ويقبع رئيس الحركة في السجن منذ يوم الخميس 20 أفريل 2023 .
وتقول يسرى راشد الغنوشي، إن والدها كتب المقال قبل أسبوعين، وحاول فيه شرح الوضع الحالي في تونس، وأراد أن يقدم صورة عن جهود المعارضة لإعادة الديمقراطية والحلول التي تقدمها لحل الأزمة الاقتصادية والسياسية، وأصبح مرة ثانية في سن الـ81 عاما بالسجن، حيث اعتقل الأسبوع الماضي بتهمة التآمر ضد الدولة الأمنية، قبل ثلاثة أيام من عيد الفطر، ولا تزال كلماته مهمة وتحمل دلالات ماسة.
وجاء في مقال الغونشي: “طوال العقود الست الماضية حاولت التمسك بمبدأ بيركليس، وهي أن الحرية ملك الذين لديهم الشجاعة للدفاع عنها، حيث قضيت وقتا طويلا في أقبية الديكتاتوريين، وتعرفت بالتجربة على قيمة الديمقراطية ولماذا يجب الدفاع عنها بأي ثمن. ولأني كافحت من أجل الحرية والتعددية السياسية في بلدي طوال الأربعين سنة الماضية، فلن أتوقف الآن”.
وأضاف الغنوشي أن “تونس أصبحت بعد ثورة 2011 رمزا لكل المنطقة العربية والعالم. إلا أن الجهود المضنية لبناء الديمقراطية تم التراجع عنها في خلال الـ21 شهرا الماضية على يد الرئيس قيس سعيد الذي بدأ عملية الاستيلاء على السلطة في 25 تموز/ يوليو 2021. وأمْلت علي مبادئي أن أتحدث ضد الانقلاب منذ ذلك الوقت”.
وتابع: “رغم كل المحاولات المتكررة للتواصل مع سعيد لمصلحة إنقاذ بلدنا من الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي أغرق البلاد بها، كان رده المستمر هو اعتقال وسجن وشيطنة المعارضة بمن فيهم أعضاء في حزبي، الإسلاميون الديمقراطيون، النهضة، وعدد من عناصر المعارضة والصحافيين والقضاة وقادة المجتمع المدني ورجال الأعمال الذي واجهوا التخويف والطرد والاتهامات الواهية”.
وقال: “أنا وحدي رُفعت ضدي وضد أفراد عائلتي عشرة ملفات زائفة أمام المحكمة، وعانيت ساعات وأياما طويلة من التحقيقات في المحاكم. ومع تجريد القضاء من استقلاله، لم يعد أي معارض آمنا من الاعتقال”.
وقال الغنوشي إن رموزا من المعارضة والأحزاب والمجتمع المدني عملوا في الأشهر الأخيرة دونما كلل لبناء حلول متماسكة للأزمة الحالية. وتضم هذه مقترحات لإعادة عمل مؤسسات الديمقراطية الشرعية والتي حلت أو تم تقويض عملها، إلى جانب مقترحات لتعديل دستور 2014 ومعالجة القصور وتقوية المحكمة الدستورية من أجل منع أي ميول استبدادية من إساءة استخدام الدستور مرة ثانية.
وفي مجال الاقتصاد، تقدم الخبراء داخل المعارضة ببرنامج إصلاح يمكن أن تطبقه الحكومة الجديدة، والتي ستكون أولويتها منع البلاد من الانهيار. وعندما كانت التحضيرات جارية لتقديم خطة الطريق للرأي العام، بدأت جولة جديدة من الاعتقالات التي استهدفت قادة سياسيين.
فقد كان سعيد عازما على منع التقدم إلى الأمام، وتدمير أي حلول بديلة للنظام الديكتاتوري الذي يقوم ببنائه.
وأضاف الغونشي: “نرى نتائج هذه الأزمة واضحة في تونس. شعور عام باليأس الذي دفع آلاف التونسيين لمحاولة عبور البحر المتوسط إلى أوروبا وبطرق غير شرعية، مما أدى إلى خسارة مأساوية للحياة، كما أن تعليقات سعيد المشينة ضد المهاجرين الأفارقة وأيديولوجية “الاستبدال العظيم” التي تبناها وأدت لزيادة مظاهر اليأس”.
وتابع بالقول: “يفهم التونسيون اليوم أن خطاب سعيد الناري لا يقدم الحلول. ومنذ الانقلاب، فقد أصبح من الواضح أن سعيد ليس قادرا على توفير الاستقرار للبلاد فقط، بل أصبح واحدا من مصادر المشاكل لها. وتقديم مشاكل البلاد على أنها اقتصادية يمكن حلها من خلال القروض الأجنبية لن يوفر الاستقرار”.
وقال الغنوشي، إن الطريق الوحيد لإنقاذ التونسيين هو الحوار الوطني الذي يضم لاعبين اجتماعيين وسياسيين. وقد شاهدنا هذا سابقا في عام 2013 حيث قادت منظمات المجتمع المدني الحوار وأعادت البلد إلى الانتخابات الحرة والنزيهة وكوفئت بجائزة نوبل للسلام عام 2015.
وأضاف الغنوشي أن بناء الإجماع عبر الحوار هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة. ويرى أن نجاح تونس ليس مهما للتونسيين، ولكن الحكم الرشيد والازدهار الاقتصادي هو الحل الناجع للخطاب المتطرف الذي يروج لصدام الحضارات بين الإسلام والديمقراطية الغربية وبين الإسلام وحقوق الإنسان.
وقال: “أنا واثق من أن التونسييين سيواجهون مرة ثانية الديكتاتورية بالطرق السلمية، ويعيدون بناء النظام الديمقراطي. وهذه المرة سيقيمون حمايات له تمنع أي شخص من العودة إلى الوراء. وعندما ننجح في سعينا، ستكون تونس مرة ثانية في عناوين الأخبار العالمية ولكن للأسباب الصحيحة، كمثال ونموذج لكل الدول الإسلامية وليس دولة تسير نحو الانهيار والفشل الاقتصادي.
وختم بالقول: “في الوقت الذي يعود فيه المستبدون، آمل رؤية مستقبل لشعبنا يدفع أحسن ما في مواطنيها للتحرر من الطغيان”.