تعددت التأويلات في الأونة الاخيرة حول الأسباب التي دفعت بالسلطات الجزائرية مواصلة غلق حدودها البرية أمام حركة المسافرين بين الجزائر وتونس
وكان اخر المتحدثين في هذا الموضوع السيد المنجي الحامدي وزير الخارجية السابق الذي أكد يوم 17 جوان الجاري ” أن مسائل أمنية جزائرية وراء غلق الحدود التونسية الجزائرية.
وخلال استضافته باذاعة شمس أف أم أكد الحامدي أنه لا توجد أي مشاكل بين البلدين وراء إغلاق الحدود خاصة وأن الجزائر دائما مع تونس ووقفت إلى جانبها في كل أزماتها سواء المتعلقة بالإرهاب أو الغاز وأي أزمات أخرى.
وقبل ذلك نقل موقع حقائق أونلاين عن مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى لم يكشف عن هويته إن قرار السلطات الجزائرية المتعلق بعدم فتح الحدود البرية مع تونس يتعلق بأسباب اقتصادية وتتعلق أساسا بأزمة نقص الكثير من المواد الغذائية في تونس.
وأكد ذات المصدر أن الجزائر قررت مواصلة إغلاق حدودها البرية مع جارتها تونس تجنبا لحصول عمليات استيراد من التجار التونسيين لمواد غذائية من الجزائر إلى تونس التي شهدت أزمة نقص في الكثير من المواد الغذائية خلال الأشهر الأخيرة.
وتتخوف الجزائر، وفق هذا الديبلوماسي من أن يتسبب قرار فتح الحدود البرية مع تونس في فترة تسجيل نقص للمواد الغذائية في الجزائر كالزيت والسميد بالتزامن مع نقص مسجل لنفس المواد في تونس.
للتذكير فان موقع حقائق اون لاين اتصل قبل ذلك بالسفير الجزائري بتونس عزوز بعلال الذي قدم أسبابا مختلفة عن الأسباب التي قدمها الحامدي والمصدر الديبلوماسي اذ
أكد إن سبب تواصل غلق الحدود هو صحيّ بالأساس ويعود إلى اجراءات التوقي من فيروس كورونا.
وفي رده عن سؤال بأن الوضع الوبائي تحسن وإن كانت هناك أسباب أعمق من ذلك تستدعي تواصل غلق الحدود، نفى السفير عزوز بعلال ذلك، مجددا تأكيده أن الاسباب صحية فقط.
هذه التبريرات وغيرها لم تقنع المتابع لخفايا الأمور اذ تؤكد مصادر ديبلوماسية ان العلاقة بين البلدين تمر ببرود كبير خاصة وأن الجزائر لا تنظر بعين الرضى للتقارب الكبير بين الرئيس قيس سعيد ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي وهي العلاقة التي بلغت حد خروج تونس عن حيادها فيما يتعلق بقضية سد النهضة الذي يضع مصر وأثيبوبيا في مواجهة سياسية وديبلوماسية منذ سنوات . اذ خلال لقاءه ، يوم 13 ماي الماضي بقصر قرطاج، الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بحضور نجلاء بودن، رئيسة الحكومة كد الرئيس سعيّد أن موقف مصر فى ملف سد النهضة هو موقف تونس، وهذا شئ يمثل له شخصياً مبدأً لن يحيد عنه، لأن أمن تونس من أمن مصر القومى.
وقال سعيد إن إنجازات ونجاحات مصر ستظل مصدر فخر لنا، ونحن نريد أن نتكاتف ونعبر سوياً إلى مرحلة من النمو والازدهار، تلبى تطلعات شعبنا الواحد فى كل البلاد العربية. ودعا الرئيس التونسي إلى استكشاف وتبنى آليات تعاون غير تقليدية ترتقى بالتعاون بين الدول العربية، وفى مقدمتها التعاون الثنائي بين مصر وتونس،
هذه التصريحات وغيرها لا يمكن بأية حال من الأحوال ان ينظر اليها المسؤولون الجزائريون بارتياح فالتنافس بين القاهرة والجزائر من أجل تزعم المنطقة لا يخفى على أحد وليس وليد اليوم … والأمر لا يقف عند هذا الحد بل يتعداه الى الملف الليبي ففي الوقت الذي تحاول ان تقف فيه تونس على نفس المسافة بين الأفرقاء الليبيين اختارت الجزائر الوقوف الى جانب طرف ضد الطرف الذي تدعمه مصر وتحديدا اللواء خليفة حفتر ومن تحالف معه .
والأهم من هذا كله لم يعد الجزائريون يقبلون بحياد تونس في قضية الصحراء الغربية وان هذه القضية هي من أمن الجزائر أيضا وان مواصلة الحياد بعد اعلانها صراحة الوقوف الى جانب مصر فيما يتعلق بقضية سد النهضة لم يعد له اي مبرر .
كما ان الجزائر منزعجة جدا -رغم التطمينات التي قدمتها السلطات التونسية – منذ حصول تونس على وضعية الحليف الأساسي خارج حلف شمال الأطلسي سنة 2015 الا ان سحب الريبة والشك لم تنقشع من سماء العلاقات بين البلدين .
ففي سنة 2015 قالت المصادر الجزائرية إن الأمر يتعلق بقواعد عسكرية أو مشاريع قواعد وضعت نواتها في محافظة مدنين جنوبا، المجاورة للحدود التونسية الليبية والجزائرية من جهة الصحراء، إلى جانب محافظتي القصرين وجندوبة في الوسط والشمال الغربي لتونس حيث الجبال التي شهدت مواجهات دامية بين الإرهابيين وقوات الجيش والأمن التونسيين.
وذهبت نفس المصادر إلى تقديم تفاصيل أكثر فتحدثت عن تركيز عدد من النقاط العسكرية التي أقامتها الولايات المتحدة والحلف الأطلسي وقوات «أفريكوم» الأميركية التي تتخذ من شتوتغارت الألمانية مقرا لها. ومن بين النقاط العسكرية الأطلسية الذي ذكرت «البوابات الحدودية التونسية الليبية»، في بن قردان راس الجدير والذهيبة، وأخرى في منطقة طبرقة السياحية في أقصى الشمال التونسي على الحدود مع الجزائر، إلى جانب ولاية القصرين حيث جبال الشعانبي معقل الإرهابيين والمهربين.
لكن الرئاسة والحكومية التونسيتين في ذلك الوقت نفت هذه المزاعم مرارا وذكرت بأنه سبق الترويج لها مرارا خلال الأعوام الماضية مع نشر خرائط وصور افتراضية لا أساس لها من الصحة.
وقد توجه انذاك الحبيب الصيد رئيس الحكومة وعدد من مبعوثي الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي إلى الجزائر لطمأنة الجانب الجزائري ودعوته إلى الوقوف مع تونس في هذه المرحلة الدقيقة من حربها ضد الإرهاب والتهريب. واستعانت تونس بالسفير الأميركي وعدد من القادة الأميركيين والغربيين لتفنيد وجود اتفاق يمهد لدخول تونس إلى الحلف الأطلسي أو يحول جانبا من أراضيها إلى «رقعة تحركات عسكرية معادية للجزائر أو ليبيا أو أي دولة أخرى».
ويوم أمس قامت السلطات الجزائرية باطلاق اختبار جديد لتونس حول مدى تمسكها بالحياد في قضية الصحراء الغربية في وقت تمر فيه العلاقة بين تونس والمملكة المغربية بحالة برود غير مسبوقة اذ كانت صحيفة الخبر الجزائرية وسيلة الاعلام الوحيدة التي تعرضت لما حدث خلال اجتماع عربي ذو بعد تقني احتضنته تونس اذ اكد الصحيفة أن الوفد الجزائري المشارك في أشغال ندوة عربية حول التحول الرقمي لتطوير مؤسسات الضمان الاجتماعي المنعقدة في العاصمة تونس، احتجاجا على اعتماد الندوة لخريطة لا تتضمن الحدود الفاصلة بين المغرب والصحراء الغربية.
واحتج الوفد الجزائري على عدم رسم حدود الصحراء الغربية وعدم تضمين الخريطة المعتمدة في الندوة لفلسطين ولبنان، وقال رئيس الجمعية العربية للضمان الاجتماعي محمد كركي إن الخطأ غير مقصود في إخراج الصورة من قبل الجهة المنظمة للندوة. وأجبر الوفد الجزائري الجهة المنظمة على سحب الخريطة المعتمدة، قبل أن يواصل المشاركة في الندوة، وقال المكلف بالإعلام في هيئة الضمان الاجتماعي في تونس أمين بن عبد الله لـ “الخبر” إن الإشكال تم تجاوزه، وتم سحب الخريطة التي حدث بشأنها اللبس، وأكد أن الوفد الجزائري يشارك في اللقاء وفي صياغة التوصيات.
وفي تزامن مع ما حدث في العاصمة التونسية عمدت الجزائر التي عبرت في وقت سابق عن دعمها للمرشح التونسي منجي الحامدي لمنصب المبعوث الأممي الى ترشيح وزير خارجيتها صبري بوقادوم لهذا المنصب الذي قوبل برفض اماراتي مع العلم ان الامارات تقف في صف واحد مع مصر فيما يتعلق بالشأن الليبي.