توقع المنذر لونيسي الرئيس بالنيابة لحركة النهضة الإسلامية أبرز حزب معارض للرئيس قيس سعيد، أن “نظام 25 جويلية ” سيأتي إلى الحوار آجلا أم عاجلا، مشيرا إلى مراجعات داخل الحركة لإعادة تقديم نفسها للتونسيين عبر مؤتمرها القادم في أكتوبر المقبل، رغم قرار السلطات المستمر بغلق مقراتها.
وأدان لونيسي قرار السلطات بالاستمرار في غلق مقرات الحزب منذ منتصف أفريل الماضي على الرغم من انتهاء إجراءات التفتيش بالكامل.
واعتبر لونيسي الذي يعمل طبيبا أيضا في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن “الاستمرار في قرار الغلق هو محاولة لتعطيل نشاط الحركة بشكل فج وبقرار غير قانوني. الصراع السياسي حلبته الانتخابات والواقع السياسي”. وتابع: “المقرات في حالة افتكاك…ليس لدينا ما نخفيه ونشاطنا قانوني”.
ولم تذكر السلطات الأمنية أو القضائية أسباب الاستمرار في غلق مقرات الحزب ومنع أنشطته مؤقتا ولكن مراقبين لم يستبعدوا وجود نوايا بتجميد نهائي لأنشطة الحركة وربما حلها في ظل وجود عدد كبير من القياديين في السجن. ووفق الرئيس المؤقت للحركة، يقبع في السجن 25 قياديا وعضوا من منتسبيها وفي مقدمتهم زعيمها ومؤسسها راشد الغنوشي، بشبهات التآمر على أمن الدولة وقضايا أخرى تتعلق بالإرهاب وتبييض أموال. وتقول الحركة إنها تهم “ملفقة وكيدية” ولا سندات قانونية لها. وقال لونيسي: “حل الأحزاب هو بيد القضاء. وما يحصل هو المرور بالقوة واستغلال للنفوذ ولآليات الدولة. نحن نضع في اعتبارنا إمكانية اللجوء إلى التجميد أو الحل. وإذا حصل هذا نحن سنتجه إلى القضاء وليس هناك من شك أننا سنربح في هذا المسار”. وأعلنت حركة النهضة أنها ستمضي قدما في تنظيم مؤتمرها الإنتخابي في تشرين الأول/أكتوبر المقبل. وكان المؤتمر مقررا بداية في 2020 لكن تم تأجيله بسبب جائحة كورونا ومن ثم حالت التطورات السياسية في البلاد دون تنظيمه. وتواجه الحركة التي شهدت موجة استقالات لقياديين من الصف الأول، خلافات داخلية بشأن إصلاح هياكل الحزب ولا سيما النقطة المتعلقة باستمرار رئاسة الغنوشي الزعيم التاريخي للحركة منذ تأسيسها والدعوات إلى تنحيه. وقال لونيسي: “تعويض راشد الغنوشي صعب من ناحية الكاريزما والزعامة ولكن سنة الله في الأرض هي التداول”.
وتابع الرئيس المؤقت للحركة: “أولويتنا في المؤتمر هو تجديد الأفكار والمرجعية والعودة إلى التونسيين عبر طرح اقتصادي واجتماعي جديد”. وأوضح أن “العودة إلى التونسيين تتطلب خيارين، إما أن القيادة القديمة تراجع نفسها وتأتي بأفكار جديدة أو تصعيد قيادة بديلة وجديدة بالكامل. هذا سيحسم فيه المؤتمر”. وحتى الآن لم تعلن قيادات بعينها في الحركة رغبتها في خلافة الغنوشي ولكن المنذر لم يستبعد ترشحه للمنصب، مضيفا: “لما لا. لم أحسم أمري بعد”. وفي حال عدم السماح بإعادة فتح مقرات الحزب أو عدم الحصول على التراخيص من السلطات، رجح لونيسي تنظيم المؤتمر عن بعد و”بمن حضر”. وقال لـ(د.ب.أ): “نحن نعمل تحت التهديد”. وأضاف: “نحن نريد عودة المسار الديمقراطي إلى التونسيين نحن جديرون بالحرية. لا يحق لأحد أن يحرم التونسيين من هذا الحق بجرة قلم”. ويعتبر رئيس حركة النهضة بالنيابة أنه ليس هناك من خيار آخر سوى الحوار لإنهاء الأزمة المعقدة التي تتخبط فيها البلاد بما في ذلك شبح الإفلاس والأزمة المتفاقمة للهجرة وندرة السلع الغذائية. ودعا لونيسي إلى حوار “دون إقصاء” ومن دون شروط مسبقة يشارك فيه الرئيس قيس سعيد مع الالتزام بإطلاق سراح “المعتقلين السياسيين” وإيقاف المحاكمات وإشاعة الثقة بين التونسيين. وأوضح أن “تونس تحتاج إلى حوار دون إقصاء وليس إلى مشروع شخصي وحكم فردي لم يقدم بتونس”. وقال لونيسي :”تونس انهارت في غفلة من النظام الجديد لأنه ركز أولوياته على تثبيت الوضع السياسي وإقصاء الأحزاب… الآن هم في مأزق”.
ومنذ إعلان قراراته في 25 جويلية 2021 رفض الرئيس التونسي دعوات سابقة من الداخل ومن شركاء تونس في الخارج، بإطلاق حوار وطني تشارك فيه الأحزاب بما في ذلك المعارضة والمنظمات والنقابات. وقال سعيد الذي عزز من سلطاته بشكل كبير في نظام الحكم الذي أرساه، إنه يريد “تصحيح مسار الثورة” ومكافحة الفساد في مؤسسات الدولة وتطهير الإدارة. وتتهمه المعارضة بالتأسيس لحكم فردي. وقال لونيسي لـ (د.ب.أ): “منظومة 25 جويلية جويلية ستأتي إلى الحوار آجلا أم عاجلا. الأفضل أن يتأتي هذا الحوار عن قناعة بدل أن يحصل ذلك لاحقا عن اضطرار”. وأضاف: “منظومة 25 فشلت على كل الأصعدة ومن الحكمة العودة إلى الأصل وفتح انتخابات مبكرة وإتاحة الفرصة للجميع للمشاركة والعودة إلى التونسيين للاختيار”. وتابع لونيسي :”نحتاج إلى الحوار والتنازل من أجل الوصول إلى بر الأمان”.