في ما يشبه عملية تشريح عميقة يقوم الأستاذ الجامعي والناشط السياسي مهدي عبد الجواد بتقديم جزء من العراقيل التي لاتنتهي أمام السياحة الصحراوية في بلادنا .. كتبها بقلم العارف بخفايا الأمور فهو ليس ابن مدينة دوز فقط بل هو قريب ومطلع جيد على المجال السياحي في تلك الربوع .
يقول عبد الجواد ” يبدأ الموسم السياحي للسياحة الصحراوية بداية من شهر أكتوبر حتى نهاية شهر مارس تقريبا. وهي الفترة التي يتوافد فيها السياح من كل أنحاء العالم ومن تونس أثناء العطل والمهرجانات الدولية ( مهرجان الصحراء بدوز/ مهرجان التمور بقبلي…). ويُمثّل هذا الموسم فرصة كبيرة لابناء منطقة دوز والقرى المجاورة ل”تدوير” العجلة الاقتصادية، مما يساهم في تحقيق تنمية حقيقية ويعود بالنفع على الجهة والبلاد.
لكن دولتنا العزيزة تواصل في سياسة التجاهل تجاه منطقة نفزاوة وخاصة نحو القرى والمدن السياحية التي لا يطلب ابناؤها منها شيئا غير القيام بواجباتها الدنيا:
– ولاية قبلي دون مندوب سياحة منذ أكثر من سنة ونصف، وينوبه مندوب ولاية قابس الذي لا يتنقل عادة إلى قبلي الا بصفته موظفا زائرا ( 150 كلم بين قابس وقبلي) وهو ما يعطل بشكل كارثي اشتغال إدارة السياحة بالمنطقة.
– غياب مندوب السياحة يجعل من توفير التراخيص المطلوبة لتنقل الوفود السياحية بالصحراء أمرا صعبا. بل مستحيلا للوفود التي تأتي إلى دوز نهاية الأسبوع.
– رخصة الصحراء تتطلب سلسلة من التراخيص فيها السياحة والولاية والحرس وهذا يتعاود كل مرة مع كل وفد سياحي وفي ذلك إهدار للجهد والوقت والمال، فضلا على بطء الحصول على التراخيص وشكل ذلك عائقا فعليا.
– سياسة التراخيص “غبية” إذ أن وكالات الاسفار المحلية لها تراخيص لمزاولة النشاط السياحي الصحراوي فلماذا تكرار تراخيص في كل رحلة؟
– يجبر أبناء الجهة على اصطحاب ادلاء سياحيين في الصحراء من خارج المنطقة، وهم لا معرفة لهم بالمنطقة ولا تاريخها ولا إضافة لهم، يحصلون على عمولات مرتفعة فيما الادلاء المحليين المختصين لا يُمنحون فرصة للعمل، ويطالب أبناء الجهة باجبار مرافقة دليل سياحي صحراوي لكل رحلة مثلما هو معمول به في كل بلدان العالم..
– تشترط أجهزة الدولة وجود هاتف خلوي مرتبط بالاقمار الصناعية، والدولة لا توفر نقطة بيع في دوز، والادهى أن الحرس يقوم بمصادرته وتدوين محاضر مخالفات حال العثور عليه لدى منظمي الرحلة. يعني يشترطه في منح الترخيص ويعاقب عليه إذا عثر عليه عنده.
– دوز هي مدينة السياحة الصحراوية والادارات في مدينة قبلي التي لا نشاط فيها، توزيع إداري بيرقراطي لأنها مركز الولاية.
– بطء في إسناد تراخيص النشاط وشهادات السلامة من إدارة الحماية المدنية، وتعطيل متعمد للباعثين الشبان لمخيمات سياحية ومراكز تنشيط سياحي واقامات ريفية، وذلك خدمة للوبيات السياحة في جهان اخرى، ومنعا لتطور قطاع السياحة بالمنطقة،
– تجاهل مطالب بعض الباعثين في الجهة لتصنيف مطاعم سياحية، والتباطؤ في إسناد منح الاستثمار التي ينص عليها القانون،
– في منطقة قصر غيلان، تحرص السلط المحلية والجهوية ومصالح السياحة وإدارة الحماية المدنية على منع تطور احد أجمل مراكز التخييم في العالم، برفض تقديم تراخيص واثقال كاهل المستثمرين واغراقهم في مسارات لا متناهية لتراخيص تجعلهم في دوامة حقيقية يهملون معهم مشاريعهم في منطقة تبعد على أقرب إدارة 100 كلم…
….
….
….
هذا قليل من كثير….
علامة على الخراب الذي يضرب هذه البلاد، والهدر الحقيقي الذي يمنع إنتاج الثروة والتنمية. أبناء دوز والجهة عموما لا ينتظرون شيئا من هذه “الدولة العاق”، يريدون حقهم في النشاط، وعدم تعطيل مشاريعهم. كثير مما ذكرته يطرح أسئلة على المستفيد من تدمير هذا القطاع في الجهة. متنفذو بقية الجهات؟ كبارات السياحة الساحلية؟ منافسو الجهة؟
كلها أسئلة مشروعة، تأتي في لحظة حاسمة في تاريخ تونس. وهي تحاول الإصلاح. وفتح آفاق جديدة وتكريس تنمية محلية تحقق طموحات أبناء دوز لان “الشعب يريد” قطاعا سياحيا منتجا ومتطورا.