يمكن لمصطفي المطيراوي منتج زيت الزيتون التونسي الحائز على جوائز عالمية أن يزيد أرباحه بشكل أكبر من خلال تصدير منتجاته في زجاجات تحمل علامات تجارية، بدلا من شحنها في صورتها الخام.
لكن المشاكل الأساسية داخل قطاع زيت الزيتون في تونس، بما في ذلك الوصول إلى التمويل، ونقص مصانع التعبئة والوضع المهيمن لعدد من كبار المنتجين، يجعل ذلك أمرا صعب المنال له ولكثيرين من المنتجين الآخرين.
وينبغي للصعوبات التي يواجهها المطيراوي والعديد من المنتجين التونسيين الآخرين أن تثير قلق صناع السياسات في البلد، الحريصين على جلب المزيد من العملات الأجنبية من الصادرات في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة أزمة خانقة في المالية العامة.
تعد تونس بالفعل واحدة من أكبر ثلاثة مصدرين لزيت الزيتون في العالم، إذ وصلت إيراداتها إلى مستوى قياسي بلغ 3.8 مليار دينار (1.3 مليار دولار) العام الماضي بفضل ارتفاع الأسعار على الرغم من انخفاض حجم المبيعات ستة بالمئة.
لكن نحو 90 بالمئة من متوسط إنتاج زيت الزيتون في تونس البالغ 220 ألف طن سنويا يتم تصديره بدون زجاجات، ويباع معظمه خاما إلى دول أوروبية تمزجه ويعاد تصديره تحت علامات تجارية إسبانية أو إيطالية بأسعار أعلى بكثير.
المطيراوي، الذي تقع معصرته في مدينة بوحجلة بوسط تونس يقول “زيت الزيتون الذي أنتجه حاز على العديد من الجوائز الدولية، لكن أبيعه خام لشركة تصدير إيطالية تونسية”.
وتفتقر تونس إلى مصانع تعبئة كافية لزيت الزيتون، والأولوية تذهب لكبرى الشركات.
ويصعب على كثير من المنتجين الصغار والمتوسطين زيادة أرباحهم بشكل يسمح لهم بتطوير الصناعة وبناء مخازن كبرى تسمح بتزويد منتظم بالزيت المخصص للتصدير.
وقال المطيراوي “بيع زيت الزيتون المعبأ أكثر ربحية لكنه أكثر تعقيدا لأننا لا نستطيع الحصول على القروض التفضيلية التي يحصل عليها آخرون من البنوك”.
ينتج المطيراوي حوالي 40 طنا من زيت الزيتون يوميا خلال موسم الإنتاج الممتد لنحو خمسة أشهر، أي ما يعادل حوالي 6000 طن من زيت الزيتون سنويا.
ويبلغ سعر زيت الزيتون حوالي 26 دينارا للتر.
وقال مسؤول بوزارة الفلاحة إنه يعتقد أن زيت الزيتون المعبأ يحقق قيمة إضافية تتراوح بين 30 و50 بالمئة.
ويعاني منتجو زيت الزيتون الصغار، ما يقولون إنه بيروقراطية مفرطة وبطء في نقل منتجاتهم عبر الميناء الرئيسي في تونس، وهي مشكلة يواجهها العديد من المصدرين في شتى القطاعات.
وقال البنك الدولي قبل عامين إن متوسط فترة تسليم الحاويات في ميناء رادس يبلغ 18 يوما، أي حوالي ثلاثة أضعاف المدة التي تستغرقها الموانئ في المغرب.
يتجول المطيراوي في حقله وينظر إلى الأشجار المليئة بالزيتون “الذهب الأخضر”.
يقول متحدثا لفريق رويترز إن “زيت الزيتون ركيزة اقتصادية وثروة مهدرة قد توفر لنا مليارات الدنانير سنويا”.
ويقول مسؤولون إن تونس لديها خطط طموحة لزيادة إنتاج زيت الزيتون المعبأ.
وقالت وكالة الأنباء التونسية الحكومية العام الماضي إن وزارة الفلاحة تخطط لتجديد بساتين الزيتون القديمة بأصناف جديدة.
وقال معز بن عمر، المسؤول في ديوان الزيت المملوك للدولة، إن الحكومة بصدد الإعداد لاستراتيجية طموحة لزيادة كميات الزيت المعلب وسيتم الإعلان عن تفاصيلها لاحقا.
وأضاف أن زيت الزيتون التونسي الذي يتوج سنويا بعشرات الجوائز الدولية دخل للمنافسة في السوق الدولية نظرا للجودة والمذاق المميز للغاية.
ولتونس صندوق خاص لدعم تصدير زيت الزيتون المعلب.
ورفعت الحكومة هذا العام الرسوم الجمركية على صادرات زيت الزيتون بالجملة من واحد إلى اثنين بالمئة لتمويل صندوق الزيت المعلب.
وقال بن عمر إن تونس تقوم في الوقت نفسه بتسويق زيت الزيتون خارج أوروبا في أمريكا الشمالية وجنوب وشرق آسيا وأمريكا الجنوبية.
وتقول منظمة أليرت التي تركز على القضايا الاقتصادية، إن السوق يهيمن عليه 10 بالمئة من المصدرين الذين يسيطرون على 70 بالمئة من المبيعات للخارج.
يقول حسام سعد من أليرت إن البنوك توفر القروض بسهولة أكبر لهذه الشركات الكبرى.
وقدر أن إيرادات تونس عام 2023 كان من الممكن أن تصل إلى ثمانية مليارات دينار لو تم تطوير قطاع زيت الزيتون بشكل أفضل.
- رويتر – طارق عمارة