أعربت اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، في بيان مطول أصدرته اليوم ” عن صدمتها وبالغ استيائها إزاء إستمرار السُلطات التونسية في طرد وإبعاد مئات المهاجرين نحو الحدود التونسية- الليبية، وإجبارهم على السير مسافات طويلة في الصحراء دون ماء أو طعام، ووسط درجات حرارة تلامس 50 درجة مئوية. “
و قالت اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، انهاكما تُتابع بقلقٍ بالغ المعلومات الأولية الواردة إلى قسم الشؤون الإنسانية والطوارئ وقسم شؤون الهجرة غير النظامية باللجنــة، بشأن وقوع حالات جديدة لوفاة للمهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء المتواجدين على الحدود الليبية التونسية، حيث تُفيد المعلومات بوفاة عدد ( 12 ) مهاجرًا من بينهم ” ثلاثة نساء وطفلين ” جراء بقائهم بدون طعام وماء وفي العراء وأجواء الطقس السيئة ودرجات الحرارة العالية في مناطق صحراوية نائيه تنعدم فيها كامل مقومات الحياة، هؤلاء الضحايا اللذين لقوا حتفهم جراء المعاناة الإنسانية التي مروا بها كانوا من ضمن المهاجرين اللذين قامت السُلطات التونسية بنقلهم من عديد الولايات التونسية التي كانوا متواجدين بها إلى الحدود الليبية التونسية. “
وفي هذا الإطار أعربت اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، ” عن شديد إدانتها واستنكارها حيال هذه الممارسات اللاإنسانية بحق هؤلاء المهاجرين وطالبي اللجوء المتواجدين على الأراضي التونسية من قبل السُلطات التونسية التي فرضت عليهم هذه المعاناة اللإنسانية جراء نقلهم إلى الحدود التونسية- الليبية، وفرضت عليهم البقاء في العراء بمناطق صحراوية نائيه تنعدم فيها كامل مقومات الحياة مع درجات الحرارة العاليه وإنعدام الماء والطعام والدواء،
وحملت اللجنــة، السُلطات التونسية كامل المسؤولية القانونية والإنسانية الكاملة جراء هذه الأزمة الإنسانية التي أفتعالتها على حدودها مع الجانب الليبي، وتوظيفها لغايات سياسية، بغية تحقيق مكاسب سياسية مع الجانب الأوروبي على حساب إلتزاماتها القانونية والإنسانية المُلقاة على عاتقها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولى الإنساني واتفاقية حماية اللاجئين 1951 المصادقة والمنضمة إليها جمهورية تونس.
هذا وقد سبق وإنٌ وثّق قسم تقصى الحقائق والرصد والتوثيق وقسم شؤون الهجرة غير النظامية وقسم الشؤون الإنسانية والطوارئ باللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، شهادات ورويات وإفادات المهاجرين طردتهم السُلطات التونسية واستطاعوا الوصول إلى ليبيا بعد رحلة مميتة في الصحراء، إذ قال بعضهم : ” إنّ قوات الأمن التونسية أوقفتهم وصادرت جوازات سفرهم ووثائقهم الرسمية وأجبرتهم على إحراقها، ثم نقلتهم إلى نقطة قريبة من الحدود الليبية قضوا فيها ليلة كاملة في ظروف إنسانية غاية في السوء بدون طعام ولا ماء ، قبل أن تجبرهم تحت التهديد والضغط على التوجه إلى الحدود الليبية”
وكما ” أبلغ المهاجرون عن تعرّضهم لاعتداءات عنيفة على يد قوات حرس الحدود التونسي، شملت تكديس أعداد كبيرة منهم في مساحات صغيرة لساعات طويلة، وإطلاق الكلاب البوليسية عليهم، والضرب بالأيدي والقضبان الحديدية، وإطلاق النار على مسافات قريبة جدا منهم لترهيبهم، إلى جانب الإهانات اللفظية والنفسية، ما أدّى إلى إصابة عدد منهم بكسور وجروح مختلفة “
واطّلعت اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، على مقاطع فيديو منفصلة التقطها عناصر في اللواء 19 حرس الحدود التابع للجيش الليبي وجهاز حرس الحدود التابع لوزارة الداخلية لعشرات المهاجرين على الحدود التونسية- الليبية في حالة إنسانية مزرية، كما أظهرت المقاطع جُثث عددًا من المهاجرين، بينهم نساء وأطفال، قضوا على الحدود إثر الجفاف والعطش والجوع ودرجات الحرارةالعالية، ونقلتهم سيارات إسعاف تابعة لجهاز الطب والطوارئ إلى المستشفيات القريبة من الحدود الليبية.
وتنحدر الغالبية العظمى من المهاجرين المبعدين من تونس من دول أفريقيا جنوب الصحراء، إذ تصاعدت حملات طردهم إثر أعمال العنف التي اندلعت مطلع شهر جويلية الجاري بين تونسيين ومهاجرين في مدينة صفاقس، وشهدت مقتل شاب تونسي، وجرح عشرات المهاجرين، إلى جانب أعمال انتقامية ضدهم مثل الاحتجاز والتعذيب والإهانة، وصولًا إلى الطرد القسري.
وتُؤكد اللجنــة الوطنيــة لحقــوق الإنســان بليـبيـا، على إنّ “الطرد القسري للمهاجرين على يد السلطات التونسية في ظروف مميتة قد يرقى إلى القتل العمد، وينبغي التعامل معه على هذا الأساس”.
كما أنّ “السُلطات التونسية لم تكتف بتنفيذ حملات طرد جماعي للمهاجرين على أساس عنصري، بل دفعتهم نحو الحدود التونسية- الليبية في مخالفة فجّة لالتزاماتها القانونية والأخلاقية ذات العلاقة، والتي تفرض عليها توفير الحماية للمهاجرين، وضمان عدم تعريضهم للمعاملة السيئة”.
وتُجدد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، تأكيدها على أن مُمارسات السُلطات التونسية إتجاه نقل المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء المتواجدين على أراضيها إلى الحدود الليبية التونسية المشتركة وابعادهم بشكلٍ قسري إلى ليبيا بتواطؤ من وزير الداخلية المُكلف بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، منافية للقيم الانسانية وللقانون الدولي الانساني، وكما تُشكل تصرفات السُلطات التونسية انتهاكًا واضحًا لأحكام إتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، التي صادقت عليها تونس عام 1957.
حيثُ تنص إتفاقية منظمة الوحدة الافريقية حول النواحي الخاصة بمشاكل اللاجئين في أفريقيا لسنة 1969 على التالي : “لا يجوز أن يتعرض أي شخص من قبل دولة عضو لتدابير مثل رفض الدخول على الحدود أو الإعادة القسرية أو الطرد التي من شأنها أن تلزمه بالعودة أو البقاء في إقليم حيث تكون حياته أو سلامته الجسدية أو حريته مهددة للأسباب المذكورة في المادة 1, الفقرتين 1 و 2 “. و بالتالي ، فإن عمليات الترحيل إلى ليبيا ، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها دولة آمنة لإعادة المهاجرين إليها ، لا تمتثل للقانون الدولي والإقليمي ومبدأ عدم الإعادة القسرية. ونود أن نشير إلى أن عمليات الطرد التعسفي الغير القانونية التي تقوم بها الدولة قد أصبحت ممارسة شائعة.
ان هذه الحادثة تعتبر هي الأكثر خطورة بحكم أن ليبيا بلد لا يُوجد به تشريع متعلق بحق اللجوء، وغير منظمة لإتفاقية 1951م الخاصة بوضع اللاجئين، ولا يمكن القبول بممارسات السُلطات التونسية التي تحاول من خلالها التنصل من مسؤولياتها القانونية والإنسانية من خلال نقل اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين المتواجدين على أراضيها، بقصد اجبارهم على الدخول إلى ليبيا، وتحميل ليبيا مسؤولية السُلطات التونسية إتجاه المهاجرين المتواجدين على أراضيها.
ويستوجب على السُلطات التونسية مُعالجة هذه المسألة انطلاقًا من المسؤوليات والالتزامات القانونية المُلقاة على عاتقها، في إطار الحفاظ على الحياة البشرية، والإحترام الكامل للكرامة البشرية، وضمانات إحترام حقوق الإنسان والقانون الدولى الإنساني في هذا الشأن، والمواثيق الدولية ذات الصلة، بما يكفل إحترام البُعد الإنساني وضرورة احترامه، باعتبار هؤلاء ضحايا لشبكات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر قبل أن يكونوا مهاجرين غير نظاميين.
وكما تدعو اللجنــة، السُلطات التونسية إلى وقف هذه الإجراءات التعسفية ومعاملة المهاجرين بكرامة وإنسانية، وبما يتماشى مع التزاماتها الدولية في هذا الشأن.
وفي هذا الإطار فإن اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، تدعو مفوضية الاتحاد الأفريقي للتدخل الفوري لوقف الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السُلطات التونسية ضد المهاجرين، والتي أسفرت عن وفاة عدد ( 12 ) حالة وفاة خلال الأيام الماضية.
وتُطالب اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإنشاء لجنة تقصي حقائق خاصة للتحقيق في ممارسات السُلطات التونسية ضد المهاجرين، بما في ذلك تحديد المسؤولين عن حملات الطرد الجماعي القسرية، والتي تسببت بوفاة عدد منهم بعد إرغامهم على عبور الصحراء نحو الحدود التونسية- الليبية في درجات حرارة قياسية ودون طعام أو ماء.
وتُؤكد اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، على ضرورة تحريك دعوى قضائية أمام محكمة حقوق الإنسان الأفريقية ضد السُلطات التونسية للنظر في انتهاكاتها الخطيرة ضد المهاجرين، إذ تُعد تونس إحدى ثماني دول أفريقية تعترف باختصاص المحكمة بتلقي قضايا مباشرة من المنظمات غير الحكومية والأفراد.
وكما تحثّ اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب- إحدى أجهزة مفوضية الاتحاد الأفريقي- على الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه سياسات السُلطات التونسية غير القانونية تجاه المهاجرين، والعمل مع السُلطات لإنهاء الانتهاكات الواقعة على المهاجرين.
وأمام تفاقم هذه المعاناة الإنسانية غير المسبوقة التي يمر بها المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء المتواجدين بالمناطق الحدودية التونسية الليبية، والتي أدت إلى وفاة عددًا من المهاجرين جراء الأوضاع الإنسانية والصحية التي يمرون بها وانعدام الماء والطعام والدواء ومقومات الحياة، وإنطلاقاً من الواجب والمسؤوليات الإنسانية والدينية والأخلاقية إتجاه هؤلاء المهاجرين المستضعفين وخاصّة منهم النساء والأطفال والعجزه والمرضى، وتقديراً للظرف الإنساني والاستثنائي الذي يمرون به جراء المعاناة الإنسانية التي فرضتها عليهم السُلطات التونسية، فإن اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، تُشّدد على أهمية إستمرار التزام السُلطات الليبية بمعايير حقوق الإنسان في إستقبال وحماية المهاجرين الواصلين من الحدود التونسية، إلى جانب ضرورة تحرّك المنظمات الإنسانية والإغاثية المعنية للاستجابة للاحتياجات الإنسانية والطبية الطارئة للمهاجرين، بما في ذلك دعم جُهود توفير الطعام والماء والمأوى والرعاية الطبية لمحتاجيها.
وختاماً: تُثمن اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، جُهود الهلال الأحمر الليبي، وفرق طب الطواريء، والخبرة القضائية، والطب الشرعي، وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، وحرس الحدود بالجيش الليبي ، وجهاز حرس الحدود في تقديم المساعدات وإنقاذ حياة المهاجرين على الحدود بين تونس وليبيا، وكما تُشيد بسرعة الإستجابة الإنسانية والطبية وتوفير المساعدات الانسانية والطبية للمهاجرين المتواجدين على الحدود التونسية – الليببةمن قبل المنظمات الدولية والأممية ووكالات الأمم المتّحدة العاملة في مجالات الهجرة والشؤون الإنسانية والطفولة