تونس – أخبار تونس
أعلن يوم 30 ماي الماضي ا لإعلامي زهير الجيس عبر أمواج اذاعة جوهرة أف أم ” أن رجل أعمال تونسي كبير يعيش في ألمانيا قدّم ملفا لمنظمة مانحة أمريكية لكي تحصل تونس على قرض دزن فائض ب100 مليار دولار على 30 سنة والمنظمة عندها ثقة كبيرة في الراجل هذا ”
الجيس أكد أن رئاسة الجمهورية قامت بارسال سيارة الى مقر الاذاعة لتسلم جميع الوثائق المتعلقة بهذا العرض المغري الذي سيضع صندوق النقد الدولي في الزاوية، فيما لازمت رئاسة الجمهورية الصمت ولم تعلق على الموضوع رغم اتصالاتنا المتكررة للتعليق على هذا الخبر .
وحسب أحد الوسطاء في هذا ” المشروع الذي رفض الكشف عن هويته” فانه وقع تسليم الملف قبل ذلك الى المستشار برئاسة الجمهورية ماهر غديرة، وكذلك وقع تسليمه الى رئاسة الحكومة ثم الى رئاسة البرلمان .
ولكن بعد مرور ما يقارب عن الشهر يبدو ان هذه المجموعة لم تتلق أي رد من الجهات الثلاث فعادت عبر جريدة الشروق في عددها الصادر يوم 25 جوان لنكتشف عبر مقالها اسم المؤسسة المانحة وكذلك الوسطاء الدوليين وهما عسكريان الأول اسمه العقيد مصطفى كمال يعقوب والجنرال جوديث ايرلا، من مكتب استئمان المستوطنات العسكرية بكاليفرورنيا Office Of Military Settlements Trust . لكن دون الكشف مرة أخرى عن رجل الأعمال الذي يقف وراء هذا ” المشروع “.
ولكن في الأثناء توصلت تونيزي تيليغراف الى الوثائق التي قال الوسيط التونسي أنها أرسلت الى رئاسة الجمهورية.
وبالاطلاع عليها والتفحص فيها تبين لدى مختص في المجال أنها مفبركة لتضمنها العديد من الأخطاء، والأهم من هذا كله فان العنوان تغير لينتقل مقر المؤسسة المانحةمن الولايات المتحدة الى تورنتو بكندا وتحديدا على هذا العنوان وفقا لهذه الوثيقة التي بين أيديكم عوض كاليفورنيا. وأدعو القارئ الكريم أن يتمعن جيدا في عنوان المؤسسة ليكتشف بعد ثوان قليلة بأنه لا وجود لها على الاراضي الكندية . – أنقر على الرابط – https://www.pagesjaunes.ca/search/si/1/office+of+military+settlements+trust+upland+c%252Fo+207+DUNDAS+STREET+EAST+SUITE+253+TRENTON+ONTARIO+CAN/Ontario+ON
و في هذه الوثيقة اختفى العسكريان اللذين تضمنهما مقال صحيفة الشروق لنجد أنفسنا أم الجنرال بريان كونيكو وتحت اسمه رقم هاتفه. و بعد بحث في محرك البحث غوغل توصلنا اليه والى عنوانه لنجده بسنغافورة وهو مقيم في منزل عادي، فقمنا بمخاطبته عبر تطبيقة الواتساب وأرسلنا اليه الوثيقة التي عليها توقيعه وسألناه ان كان هو المعني خاصة وان رقم هاتفه مطابق لاسمه ولقبه وعنوانه الذي تثبتنا منه عبر الصفحات الصفراء بسنغافورة، فأجاب بأنه غير متأكد.
وطلبنا منه ان نخاطبه مباشرة فقال لنا “أنا على الخط مع لندن لكن امنحوني 15 دقيقة”. ولكن في الأثناء وصلنا هاتف من تونس نحتفظ باسم صاحبه ليطلب منا أن نتوقف عن ازعاج السيد بريان، وأن الأمور جدية وأننا سنفسد صفقة كبيرة تريحنا من شرط صندوق النقد الدولي والمتآمرين.
فأعلمناه بأننا نعمل من أجل التأكد من هذه الصفقة ولتطمئن قلوبنا ونتخلص من الديون والدائنين، ثم انتهت المكالمة. لكن في الأثناء تصلنا رسالة قصيرة من السيد بريان يقول فيها ” Im sorry I cannot say anything, I hope you understand ” بمعنى انه لايستطيع الخوض في الموضوع وانه يأمل أن نتفهم موقفه .
وبالبحث عن هذا الجنرال في مختلف المواقع ومحركات البحث لم نجد له أي اثر سوى اسم جنرال أمريكي يحمل اسم بريان ولكن بلقب مختلف ويشتغل في اسيا. في الصورة الأولى بريان الحقيقي(صاحب البدلة البيضاء)، وفي الثانية بريان المجهول.
غموض حول رجل الأعمال
لقد تم الكشف من خلال الوثيقة المزعومة المرسلة من مكتب استئمان المستوطنات العسكرية بكاليفرورنيا، عن اسم رجل الأعمال التونسي خالد عقيد، الذي أكد خلال مداخلة هاتفية باذاعة ifm المحلية انه هو المعني بهذا ” المشروع ” وقد حاولنا الاتصال به لكن دون جدوى. خاصة وقد تم ذكر اسمه في الوثيقة التي أرسلت الى رئاسة الجمهورية وكذلك اسم المؤسسة التي يبدو أنه يديرها وهي مؤسسة kj holdings corp (حسب عنوانه الالكتروني بالوثيقة akid@kj-holdings-copr.com) وأسسها مع الكندي Joseph A. BOURNE. وبمحاولتنا الاتصال هاتفيا بمقر الشركة بكندا، لم نتلق سوى ردا من جهاز آلي يطلب منا ترك رسالة صوتية تبين موضوع الاتصال. فتنقلنا الى تونس حيث للمؤسسة حسب موقعها الرسمي مكتبا في مدينة الحمامات.
واتصلنا في البداية برقم الهاتف المدون، لكن الخط كان مقطوعا. فتحولنا مباشرة على عين المكان لكن لم نجد أية علامة تدلنا على وجود مكتب تحت اسم kj holdings corp. وفي المقابل عثرنا على لافتة مؤسسة أخرى اعترضنا اسمها ونحن نتصفح سيرة الأعضاء الآخرين في kj holdings corp وهي شركة M24 TV حيث نجد في السيرة الذاتية للسيد Eddie Leong عضو مجلس ادارة kj holdings corp أنه أحد مؤسسي شركة Maghreb24 TV m24، وMaghreb 24 Tunisie، وهي شركة مصدرة كليا خاضعة للرقابة الديوانية. وبالبحث تبين أنها غير مسجلة بالسجل الوطني للمؤسسات، لا هي ولا خالد عقيد ولا شريكه Eddie Leong. مع العلم وأن السيد Eddie Leong الصيني-الماليزي الذي قال أنه خريج الجامعة اليابانية اختصاص بتروكيمايوات، يعلن عبر صفحته بموقع LinkedIn أنه منذ غرة ديسمبر 2017 مدير مشروع قيمته 500 مليون دولار أمريكي بمدينة تونس “فورمولا وان F1”.
وهو مشروع ميدان لسباق السيارات فورمولا 1. وقد تحدثت عنه الصحف سنة 2018 الا أن الأمر توقف منذ ذلك الحين. مع العلم وأن عنوان ادارة المشروع يقع في نفس العمارة التي يقع فيها مشروع M24 TV و kj holdings corp في غياب اي مكتب لها متجمعة.
علما بأن المؤسسة الأنقليزية BITRACE INVESTMENTS LTD التي أعلنت عن تمويل ومرافقة مشروع سباق السيارات في تونس أعلنت، عن افلاسها يوم 28 جانفي 2020 وهي التي بعثت يوم 12 ديسمبر 2017.
اسم اخر ارتبط بمجموعة kj holdings corp وهو التونسي Aymen BOUAOUN الذي نكتشف وفق سيرته الذاتية أنه خريج المدرسة العليا للصحة (ESSTST) كما انه شغل منصب المدير العام ل M24 TV.
** الخلاصة
في أكثر من مناسبة، أكد جميع الذين روجوا لمشروع القرض وقالوا أنه يصل الى 100 مليار دولار، أنهم يتحملون مسؤولياتهم كاملة وأنهم لا يقدمون مشاريع وهمية ولا يسوّقون لها، حتى ان من بينهم من عبر عن استعداده للمحاسبة، وهو ما يؤكد تحمسهم المفرط لمثل هذا المشروع.
وغاب عنهم حس التمعن فيما قدم لهم من معلومات مكتفين بالتوقف عندضخامة المبلغ المعروض الذي لم تقدمه أية مؤسسة مالية في العالم، ودون أية فوائض. وهذا لن تجده حتى في جمهورية أفلاطون .
ويبدو أن تأني مصالح رئاسة الجمهورية في التعاطي مع هذا الموضوع رغم إغرائه، مرده الحذر نتيجة عشرات “المشاريع” الوهمية المشابهة التي مرت عليها، وآخرها مشروع استثماري من ماليزيا تبناه نائب البرلمان المنحل الصافي سعيد وجاب به العديد من القنوات التلفزية المحلية على أساس أنه سيمكن بلادنا من 131 مليار دولار، لولا التدقيق الحاسم للبنك المركزي الذي بيّن أن من يقف وراء هذا القرض الوهمي ليسوا سوى مجموعة من المتحيلين.
وبخصوص هذا القرض الذي بلغ حجمه ال100 مليار دولار لا ندري على وجه الدقة المدة التي ستمنح لبلادنا لخلاصه 10سنوات أم 30 سنة؟ فيوم 30 ماي الماضي أكد الاعلامي زهير الجيس ان المدة الممنوحة لنا 30 سنة قبل أن يعود الأسبوع الماضي ليخبرنا انها 10 سنوات فقط.
وحسب مصادرنا فانه خلافا لما حدث في وقت سابق، فان رئاسة الجمهورية لم ترسل ملف القرض المزعوم إلى البنك المركزي للبتّ في أمره.
لقد قدم أصحاب القرض “الوهمي” أرقاما وتحاليل لاثبات جديتهم وقدرتهم على تحويل تونس الى مركز مالي دولي لا يشق له غبار .. سأترك لأهل الاختصاص تحليل هذا المعطيات والأرقام.