في تحدي لرئيس الجمهورية قيس سعيد الذي جمد أعمال البرلمان يوم 25 جويلية الماضي انتظمت
اليوم الخميس 27 جانفي 2022 جلسة عن بعد بتقنية “زووم” للاحتفال بالذكرى الثامنة لختم الدستور رغم تعليق اشغال البرلمان منذ يوم 25 جويلية 2021 بقرار من رئيس الجمهورية قيس سعيّد. وافتتحها راشد الغنوشي بتقديم بديل قال انه يتضمن حوارا وطنيا معتبرا ان الخروج من الازمة لا يمر الا عبر البرلمان الذي شدد على ان بامكانه تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية .
ونقل ماهر مذيوب مساعد الغنوشي المكلف بالاعلام في البرلمان المجمدة أشغاله بيانا لكلمة الغنوشي نشره اليوم على صفحته الرسمية بموقع “فايسبوك””جاء فيه : “انها لحظة فارقة فى تاريخ بلادنا نعيشها وفق ما يقتضي الامر من تحمل للمسؤولية تجاه بلادنا وابناء شعبنا. في مثل هذا اليوم تم ختم دستور الجمهورية التونسية والذى جاء نتيجة توافق وطني واسع وعلى إثر تضحيات متراكمة ومتواصلة بين الاجيال، عبدتها دماء الشهداء من كل الاعمار والجهات والاتجاهات. ومنذ تلك اللحظة اعتبرنا دستور الثورة خيمة تؤوي كل التونسيين، واصبح من الواجب الجماعي تجميع قوانا للاتجاه الى المستقبل ونحن نقف على ارضية صلبة موحدة ومشتركة”.
وأضاف ” لقد تم يوم 25 جويلية من السنة المنقضية الانقلاب على هذا المكسب الوطنى الكبير وتم تمزيق وحدة التونسيين التي تجلت فى دستورهم، واستمر الخروج عن الدستور فى كل الممارسات والاوامر التى صدرت عن رئيس الجمهورية. لقد تم تعطيل المؤسسات واغلاق الهيئات الدستورية من اجل تجميع السلطات في يد شخص واحد وهي لعمري المفسدة المطلقة . فما الذي تحقق بعد ستة اشهر من الانقلاب على الدستور ؟ ازمة مركبة مالية خانقة بدأت تفرض نفسها في اشكال كثيرة مثل التهاب الاسعار او غياب مواد اساسية ، او تأخر الدولة عن اداء مرتبات الموظفين والمتقاعدين او تخفيضها فضلا عن العزلة الدولية الخانقة التي تعيشها البلاد ،بما صنع وضعا اجتماعيا يتهيأ للانفجار وانقساما يتسع بين ابناء الشعب، تذكيه اعلى سلطة فى البلاد، وحالة من الغموض واللايقين “.
وتابع “مقابل كل ذلك اثبت التونسيون وقد استفاقوا من صدمة 25 جويلية تمسكهم بالدستور وبالديمقراطية وهم مستعدون للتضحية من اجل ترسيخ هذا المطلب والعودة الى ارضية الشرعية الدستورية والعيش المشترك، في وطن موحد ،يؤمن بالاختلاف، ويضع الاسس القانونية لحسن ادارته.. لقد تمت شيطنة مؤسسة البرلمان بتدبير مسبق من اجل الاستعداد للاجهاز عليه لما يمثل من رمزية ومن توازن بين السلط وكانت سياسة التشفي دليلا اخر على النية المبيتة. فالخلافات والاختلافات امر واقع داخل كل البرلمانات ولو تم تعليق اعمال البرلمانات التى تشقها الخلافات لما بقي من برلمان ديمقراطي واحد فى العالم فاحترام الاختلاف وترسيخه هو جوهر العملية الديمقراطية، وتمثل مؤسسة البرلمان اهم المؤسسات الكفيلة بادارة هذا الاختلاف، لانها تعبر عن الارادة العامة للشعب فتعكس ما فيه من تعدد وتنوع واختلاف”.
وواصل “كل الذين يضجرون من المختلف هم ضحايا كيان مستبد يعيش فى اعماقهم . وضمن شيطنة مجلس النواب تأتي سياسة اسدال ستار التعتيم على منجزاته وخاصة على صعيد ترسيخ الحريات والحقوق الاجتماعية ..ان بلادنا تواجه تحديات جساما ، ومسؤوليتنا جميعا مواجهة هذه التحديات التي لا مخرج منها الا بلحمة جماعية وتصميم على مواصلة السير فى الطريق الديمقراطي باستكمال مؤسساته الدستورية واحترام استقلال القضاء على قاعدة فصل السلطات “.
وقال “نحتاج كلنا الى نقد ذاتي بناء ومتواصل، والى مراجعات كبرى من اجل وطن امن مستقر ديمقراطي وعادل، التونسيون جديرون به لانهم اثبتوا فى كل المناسبات انهم اهل لرفع التحديات . ان الذين ادمنوا بث ثقافة الكراهية والتحريض والتقسيم والعداوة والبغضاء وشيطنة المخالف بدل ثقافة المواطنة وحب العمل واداء الواجب يقفون ضد ارادة الشعب وتوجهه نحو الحرية والمساواة بل هم خطر عليه جاثم..المؤكد ان ديمقراطيتنا الناشئة تمر بمطبات وصعوبات كبيرة ولكن اصلاحها لا يكون بالانقلاب عليها والذهاب نحو المجهول بل يكون باصلاحها من داخلها، اذ الديمقراطية تتفوق على جميع الانظمة بقدراتها الذاتية على التجدد والاصلاح، وهو ما يعنى ان الاصلاح الديمقراطي جوهره ضخ مزيد من الديمقراطية وثقافة المواطنة وليس الخروج عنها بالدعوة الى فاشيات جاثمة او شعبويات تائهة او ترتيب استشارات شكلية لتسويغ وتمرير خيارات احادية ارتكاسا بالبلاد الى اسوإ صور الاستبداد، وذلك بديلا عن المطلوب: حوار وطني شامل حول الخيارات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حوار وطني بين مختلف النخب ، لا يقصي طرفا، على غرار حوار 2013 “.
وأضاف “يمكن لهذا المجلس الموقر ان يسهم فيه، وذلك عن طريق تنظيم انتخابات عامة نيابية ورئاسية. ان كل الطرق الدستورية السوية للخروج من الازمة تمر بهذه المؤسسة الموقرة ….وفى الختام نتوجه باسمى عبارات الشكر والعرفان لابناء شعبنا الذين انجزوا ثورة من اهم الثورات فى التاريخ، ونحن على يقين بانهم مستعدون الى مزيد التضحيات ،لانهم مسكونون بارادة الحياة، والشعوب متى تمسكت بالحرية وارادة الحياة لن تعيقها نزوعات الاستبداد و الفاشيات ولا يفوتنا بهذه المناسبة ان نترحم على كل شهداء الثورة من كل الاتجاهات وآخرهم الشهيد رضا بوزيان”.
يُشار الى أنّه شارك في الجلسة عن بعد عدد من رؤساء الكتل منهم أسامة الخليفي وسيف الدين مخلوف وعماد الخميري والصافي سعيد وعياض اللومي ونائبة رئيس البرلمان المجمدة انشطته سميرة الشواشي .