الصراع في الشرق الأوسط في التمدد نحو جبهات جديدة لتبادل الضربات العسكرية، خصوصا إسرائيل و إيران، والتهديد بضرب منشآت إستراتيجية حساسة في كلا البلدين، وهو ما يرفع منسوب المخاوف من خطر “حرب إقليمية” شاملة باتت موشكة بعدما كانت فقط ضمن سيناريوهات المحلّلين.
وباستقراء البيانات المتاحة حول تداولات أسعار النفط ومشتقات المواد البترولية يتبيّن أن الأسبوع الماضي كان شاهداً على منعطف “أكبر قفزة أسبوعية” منذ أوائل عام 2023. فيما واصل النفط ارتفاعاته مباشرة بعد الهجوم الإيراني على مناطق بإسرائيل بحوالي 200 صاروخ باليستي، متجاوزا عتبة 80 دولارا للبرميل مع العلم وان الفرضيات الأولية لإعداد ميزانية الدولة لسنة 2025، معدل سعر برميل النفط من نوع البرنت في حدود 77.4 دولار.
وحسب مرصد الطاقة فقد سجلت تونس ارتفاعا في عجز ميزان الطاقة الأولية بنسبة 10 بالمائة مع موفى جويلية 2024 – انخفضت نسبة الاستقلالية الطاقية الى مستوى 43 بالمائة مع موفي جويلية 2024 بعد ان كانت 49 بالمائة خلال نفس الفترة من 2023
اذ بعد أسبوع من ضرب إيران الكيان الإسرائيلي ارتفع ثمن برميل النفط بأكثر من 10 دولارات، وبمعدل يفوق الدولار الواحد في اليوم؛ وهو ما ينذر بارتفاع أسعار المواد النفطية ومنها المحروقات.
وحينما سئل الرئيس الأمريكي جو بايدن، حول موقفه من استهداف إسرائيل المحتمل للمنشآت النفطية الإيرانية، رد قائلا “نناقش هذا الأمر”، تاركا الباب مفتوحا أمام كل السيناريوهات. وارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوى خلال شهر، في أعقاب تصريحات بايدن، قبل أن تعود وتستقر مجددا.
يشرح د. توماس أودونيل أكاديمي وخبير الطاقة والجغرافيا السياسية، معني استهداف المصافي الإيرانية والذي يعد خيارا مطروحا وتدعمه واشنطن، ويقول “هو حرمان الاقتصاد الإيراني من البنزين والديزل، أي منع إيران من تكرير نفطها الخام وتزويد السوق الداخلي بالديزل والبنزين ومنتجات أخرى، أي ضرب الاقتصاد الداخلي لإيران”.
ويرى أودونيل أن ذلك الخيار ربما يترك تأثيرا إيجابيا على الأسواق العالمية، “لأنه إذا لم تستطع إيران تكرير نفطها، فقد ترسل المزيد من النفط إلى السوق، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض سعر النفط”.
تنتج إيران حاليا حوالي 3.9 مليون برميل يومياً، وتصدر حوالي نصف ذلك، أي ما يقرب من 1.7 مليون برميل يوميا.
ولكن إذا استهدفت إسرائيل محطات تصدير النفط، “فسيؤدي ذلك إلى منع جزء كبير من صادرات الـ1.7 مليون برميل يوميا من الوصول إلى السوق العالمية، وهو ما يمثل صدمة أكبر في السوق العالمية.”
ويقول أودونيل لبي بي سي إن الأسواق العالمية لن تتضرر بالشكل الكبير إذا تم إخراج النفط الإيراني من السوق، لأن منظمة أوبك تستطيع تعويض النقص بسهولة خاصة، في ظل ما لديها مما لا يقل عن خمسة أو ستة ملايين برميل من النفط يوميا تحجبها عن السوق، وهناك أيضا قدرة في نصف الكرة الغربي على المساهمة، لذا لن تكون أزمة، على الرغم من أنها قد تؤدي إلى ارتفاع مؤقت”، بحسبه.
ويري أودونيل، أن ارتفاع سعر خام غرب تكساس الوسيط وبرنت بنحو دولار، “ليس قفزة كبيرة في الأسعار. ولكن يعيد المخاوف من حرب في الشرق الأوسط”.
ويرى أودونيل أن إيران تتجنب مواجهة مباشرة مع إسرائيل، وتوجه ضربات متفرقة لأهداف في إسرائيل، وتشجع أذرعها على المواجهة، ويقول الباحث الألماني “ليس في مصلحة إيران الدخول في حرب مع إسرائيل، وليس من الواضح أن إسرائيل تسعى لاستفزاز حرب، ولكنها قد ترغب في عقاب إيران وتوجيه ضربة مدمرة لها، وفي هذه الحالة ستكون إيران حذرة جدًا من الوقوع في هذا الفخ”.
ويتابع الخبير الألماني أودونيل، “أحد الخيارات هو أن تضرب إيران دول الخليج الأخرى التي تراها حليفة للولايات المتحدة وإسرائيل، مثل السعودية والإمارات، وهما منتجان رئيسيان للنفط، وتهاجم قدرتهم على تصدير النفط. وهنا لن تكون حربا مع إسرائيل فقط، بل سينضم جيران إيران إلى الحرب والولايات المتحدة بشكل مباشر وقوي”. ولكنه استبعد هذا السيناريو.
ولم تهدد إيران بمهاجمة منشآت نفط خليجية لكنها حذرت من أن أي تدخل مباشر من قبل من وصفتهم بـ”داعمي إسرائيل” ضد طهران من شأنه أن يدفع إيران إلى شن “هجوم
قوي على قواعدهم ومصالحهم” في المنطقة.
ويتوقع المهندس خالد العوضي مستشار اقتصاديات الطاقة برأس الخيمة، أن يزيد سعر البرميل بنسبة 40 % أي يتراوح سعره بين 90 – 100 دولار، إذا تبادلت إسرائيل وإيران الرد واستهداف المنشآت النفطية.
ويتابع العوضي، “السوق حاليا في حالة ترقب وخوف والزيادة التي شاهدناها لا يمكن أن تقارن بالحرب الروسية الأوكرانية، ولكن في النهاية استمرار الحرب يعني زيادة الخسائر عن المكاسب التي ينتفع منها تجار الحروب، لأن التأثيرات ستطال جميع قطاعات الاقتصاد”.