وفقا للخبراء في عالم الاقتصاد فان المؤشرات الاقتصادية الأوروبية تؤكد تأثر القارة الأوروبية بالحرب في أوكرانيا، حيث ارتفع مستوى الفقر إلى 20% ما يعني أن واحد من كل 5 أشخاص في أوروبا بات فقيرا.
أن حالة الاتحاد الأوروبي ككيان موحد أخذة بالتلاشي، وأن فصل الشتاء القادم سيظهر هذا الأمر جليا عندما تبدأ الدول البحث عن الغاز بمفردها، وستعمل الدول التي تمر عبرها أنابيب الغاز إلى الاستحواذ عليه من أجل أخذ احتياجها منه قبل السماح بمروره لدول أخرى.
كانت الولايات المتحدة الأميركية تمد يد العون لأوروبا في العديد من المنعطفات التي مرت بها في وقت سابق، لكن في الوقت الحالي تعمل أميركا على عزل أوروبا والضغط عليها من أجل العمل على زيادة التسليح ودعم حلف شمال الأطلسي الناتو، وهناك قناعة أن واشنطن هي من أوعزت لمنظمة أوبك بلس خفض الإنتاج لزيادة الضغط على أوروبا.
كما أن زيادة التسليح في الدول الأوروبية يرفع خطر حصول مواجهات فيما بينها، بالإضافة للجوء بعض هذه الدول إلى الحصول على الغاز من جارتها ولو بقوة السلاح خلال الشتاء القادم قد يؤدي الى حدوث انقسام بين أوروبا، ولجوء بعض دولها إلى عقد هدنة أو صلح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل الحصول على الغاز.
وبفضل الانسياق الأوروبي وخاصة الفرنسي وراء الادارة الأمريكية كأنما هو عودة لبيت الطاعة بعد محاولة الرئيس ايمانويل ماكرون لي ذراع الادارة الامريكية حين اعلن في حوار مع مجلة الاكونوميست سنة 2019 ” أن “ما نعيشه حاليا هو موت سريري لحلف الناتو”، ويعود السبب في ذلك إلى نقض الولايات المتحدة التزاماتها تجاه حلفائها في الناتو، وتصرفات تركيا العضو في الحلف.
ودعا ماكرون إلى ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية لأوروبا “وتحديد الأهداف الاستراتيجية للناتو”.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان لا يزال مؤمنا بالمادة الخامسة من معاهدة الناتو، وتنص على ضرورة “الدفاع الجماعي”، أجاب ماكرون: “لا أعرف”.
ولكن ماكرون يعرف اليوم بعد ان حرق جميع مراكبه مع جاره الروسي وهو يندفع دون تردد للاستجابة للمطالب الأمريكية بمواصلة تزويد أوكرانيا بما تطلبه من سلاح ليطال أمد الحرب على حساب دافع الضرائب الاوروبي الذي ينتظر شتاء قاسيا اعاده الى ايام الحرب العالمية الثانية .
وما تفعله فرنسا ومن وراءها أوروبا شبيه بما فعله ذلك الرجل الذي يقوم بدفع نفقة جارته المطلقة بدلا عن طليقها .
وبعد فوات الاوان تعالت الانتقادات الأوروبية للإدارة الأمريكية في الآونة الأخيرة، وذلك بعد أن رفعت واشنطن أسعار بيع الغاز بأكثر من 4 أضعاف سعر البيع في السوق الأمريكية، وهو ما اعتبره الأوروبيون استغلالًا مرفوضًا للأزمة.
يأتي ذلك في الوقت إلى تدفع فيه واشنطن أوروبا لقطع واردات الغاز الغاز الروسية، إضافة إلى فرض سقف أسعار على إيرادات النفط والغاز الروسي.
وفي ظل غضب علني أوروبي بشأن ارتفاع أسعار الغاز، تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالحديث بصرامة عن مسألة أسعار الغاز مع مجموعة السبع.
وقال ماكرون بسخرية في كلمة له أمام مؤتمر عقد بباريس لرجال الأعمال: “سنقول لأصدقائنا الأمريكيين والنرويجيين، بروح الصداقة العظيمة: أنتم رائعون، (لأنكم) تزودوننا بالطاقة والغاز”.
وتابع ماكرون: “لكن هناك شيء واحد لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة، وهو أن ندفع أربعة أضعاف السعر الذي تقومون بالبيع به للصناعة لديكم، ذلك ليس المعنى الدقيق للصداقة.”
انتقاد ألماني
سبق ذلك انتقادًا ألمانيًا حادًا لأمريكا وبيعها الغاز الطبيعي بأسعار فلكية، إذ استنكر وزير الاقتصاد الألماني، طلب دول صديقة، في مقدمتها الولايات المتحدة، من ألمانيا، أسعاراً خيالية لتوريد الغاز من أجل تعويض وقف الشحنات الروسية.
وقال الوزير روبرت هابيك في مقابلة صحيفة: “بعض الدول، حتى الصديقة، تحصل أحيانًا على أسعار خيالية”.
ولجأت ألمانيا، كحال القارة الأوروبية بأكملها، بشكل خاص إلى الولايات المتحدة التي زادت صادرات الغاز الطبيعي المسال نحو أوروبا من 28 % إلى 45 % بين عامي 2021 و2022.