زار السفير الأمريكي بتونس دونالد بلوم اليوم النصب التذكاري لمعركة ممر القصرين حيث وضع إكليلاً من الزهور تكريماً لأرواح الجنود الأمريكيين الذين فقدوا حياتهم سنة 1943 في معركة ممر القصرين. في منتصف فيفري 1943، قامت القوات الألمانية بالتقدم باتجاه ممر القصرين الذي كانت تسيطر عليه القوات الأمريكية، مما أدى إلى أول اشتباك كبير خلال الحرب العالمية الثانية بين قوات الحلفاء والمحور في شمال إفريقيا. وبفضل منحة من برنامج صندوق السفراء للحفاظ على التراث الثقافي الممول من الخارجية الأمريكية، يقف النصب التذكاري لممر القصرين اليوم شاهدا على موقع هذه المعركة المحورية.
معركة القصرين
جدّت وقائع معركة القصرين بين 13 و22 فيفري من سنة 1943 غرب البلاد التونسية وكانت معركة مفصلية لقوات الحلفاء في مسرح شمال إفريقيا خلال الحرب العالمية الثانية. ولكن بعض الدارسين قد القى بشكوكه حول المنتصر الحقيقي في المعركة حيث تكبّد الجانبان خسائر جسيمة طالت عساكر الحلفاء ومعداتهم واقتضت تعزيزهم بآلاف الجنود حتى تستعيد الوحدات القتالية قوتها. بينما أخفق الجانب الألماني في تحقيق هدفه الإستراتيجي المتمثل في اختراق ممر القصرين لعجزه عن الاستفادة من الأضرار التي ألحقها بمواقع الحلفاء. وكان من أبلغ نتائج المعركة تأثيرا إعادة هيكلة قيادة الحلفاء لوحداتها كي تعمل مع بعضها البعض بفعالية أكبر.
بدأت المعركة عندما شرعت قوات الجنرال الألماني إروين رومل في تشديد الضغط والتقدم باتجاه ممر القصرين واستولت على سيدي بوزيد. كابدت قوات الحلفاء أضرار جسيمة خلال الأيام الأولى من المعركة وكانت على وشك أن تباد بالكامل. وبينما كانت قوات المحور تتقدم، كان الحلفاء يتراجعون في الممرات الجبلية عبر الظهر الغربي لجبال الأطلس. تقدمت القوات الألمانية عبر ممر القصرين وتمكنت من مهاجمة إمدادات الحلفاء التي كانت بالممر. في اليوم التالي لهذا الاختراق، أوقفت مدفعية الحلفاء التدفق الألماني ثم أجبر نقص الوقود قوات رومل على الانسحاب شرقا.
ارتكب كلا الجانبين هفوات كبيرة، وكان تأثير الأحوال الجوية جليا في ساحة المعركة. تكبدت قوات الحلفاء خسائر بسبب تقصير قياداتها العليا في استطلاع تضاريس المنطقة على الوجه الأكمل علاوة على تكليفهم الوحدات بمهام فردية بدلاً من التركيز على العمل المشترك. كما تعرضت لخسائر فادحة جراء حالة الهلع التي أصابت القادة الميدانيين فلم يتصرفوا بشكل حاسم. بينما عانت القوات الألمانية من خط إمداد غير ناجع وبطء اتصالات بالقيادة العليا. كما أدت الأمطار الغزيرة إلى إبطاء تقدم قوات المحور، مما سمح لقوات الحلفاء بوقف حملتهم.
خرجت قوات الحلفاء إثر المعركة بخبرة كانت في أمس الحاجة إليها فتم تعيين قادة جدد لتجنب تكرار الكارثة التي حلت بهم. كانت خسائر الحلفاء هائلة إذ شملت آلاف الجنود ومئات المركبات. ولكن رغم هذه الخسائر الفادحة، لم تتمكن القوات الألمانية من تحقيق هدفها المتمثل في الاستيلاء على الإمدادات الحيوية. وقد أدى انتصارهم الذي كلفهم غاليا في هذه المعركة إلى قيام قوات الحلفاء بتحسين أداء القادة الميدانيين وأسلوب توجيه الوحدات في القتال من قبل القيادات العليا.