خلف استخدام السفارة الأمريكية بتونس لمصطلح “السكان الأصليون” خلال منشور يتعلق بتكريم الناشطة التونسية سعدية مصباح جدلا واسعا في تونس تلاقفتها العديد من وسائل الاعلام المحلية والأجنبية .
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية منحت الناشطة التونسية سعدية مصباح جائزة “أبطال مكافحة العنصرية الدولية”، وهي جائزة سنوية تقدمها واشنطن لنشطاء من المجتمع المدني ساهموا في محاربة العنصرية والتمييز وكراهية الأجانب بمختلف أنحاء العالم.
وعلقت السفارة الأمريكية في تونس بالقول: “كرست الناشطة التونسية حياتها لمحاربة التمييز العنصري والتعصب والدفاع عن حقوق التونسيين السود. تعتبر هذه الجائزة تقديراً لشجاعتها الاستثنائية وقيادتها والتزامها بالنهوض بحقوق الإنسان الخاصة بأفراد مجتمعات مهمّشة عرقية وإثنية وخاصة بالسكان الأصليين”، قبل أن تضطر لاحقا إلى حذف مصطلح “السكان الأصليين” بعدما أثار موجة استنكار واسعة.
ويعتبر المؤرخون والمتخصصون في علم الانسان تونس من أكثر الدول العربية والمتوسطية تجانسا إذ يمثل المسلمون السنة 98% من السكان مما ولد انتماء وطنيا قويا لدى التونسيين في غياب النزعات العرقية والطائفية. وتركيبة السكان حاليا هي مزيج من العرب والأمازيغ والفينيقيين والأوروبيين وبدرجة أقل من الأتراك والأفارقة.
يعتبر الأمازيغ هم أول من سكن البلاد لكن المحطة الأبرز في تاريخ تونس القديم تتمثل في وفود الفينيقيين الذي قاموا بتأسيس قرطاج في القرن التاسع قبل الميلادي. شهدت البلاد بعدها توافد كل من الرومان والوندال عليها. وفي القرن الثامن فتح العرب المسلمون البلاد عقبها مجيئ عدد كبير من العائلات والقبائل العربية (كبني هلال وبني سليم واليمنيين والقيسيين والأشراف) التي مالبثت أن إنصهرت بشكل كبير مع باقي السكان لتأخذ تركيبة البلاد منئذ شكلها الحالي. شهدت البلاد أيضا وفود آلاف الأندلسيين الذين إلتجئوا إليها بعد طردهم من قبل المسيحيين كما عرفت إبتدءا من القرن السادس عشر إستيطان عدد كبير من العائلات التركية.
ووفق تقرير لمنظمة العفو الدولية فانه يوجد 476 مليون نسمة من السكان الأصليين حول العالم المنتشرين في أكثر من 90 بلدًا. إنهم ينتمون إلى أكثر من 5,000 شعب من الشعوب الأصلية المختلفة ويتحدثون أكثر من 4,000 لغة. كما يمثل السكان الأصليون حوالي 5% من سكان العالم. والغالبية العظمى منهم – 70% – يعيشون في آسيا.
على الرغم من اختلاف عاداتهم وثقافاتهم، إلا أنهم يواجهون الوقائع القاسية نفسها: الطرد من أراضي أجدادهم، وحرمانهم من فرصة التعبير عن ثقافتهم، والاعتداءات البدنية، والمعاملة كمواطنين من الدرجة الثانية.
غالبًا ما تتعرض الشعوب الأصلية للتهميش، وتواجه التمييز المجحف في النظم القانونية للبلدان، مما يجعلها أشد عرضة للعنف والمعاملة السيئة. ويتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان من السكان الأصليين، الذين يجاهرون بأصواتهم، للترهيب والعنف، اللذين يقعان غالبًا بدعم من الدولة. بالإضافة إلى ذلك، قد يتعرض الأفراد للاعتداء البدني والقتل لمجرد انتمائهم لشعب من الشعوب الأصلية.
أدت الجهود السلمية التي تبذلها الشعوب الأصلية للحفاظ على هويتها الثقافية أو ممارسة السيطرة على أراضيها التقليدية، والتي غالبًا ما تكون غنية بالموارد والتنوع البيولوجي، إلى اتهامها بالخيانة أو الإرهاب.
ويُعد التمييز المجحف السبب في أن الشعوب الأصلية تشكل 15% من الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع في العالم. أما على الصعيد العالمي، فتعاني هذه الشعوب أيضًا من معدلات أعلى من عدم امتلاك الأراضي وسوء التغذية والنزوح الداخلي مقارنة بالفئات الأخرى.