زيارة تبون إلى موسكو، لم تمنع روسيا من التوجه نحو المغرب فهم لايريدون وضع جميع بيضهم في سلة واحدة اذ عقدت الأخيرة اجتماعا في شخص ميخائيل بوغدانوف، الممثل الخاص لرئيس الاتحاد الروسي للشرق الأوسط وإفريقيا ونائب وزير الشؤون الخارجية الروسي، مع لطفي بوشعرة، سفير المغرب في روسيا، قصد التحضير للقمة الروسية الإفريقية.
يأتي تعويل موسكو على الرباط لإنجاح القمة المرتقبة مع الدول الإفريقية في ظل سعيها إلى توسيع شراكتها مع القارة الإفريقية، التي تراها “منفذا خصبا” للتوسع السياسي والاقتصادي، بعد “الخناق المتزايد” من قبل المنتظم الغربي.
وعلى الرغم من المحاولات التي تقوم بها روسيا لفك هذا “الحصار”، آخرها وقف صادرات القمح الأوكرانية، فإن “الخناق الغربي” يتزايد بشكل كبير؛ ما يستدعي استعجال خطط بوتين لدخول القارة الإفريقية. ولتحقيق هذه الخطط، تبدو الرباط “ورقة مهمة”؛ بالنظر إلى اعتبارها “بوابة العالم نحو القارة السمراء”.
محمد زين الدين، محلل سياسي، قال إن “روسيا تعول بشكل كبير على المغرب لإنجاح القمة الروسية الإفريقية، باعتبار الرباط فاعلا أساسيا في القارة الإفريقية ومفتاحا لها للتعزيز التقارب الاقتصادي مع الدول الإفريقية”.
وأورد زين الدين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “موسكو ذكية في سياستها الخارجية، ولم ترمِ كل بيضها في سلة واحدة بعد زيارة تبون، بل سعت بعد ذلك إلى محادثة المغرب حول القمة مع إفريقيا”.
وشدد المتحدث عينه على أن “المغرب يعلم جيدا الطموح الروسي في القارة الإفريقية، كما ينهج في الوقت ذاته سياسة متنوعة حيال الشركاء الدوليين؛ الأمر الذي يجعل السياسة المغربية الروسية متقاربة إلى حد كبير”.
وتابع المحلل السياسي عينه: “جميع دول العالم تتنافس على القارة الإفريقية، والمغرب حاضر في نطاق هذا التسابق”، مبرزا أن “الرباط وجهة لكبريات الدول التي تسعى إلى الدخول إلى القارة الإفريقية، وقمة موسكو مع القارة السمراء ستكون على هذا النهج”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “المصالح الاقتصادية تفوق كل اعتبار لدى سياسة الكريملين، وتعزيز الأخير للعلاقات مع الجزائر لن يغيب الفرص الواعدة التي يقدمها المغرب في القارة الإفريقية”.
الوضعية الحقيقية
أفاد محمد نشطاوي، خبير في العلاقات الدولية، أن “موسكو ترى المغرب شركا استراتيجيا ومهما، وبوابة مثالية للدخول إلى القارة الإفريقية”.
وأضاف نشطاوي، في تصريح لهسبريس، أن “روسيا تعول كثيرا على المغرب للحفاظ على مصالحها بالقارة الإفريقية. لذلك، سعت إلى الإبقاء على موقف إيجابي في قضية الصحراء”.
حسب المتحدث ذاته، فإن “الكريملين يرى المغرب بواقعية سياسية، وليس من خلال الرواية التي تقدمها الجزائر، والتي غالبا ما تتم عبر معطيات غير صحيحة ومشوهة؛ وهو ما حدث في زيارة تبون الأخيرة”.
وخلص الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “الاستقرار الروسي بالمنطقة يجب أن يمر أيضا عبر علاقات ودية مع المغرب، وليس فقط الجزائر”، مؤكدا أن “موسكو، كما هو الحال لدى العديد من الدول بالعالم، تسعى إلى موازنة علاقاتها مع الحلفاء الاستراتيجيين”، لافتا إلى أن “الاجتماع الأخير مع السفير المغربي جاء في هذا السياق”.