قالت صحيفة هسبرس المغربية أنه بعد مرور سنة عن دعوة تونس والمغرب لسفيريهما يعيش البلدان حاليا مرحلة “موت سريرية ديبلوماسية”، على الرغم من ظهور بعض مؤشرات التقارب التي تبقى “ضعيفة” تماما، كـ”تعزية الرئيس قيس سعيد مؤخرا الشعب المغربي في وفاة 24 شخصا بأزيلال”، ومشاركة “ممثل عن وزارة الشباب والرياضة التونسية في الندوة الوزارية الإفريقية للشباب مؤخرا”، فيما تتواصل “القطيعة المغربية للأراضي التونسية واللقاءات المنعقدة بها”.
تقول الصحيفة ” سنة كاملة مرت على اندلاع “الأزمة” التونسية المغربية على خلفية استقبال قيس سعيد، الرئيس التونسي، زعيم تنظيم البوليساريو خلال انعقاد قمة “تيكاد” بين اليابان والقارة الإفريقية. ومنذ ذلك الحين، لا يزال “الجمود الديبلوماسي” عنوان العلاقات بين البلدين وسفارتاهما مهجورتين.
يزداد هذا الجمود بعد “فشل” الطرفين إلى حدود الساعة في تجاوز “الأزمة غير المسبوقة”، التي فاجأت الطرف المغربي الذي طالما اعتبر “بلد الياسمين” أقرب الدول إليه في المنطقة و”متنفسا صحيا” بديلا للعداء الجزائري، غير أن خطوة قيس سعيد جعلت هذا “الاعتقاد بعيدا بشكل كبير عن الصحة”.
اعتبرت الرباط في قرار سحب سفيرها حسن طارق من تونس أن “الأخيرة راكمت مواقف غير سليمة تجاه قضية الصحراء المغربية”، وذلك في إشارة واضحة إلى المواقف “المثيرة للجدل” لتونس في مجلس الأمن خلال التصويت على تمديد بعثة المينورسو.
وفي سياق آخر، تحدثت تقارير متطابقة عن “وجود تأثير جزائري على سياسة تونس الخارجية، وهو الأمر الذي رصدته بشكل ملموس المملكة المغربية من خلال الاستقبال الرسمي الذي خصصه قيس لإبراهيم غالي”، الذي اعتبره البعض “رسالة واضحة إلى الرباط بشأن تغير الموقف التونسي من نزاع الصحراء المفتعل”.
هذا الأمر نفته تونس بشكل “قاطع” في ردها على الاحتجاج المغربي، موردة أن “مواقفها من قضية الصحراء المغربية معروفة، وتنهج بشكل قويم مبدأ الحياد الكامل”.
وعلى العموم، فالبلدان معا يعيشان حاليا مرحلة “موت سريرية ديبلوماسية”، على الرغم من ظهور بعض مؤشرات التقارب التي تبقى “ضعيفة” تماما، كـ”تعزية الرئيس قيس سعيد مؤخرا الشعب المغربي في وفاة 24 شخصا بأزيلال”، ومشاركة “ممثل عن وزارة الشباب والرياضة التونسية في الندوة الوزارية الإفريقية للشباب مؤخرا”، فيما تتواصل “القطيعة المغربية للأراضي التونسية واللقاءات المنعقدة بها”.
قيس سعيد
الحسين كنون، محلل سياسي مغربي ، يرى أن “الأمل موجود فيما يخص عودة العلاقات بين تونس والمغرب، خاصة وأن استقبال غالي كان قرارا شخصيا لقيس سعيد ولا يمثل الشعب التونسي الشقيق”.
وأضاف كنون لهسبريس أن “قيس سعيد دخل في مشادات مع الداخل التونسي، ما دفع المعارضة للمطالبة بانتخابات مبكرة بعد تبين استفراده بالسلط”، مشيرا إلى أن “زوال نظام قيس سعيد من شأنه أن يعيد العلاقات مع الرباط”.
وزاد: “قيس سعيد تبين أنه يميل بشكل كبير للأطروحة الجزائرية، وهو ما ظهر لنا جليا خلال استقبال غالي في قمة تيكاد”، موردا أن “حياد تونس الذي تزعزع هو ما أثار غضب الرباط”.
واستطرد المتحدث عينه بأن “النخب التونسية تقف مع مغربية الصحراء، وذلك انطلاقا من إيمانها بأهمية العلاقات مع الرباط وعوائدها القوية على الأمن الإقليمي”.
الجزائر
من جانبه، سجل منصف السليمي، كاتب صحافي تونسي مقيم بألمانيا، أن “العلاقات بين البلدين تعيش بالأساس حالة جفاء، لكنها مقتصرة على الجانب الرسمي فقط، فيما تتأثر بشكل غير مباشر بذلك القطاعات الاقتصادية ومختلف مجالات التعاون”.
وأضاف السليمي لهسبريس أن “سحب السفيرين أعقبه نقاش ودي بين شعبي ونخبتي البلدين لموضوع الخلاف، ثم استمرار للتعاون الشعبي على مختلف المجالات، ما يعني أن العلاقات العميقة والتاريخية لم تتأثر”.
وأورد الكاتب والصحافي التونسي المقيم بألمانيا أن “العلاقات بين الجانبين تجاوزت مرحلة التوتر الإعلامي والديبلوماسي لتدخل مرحلة جفاء تام، غير أن هذا الوضع يمكن تجاوزه من خلال مبادرات رسمية تنطلق من مبدأ الرصيد الثقافي والتاريخي الغني بين الشعبين”.
ولفت المتحدث إلى أن “غياب مؤشرات التقارب بين البلدين راجع أساسا إلى حجم تأثير الجزائر على السياسة الخارجية لتونس وجعلها تتأثر أيضا بحجم القطيعة بين الجزائر والمغرب، كما أن استقبال غالي هو مؤشر واضع على هذا الأمر”.
وشدد السليمي على أن “هذا الجفاء الذي يحدثه بالأساس التأثير الجزائري على ديبلوماسية تونس، يمكن أن تكون له تأثيرات سلبية على العلاقات مع الرباط، وهو ما يجب استئصاله فورا، مخافة أن تتأثر الفرص الاقتصادية المتاحة”.
وخلص المتحدث لهسبريس إلى أن “هاته ليست الأزمة الأولى بين البلدين، إذ عادة ما تعود العلاقات مع الوقت”، مبينا أن “القنوات الديبلوماسية والمبادرات الخاصة بالمجتمع المدني يمكن أن تحرك مياه العلاقات لتعيدها إلى مكانها، خاصة وأن تخوم المنطقة تعرف توترات وتحديات كبيرة”.