نقضت محكمة الاستئناف الحكم الصادر في القضية التي رفعتها الغرفة الوطنية لمقاولي البناء والأشغال ضد الهادي بن عياد أحد كبار مصنعي الحديد المعد للبناء في تونس والتي قضت بعدم سماع الدعوى ابتدائيا .
وقررت قبول الاستئناف شكلا وفي الاصل بنقض الحكم الابتدائي والقضاء مجددا بثبوت ادانة المتهم فيما نسب اليه وسجنه مدة 4 اشهر من اجل القيام بعمليات تجارية باعتماد وسائل ملتوية وسجنه زيادة على ذلك لمدة 6 اشهر من اجل القيام بمزايدات قصد التأثير على المستوى الطبيعي للأسعار وتخطئته ب238 مليون دينار ومصادرة المحجوز لفائدة صندوق الدولة .
وكان رئيس الدولة قيس سعيد اتهم لدى لقائه عددا من المسؤولين بمصنع الفولاذ الذي زاره يوم 26 ديسمبر الماضي تحدث عن وجود شخص وشبكة محيطة به مرتبطين بدوائر أجنبية يسعون لتفليس هذه المؤسسة ثم التفويت فيها، عبر الاستحواذ على بتات الخردة والحديد ويريد أن يحل محل الدولة في هذا القطاع .
يذكر أنه في جويلية 2021 قام رئيس الجمهورية قيس سعيد بزيارة إلى مصنع للحديد بالمنطقة الصناعية ببئر مشارقة، أين أكد أنّه لا تراجع عن التوّجه في محاربة الفساد ومحاربة مظاهر الاحتكار والمضاربة وكل أشكال الاضرار بالمقدرة الشرائية للمواطن.
وجاءت هذه الزيارة على خلفية حجز المصالح الرقابية صباح اليوم، لقرابة 30 ألف طن من مادة الحديد بهذا المصنع وتحرير مخالفة ضدّ صاحبه من أجل الاحتكار والمضاربة.
وعلى اثر تلك الزيارة عبّر أعضاء الغرفة الوطنية لمصنعي الحديد ب الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والتي يتراءسها الهادي بن عياد عن انخراطهم التام في مجهودات رئاسة الجمهورية الرامية الى الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن عبر العمل على ترشيد الأسعار والحفاظ عليها قدر الإمكان، من ناحية، ومن ناحية أخرى تشجيع رأسمال الوطني عبر دعم المستثمرين التونسيين مثلما أكّده سيادة رئيس الجمهورية في عديد المناسبات. ويغتنمون هذه الفرصة لتوضيح بعض المسائل المرتبطة بالقطاع.
أولا: عملا بالقوانين والتراتيب الجاري بها العمل يخضع بيع الحديد المعدّ للبناء لتسعيرة تضبطها وزارة التجارة وتنمية الصادرات طبقا لمعايير موضوعية مرتبطة بسعر المواد الاولية وقيمة الدينار التونسي مقابل العملة الصعبة وكلفة الانتاج. وهذه التسعيرة قابلة للترفيع أو التخفيض على ضوء هذه المعايير. وتتابع وزارات وهياكل الاشراف دوريا مستوى العرض والطلب بما يكفل استقرار تزويد السوق بهذه المادة الحيوية وتتولّى التنسيق مع المصنعين في ما يخصّ مستوى المخزون من المواد الأولية تجنّبا لأيّ اضطراب في تزويد السوق.
والمُلاحَظ أنّه منذ ارتفاع أسعار بيع المواد الأولية (العروق الفولاذية) على المستوى العالمي لم يتمكن المصنعون من اقتناء كميات كبيرة منها نظرا للوضعية المالية العسيرة التي يمرّون بها خاصة أمام اقتران هذا الارتفاع في سعر المادة بالزيادة المشطة جدا في كلفة النقل واللوجستيك فضلا عن باقي عناصر كلفة الانتاج (كهرباء، فوائض بنكية، أجور …) بينما لم يتمّ تحيين سعر البيع بما يتماشى مع هذه المعطيات.
انيا: رغم كل ما سبق ذكره واصل المصنّعون عمليات البيع بالخسارة ممّا يؤثر على ديمومة المؤسسة الاقتصادية ويتنافى مع النصوص القانونية المنظمة للمنافسة والأسعار، وأشعروا سلطة الاشراف بضرورة اتخاذ الاجراءات الكفيلة في أقرب الاجال حتى تتمّ إصدار طلبيات التوريد من المواد الاولية بصورة تؤمن تزويد المصانع والسوق بصورة مستقرة نظرا لتراجع مخزون المواد الأولية الذي من شأنه أن يؤدّي الى فقدان حديد البناء على المدى القريب ويجب على كل الأطراف تفاديه .