أكد وليد الهلالي الرئيس الشرفي لاتحاد القضاة الاداريين، في تدوينة نشرها اليوم “إنّ القاضي الطبيعي في مادة الانتخابات هو دون شك القاضي الإداري وقد كان الأمر كذلك في كل الانتخابات السابقة التي شهدتها البلاد بعد سنة 2011 والنصوص القانونية واضحة في هذا الخصوص التي أسندت إلى المحكمة الإدارية اختصاص البت في النزاعات المتعلقة بها في آجال وجيزة جدا ومضبوطة من المشرع نظرا لخصوصية المادة.
إلاّ أنّ العملية الانتخابية قد تشهد تجاوزات مختلفة من طرف المترشحين وقد تكتسي تلك التجاوزات طابعا جزائيا أو ماليا، لذلك خصّص المشرع بابا خاصا بالجرائم الانتخابية وهو الباب السادس من قانون الانتخابات والاستفتاء وقد أسند فيهما الاختصاص لكل من القاضي الجزائي والقاضي المالي ممثلا في محكمة المحاسبات للبحث في تلك التجاوزات وما قد تستغرقه عملية البحث عن الحقيقة من وقت قد يطول ولا يتناسب مع الزمن الإنتخابي، وهو ما دفع المشرع إلى التنصيص على عقوبات يمكن تسليطها على الفائزين في الانتخابات بصورة غير شرعية على غرار فقدان العضوية من المجلس النيابي متى صدر في حقهم حكم بات بالإدانة.
يُستنتج ممّا سبق أنّ مسار النزاع الإنتخابي أمام المحكمة الإدارية المتّسم بالسرعة الفائفة لا يمكنه إطلاقا أن يلتقي بالمسار الجزائي بسبب طول إجراءاته ولضرورة صدور حكم بات في الغرض، وبالتالي هما مساران مختلفان تماما لا يلتقيان، فإذا التقيا فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وإذا ما علمنا أنّ الحكم أو الأحكام الجزائية التي يروم رئيس هيئة الانتخابات الإطلاع عليها قبل التصريح بالقائمة النهائية للمترشحين ليست باتة وأنّ إجراءات التحقيق في القضايا المتعلقة بها لا زالت جارية، فإن التصريح الذي أدلى به في هذا الخصوص يكون مخالفا للقانون وخلطا غير مبرّر للمسارين سالفي الذكر.
وفي الأخير لا يمكنني إلاّ أن أذكّر بمضمون الفصلين 24 و25 من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 18 لسنة 2014 المؤرخ في 4 أوت 2014 والمتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية:
الفصل 24 – تتولى الهيئة تنفيذ القرارات الصادرة عن الجلسة العامّة القضائية للمحكمة الإدارية شرط توصّلها بالقرار أو بشهادة في منطوقه.
الفصل 25 – يكون تنفيذ الأحكام أو القرارات بإدراج المترشح في قائمة المترشحين المقبولين نهائياً أو بشطبه منها.
أرجو أن لا تحيد الهيئة عن تطبيق القانون وتلتزم بتنفيذ أحكام المحكمة الإدارية كما تم التصريح بها حتى لا نكون أمام سابقة خطيرة أمام العالم بأسره.”