالة 100 مليون هكتار من الغابات، ما يعادل مساحة مصر، سنويا. وفي بعض المناطق تسببت صناعة الورق في تدمير الغابات تماما ومن ثم زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، الذي كانت تمتصه الأشجار قبل قطعها وأسهمت في تدهور التنوع الحيوي.

وماذا عن الحلفاء في تونس

تمسح ولاية القصرين نحو 826 ألف هكتار تستحوذ مزارع الحلفاء لوحدها على 179 ألف هكتار مما حدا بالسلطات منذ السنوات الأولى للاستقلال الى تنظيم هذا القطاع وبعث مؤسسة وطنية تعنى به وهي الشركة الوطنية التونسية للسيليلوز(SNTC) التي أنشئت سنة 1956 لتصنيع عجين نبتة الحلفاء و التي تغطي مساحة كبيرة من مدينة القصرين و المدن المجاورة,ثم انطلقت الشركة التونسية لورق الحلفاء (STPA) التي أنشئت سنة1968 لصناعة ورق الطباعة و الكتابة وفي سنة 1980 تم ادماج المؤسستين لتنجبا الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق SNCPA.

ولكن مع مرور الزمن عرفت هذه الشركة عدة مشاكل مالية تراكمت مع مرور الزمن حتى أن الأدوات المستخدمة لم تعد تتواؤم والقرن ال21 الذي عرف تقدما هائلا في ميكنة صناعة الورق .

ولكن هناك شجرة أخرى تخفي غابة المشاكل التي تتخبط فيها المؤسسة والتي امتدت الى أهالي الجهة لتهدد صحتهم قبل قوتهم .

ففي التقرير الجهوي حول وضعية البية بولاية القصرين صدر سنة 2015 يمكن أن نقرأ بين طياته الملاحظات التالية

تسببت صناعة الحفاء في ولاية القصرين في
تلوث كميائي بمادة الزئبق ناتجة عن صرف مياه معمل الحلفاءبوادي اندلو والذي بدوره يصب بوادي الحطب حيث يتم استغلال هذه المياه للري بمنطقة الرخمات .

ونظرا للتلوث البيئي المحدث من جراء النفايات السائلة المتأتيةمن معمل عجين الحلفاء بالقصرين قامت دائرة التربة بمعاينةميدانية وجلب عينات تربة من الأراضي المحاذية لمصب وادي أندلو بمنطقة وادي الدرب قصد تحليلها.

وتمثل نشاط مخبر التربة خلال سنة 2013 في ما يلي :
 العدد الجملي للعينات : 1406 )173 مطلب( موزعة كما يلي :
•فالحون : 159 مطلب
•دائــرة التربــة : 13 مطلب
•دائــرة الانتاج النباتي : 1 مطلب
ومكنت التحاليل من الحصول على النتائج التالية:
 ارتفاع هام لنسبة الكلور إذتراوح بين 92 و114 مم/ل. مما أدى إلى ارتفاع ملوحة التربة حيث تراوحت بين 18و76 مم/صم .

 انخفاضا لنسبة الحموضة إذ بلغت .6.4 ph
 بلغ مستوى المائدة 60 صم مما اثرسلبا على الموائد السطحية المجاورة


وأمام الاستهلاك غير المنظم للحلفاء تقدّر بعض الدّراسات التّراجع السّنوي لمساحات الحلفاء ب 1500 هكتار سنويا وفي ظرف 79 سنة تمّ إتلاف ما يقارب 59% من المائدة التّونسية. لكنّ هذه النّسبة مهما كانت مقلقة فهي لا تعكس إلا جزءا من الواقع لأنّها لا تمثّل سوى المعدّل الذّي يخفي التقدّم الحاصل في وتيرة تبدّد المائدة. وإذا تواصلت نسبة التّراجع بهذا النّسق فلن تتعدّى المساحات المتبقّية ربع ما كانت عليه منذ 100 سنة خلت. ومثل هذه الأرقام تدعو إلى بعث مشروعات مختصّة في آجال قريبة تتطلّب تدخّلا ناجعا لاجتناب إتلاف هذه الموائد وإعادة إعمارها.

وتتعرّض موائد الحلفاء إلى الاتلاف خاصّة في السّهول (المنخفضات والوديان) حيث كانت دائما مستهدفة من الاستصلاح المفرد باستعمال الحرق والمحراث وكلّ أنواع الآلات الفلاحيّة. وقد انتشرت حدائق المرتفعات المحيطة بسبيطلة والقصرين وحاجب العيون وجلمة وبن عون والحفي وحقولها على حساب موائد الحلفاء التي استصلحت وغرست لوزا وزيتونا وبناء على ما تقدّم تنحصر موائد الحلفاء حاليّا في جبال يكون الوصول إليها صعبا. أمّا على مستوى السّهول فهي متلفة تماما مع تزايد الضّغط البشري عليها. ولم يبق من موائد السّهول إلا ما وجد على القشرة الكلسية غير الصالحة لزراعة الأشجار والحبوب.

كانت منطقة الوسط للبلاد التونسية ومازالت منطقة لتربية الماشية (ماعز، غنم، بقر، خيل…) وهي تربية توسيعيّة تقام على أراض واسعة مع بذل جهد قليل للعناية بها. ويتجاوز عدد رؤوس الماشية بكثير قدرة المائدة على توفير المرعى.أضف إلى ذلك النقص الشديد للعلف. وهو ما يؤدّي إلى نتيجة واضحة ثابتة. وهي تدهور المائدة واندثار آلاف هكتارات الحلفاء.

وفي هذا المجال صدرت دراسة بمجلّة (Sécheresse) تحمل عنوان: “تراجع الحلفاء مؤشّر انجراد السهول الجزائيّة” (Aidoud et Touffet 1996) تؤكّد أنّ الرّعي المفرط هو السبب الأساس لتراجع موائد الحلفاء هنالك، كما أنّ استئصال نوع مثل الحلفاء له نتائج وخيمة على توازن مجمل النظام البيئي إذ يؤدّي خاصّة إلى إفقار التنوّع النّوعي وإتلاف خصائص التّربة.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات

error: Content is protected !!