الرئيسيةالأولىالذين يتمعتون ب " لذة الشماتة " هل هم أُناس ...

الذين يتمعتون ب ” لذة الشماتة ” هل هم أُناس طبيعيون

ما الذي يدفع أُمّا للتلذذ بخبر ايقاف أُمّا أخرى وقد تركت خلفها رضيعا لم يتجاوز ال6 أسابيع وما الذي يدفع جامعي يفرح بخبر تعذيب مواطن أعزل ومالذي يدفع أبا يفرح بسجن شاب في مقتبل العمر في سن أبنائه قبل أن يتأكد من جرمه لقد قال الفيلسوف أرثر شوبنهاور ذات مرة: “أن تشعر بالغيرة، فذلك طبيعي، لكن حينما تشمت، فذلك شيطاني”.

في تعرضه لمعنى وتاريخ الشماتة قال الدكتور كمال عبد الملك الباحث في قسم لغات وحضارات الشرق الأدنى

بجامعة هارفارد الأميركية “جمعنا حديث مع زملاء عرب وأميركيين، من جامعة هارفارد ومعهد ماساشوتس للتكنولوجيا، ودار نقاش عن مفاهيم وظواهر اجتماعية تظهر في مجتمعات، ولا توجد لها نظائر أو كلمات تعبر عنها في مجتمعات أخرى. ذكر زميل أنّ ظاهرة «الشماتة» ككلمة وممارسة هي شيء تتميّز به مجتمعاتنا العربية، فردّ عليه زميل من قسم الأدب المقارن بقوله إنّ كلمة «Schadenfreude» في اللغة الألمانية تعني الشماتة، وتستعمل في لغات أوروبية عدة. وسأل آخر: «وما الكلمة الإنجليزية للشماتة؟»، وأضاف «ربما لا توجد في الإنجليزية كلمة واحدة تعبر عن الابتهاج أو الاستمتاع بمصيبة الآخرين»! عندها ذكّرته بالكلمة الإنجليزية «gloating»، وبأنّ هناك في معجم وبستر كلمة إنجليزية غير مألوفة ترجع إلى أصل يوناني هي «epicaricacy». وعقّب زميلنا المعروف بخفة دمه قائلاً إنّ للشماتة تاريخاً في المجتمعات البشرية يمتد من زمن الفيلسوف اليوناني أرسطو حتى (يا شماتة آبلة ظاظا فيّا)، قالها بطريقة مسرحية جعلتنا نضحك لبرهة قبل مواصلة النقاش.

والشماتة هي الشعور بالفرح تجاه مصيبة حلّت بالآخرين، إما لأنك تكرههم، أو لأنك تعتقد أنهم يستحقون ذلك، على سبيل المثال، بعد أن عاملك النادل (الجرسون) بوقاحة شديدة، قد تستمتع سراً برؤيته وهو يتعثر ويسقط صينية الأطباق من يده.

فمن اخترع الشماتة؟

في شرق آسيا، وُصفت مشاعر الفرح عند رؤية معاناة الآخرين في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، وفي تسعينات القرن الـ19، كتب الناشط في مجال حقوق الحيوان فرانسيس باور كوبي، بياناً بعنوان Schadenfreude، ويذكر فيه الأولاد الذين يعذبون القطط الضالة من أجل المتعة.

وفي الأخلاق النيقوماخية، استخدم أرسطو كلمة epikhairekakia باليونانية، ومعناها «الشعور بالألم عند رؤية السعادة غير المستحقة للآخر». وكتب روبرت بيرتون خلال القرن الـ17 أنّ الشماتة هي: «عندما نفرح لأذى الآخرين، ونحزن على ازدهارهم».

ذكر الفيلسوف آرثر شوبنهاور، أن الشماتة هي أخطر خطيئة يقترفها الإنسان، حيث قال في مقال مشهور «الشعور بالحسد هو شعور إنساني، أما الاستمتاع بالشماتة فهو أمر شيطاني»، وفي كتابها «الكلام عن ألم الآخرين»، الذي نُشر عام 2003، تقدّم سوزان سونتاغ، دراسة لمسألة كيفية تأثير مصائب وآلام الناس في الآخرين، وتحديداً ما إذا كانت صور ولوحات ضحايا الحرب مفيدة كأدوات مناهضة للحرب، أو ما إذا كانت غير مفيدة فلا تثير سوى الشعور بالشماتة لدى بعض المشاهدين.

وعرّف الفيلسوف وعالم الاجتماع ثيودور أدورنو، الشماتة بأنها «فرحة غير متوقعة إلى حد كبير عند مشاهدة معاناة شخص آخر».

ووفقاً لـ«غوغل» أصبحت كلمة Schadenfreude في وقتنا الحاضر من أكثر الكلمات شيوعاً.

لكن على الرغم من كل ذلك، فإننا لم نحقق بعد فهما كاملا لهذا السلوك البشري اللافت للانتباه، تحاول بعض الأبحاث أن تربطه بتقدير الشخص لذاته، فكلما كان تقديرك لذاتك أقل كنت أكثر شماتة في الآخرين، ربما لأجل تحقيق الذات في الشعور بالسعادة تجاه مصائب الآخرين، من جهة أخرى فإنها لا شك ترتبط بالصفات المظلمة للطبيعة البشرية، والتي تضم النرجسية والسادية والسيكوباتية والشعور المتضخم بالذات، إلخ، هذا المجال البحثي ما زال في أوج نشاطه، خاصة لأغراض سياسية.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات

error: Content is protected !!