يقبع المخرج السينمائي عصام بوقرّة منذ 6 اشهر في السجن بتهمة استهلاك القنب الهندي من دون ان يحدد تاريخ لجلسة محاكمته. ولعصام بوقرّة قصة تحدي وتعلق كبير بعالم السينما، حيث درس بالمعهد العالي لعلوم وتكنولوجيات التصميم بالدندان ثم واصل دراسته في السينما بأمريكا. وعند عودته لتونس اخرج للتلفزة برنامج “رفعت الجلسة” ومسلسل “شبيك لبيك” كما اخرج فيلم “فراشة” (انظر الرابط). ومن المنتظر ان ينطلق فور خروجه من السجن في اخراج فيلمه الطويل الاول “10628” الذي يتناول تجربة سجنية تطرح جملة من القضايا الراهنة حول المنظومة الأمنية والعدلية في علاقة بالشباب.
ولعل ما يحدث مع المخرج عصام بوقرّة بمثابة احدى الشجرات التي لا يجب ان تحجب الغابة، غابة الاف التونسيين الذين يقبعون خلف القضبان بسبب جونته استهلكوها فوجدوا انفسهم في السجن، ما عدى من تتوفر لهم علاقات وامكانيات فيشغّلون ماكينة المعارف والرشاوى، وقد اضطرت احدى العائلات مؤخرا لتسفير ابنتها خارج البلاد لتنقذها من السجن بعد ان تم ايقافها مع عدد من اصدقائها بصدد الاستهلاك.
ورغم المصادقة عل تنقيح القانون عدد 52 لسنة 1992 سنة 2017، بما يقضي بتخفيف العقوبة على مستهلكي المخدّرات المبتدئين، فانّ سجن المئات من الشبان التونسيين يتواصل سنويا مع تسجيل تأخير في محاكماتهم قد يصل العام والنصف مما يجعلهم يقضون عقوبتهم وزيادة في انتظار المثول امام القضاء. وقد اكدت عديد الشهادات مضار السجن على الشبان الموقوفين وتدميره لنفسية العديد منهم، وقد غادر كمّ هائل السجون التونسية فاقدين لمساراتهم الدراسية او المهنية ولروابطهم الاسرية فضلا عن المشاكل التي تطرحها اعادة ادماجهم في المجتمع.
وتدعو عديد الاصوات الحقوقية والمدنية الى اعادة النظر في هذا القانون مرة اخرى وسنّ عفو شامل على المتسهلكين –لا المروجين- مع اطلاق حملة تحسيس على المستوى الوطني تكون كفيلة بقلب الموازين في ما يخص اضرار الاستهلاك والتوعية بضرورة الانخراط في الحياة الثقافية والرياضية من اجل التخفيف من افة الاستهلاك فضلا عن شنّ حملة تشمل بارونات تهريب المخدرات ووضع حد لتجارتهم. فهل من استفاقة تسمح بطي صفحة الماضي واتباع سياسة جديدة بشأن استهلاك المخدرات بالاضافة الى التخفيض عن الضغط العددي المسلط على السجون؟
المصدر : شيراز بن مراد