في مقال تحليلي حول مستقبل العلاقات التونسية المغربية قال الباحث المغربي محمد شقير “إن عودة العلاقات الثنائية مع تونس إلى طبيعتها رهين بالاعتراف بمغربية الصحراء، ”
وفي مقاله يقول شقير “رأى بعض المتتبعين للعلاقات المغاربية أن الاتصال الهاتفي واللقاء الذي جمع مؤخرا بين وزير الخارجية ناصر بوريطة ونظيره التونسي محمد علي النفطي، على هامش منتدى التعاون الصيني الأفريقي في العاصمة بكين، قد يكون فرصة لإعادة الدفء للعلاقات التونسية المغربية والتمهيد لعودتها إلى طبيعتها، مستندين في ذلك إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد المصافحة بين رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش ووزير الخارجية التونسي على هامش الاحتفال الدولي بالذكرى الثمانين لإنزال بروفانس في فرنسا. لكن يبدو أن رسائل التودد التي تبادلها هؤلاء المسؤولين على هامش اجتماعات دولية، لا يمكن أن يتم البناء عليها للدفع بإمكانية تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين؛ نظرا لأنها تدخل ضمن مجاملات دبلوماسية، ونظرا أيضا للوضع السياسي الغامض الذي ما زال يكتنف العلاقات الرسمية بين البلدين المغاربيين.”
المجاملات الدبلوماسية بين البلدين
على الرغم من الاهتمام الإعلامي في كل من تونس والمغرب الذي حظي به اللقاء الذي جمع بين رئيس الحكومة المغربية ووزير خارجية تونس الأسبق في باريس، واللقاء الذي جمع وزيري خارجية البلدين ببكين، إلا أن الأمر لا يمكن إلى حد الآن إلا أن يندرج ضمن المجاملات الدبلوماسية الذي جرى عليها التقليد في تعامل الدول فيما بينها، بدليل أن برقيات التهنئة التي يتبادلها كل من العاهل المغربي والرئيس الجزائري في كل مناسبة وطنية أو دينية لم تعكس أي انفراج في العلاقات المتوترة بين البلدين الجارين لأكثر من عقدين على الأقل، لا سيما وأن سبب القطيعة السياسية بين البلدين، التي استدعي فيها السفير المغربي للعودة من تونس، كانت على إثر استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي للمشاركة في الدورة الثامنة لقمة “تيكاد”، التي نظمتها اليابان بالشراكة مع الاتحاد الأفريقي في شهر غشت 2022، في الوقت الذي حدد فيها العاهل المغربي المتحكم في صنع السياسة الخارجية التي تعتبر مجالا ملكيا محفوظا، علاقات المملكة مع شركائها وفق مواقفها من قضية الصحراء، حيث ظهر ذلك جليا مع جل الدول الاوروبية، بما فيها إسبانيا وفرنسا..
ولعل هذا الوضع السياسي غير المستقر في تونس سيزيد من غموض التحرك الدبلوماسي التونسي، ويجعل من الصعب تحديد كيفية تعامل السلطات التونسية مع المغرب، خاصة في ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية التونسية التي تفتح المجال لكافة السيناريوهات الممكنة، والتي قد تؤدي إلى تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية لتونس، مما يزيد من عدم اليقين في العلاقات بين البلدين. في حين بالنسبة للمغرب، فإن عودة العلاقات الثنائية مع تونس إلى طبيعتها رهين بالاعتراف بمغربية الصحراء، وهذا ما تم اعتماده مع فرنسا وإسبانيا وغيرها من الدول التي كانت تناكف المغرب في صحرائه وتونس لن تخرج عن هذا المنحى الذي رسمه عاهل البلاد