لتجاوز الهنات السابقة التي رافقته منذ اطلاقه ي في 20 مارس من سنة 2022 احالت رئاسة الجمهورية الى البرلمان مشروع قانون يقضي بتعديل هذا المرسوم وذلك بتاريخ 28 ديسمبر المنقضي .
ولكن هل التغييرات التي ستحدث على مرسوم الصلح الجزائي هل ستمكن تحقيق الأهداف المرجوة منه وكيف ينظر اليها أهل الاختصاص .
القاضي الاداري السابق أحمد صواب قدم حزمة من المؤخذات على المشروع الجديد اذ يعتبر إن النصّ الأصلي للصلح الجزائي تضمن 50 فصلًا، تمّ تعديل 15 فصلًا منها أي حوالي 30% منها، بتنقيح فصلين بصفة جزئية و13 فصلًا بصفة كلية، حسب نصريحه لموزاييك يوم الجمعة .
وأضاف صواب أنّ قرار الترفيع يصطدم بإشكال يتعلّق بالمقاييس التي ستُعتمد، رغم الحديث عنها في شرح الأسباب، وأن تكون المقاييس بمثل تلك المعتمدة في غرامة الانتزاع أي أن يكون التعويض ”أقرب ما يكون من الأضرار اللاحقة بالدولة والتعويض العادل” ، مضيفا: ”لديّ شكوك جديّة في قدرته على أن يتدخّل في هذه المسائل لأنّ مجالات تدخّل مجلس الأمن القومي محدّدة بنصّ قانوني ولا يمكن أن تخرج عن هذا الإطار”.
وبيّن أنّ إشراك مجلس الأمن القومي، يأتي لإعطاء الانطباع بأنّ القرارات التي ستتّخذها اللجنة ليست قرارات فردية للرئيس وأيضا لإرعاب المعنيين بالصلح الجزائي.
واعتبر صواب أنّ النصّ الجديد أضعف اللّجنة على عكس ما يُقال، وجعل منها هيئة تحضيرية للسلطة التقريرية.
من جهته اعتبر ارام بلحاج استاذ الاقتصاد اليوم السبت 6 جانفي 2024 انه “لا مستقبل كبير للصلح الجزائي او انتظار نتائج كبيرة منه” في علاقة بالنمو الاقتصادي .
وعما اذا كانت لمراجعة التعيينات والانتدابات في الوظيفة العمومية وللصلح الجزائي انعكاسات ايجابية على المستوى الاقتصادي قال بلحاج في مداخلة على اذاعة “اي اف ام”:” لا محالة ربما يفيد المختصون في القانون اكثر مني في هذا الشأن لكني اقول اننا في كل مرة نمدد في اعمال اللجنة وان الصلح الجزائي لم ياخذ بعد الطريق الذي يجب ان يسلكه ولا اعتقد ان هناك مستقبلا كبيرا او امل في نتائج كبيرة من وراء الصلح الجزائي وحتى بعض الخبراء في القانون تطرقوا الى الاشكاليات المطروحة في هذا الشان وكيف ان الاموال تذهب لاستثمارات في الجهات وهناك تداخل بين اعمال اللجنة واللجان الجهوية واللجة الموجوة على مستوى وزارة الاقتصاد والتخطيط وكل هذه اشكاليات ستجعل مسار الصلح الجزائي في الطريق غير الصحيح ولا نامل الشيء الكثير من ورائه … لا اعتقد انه ستكون لمسار المصالحة نتائج تذكر لاننا في هذا المسار منذ سنوات ولو كانت هناك نتائج لتحققت وفي هذا التمشي الكثير من التعقيدات القانونية والاجرائية والاشكاليات ولذلك لا اعتقد انه سيكون له تاثير على التنمية …”
الباحث الاقتصادي معز الجودي قال في وقت سابق أن “الصلح الجزائي لن يوفر بالضرورة المقدرات المالية التي ستخرج البلاد من أزمتها بل هو كفيل بأن يتحول إلى عامل سلبي معاكس لسير الاستثمار، بعد أن تسبب في توجس رجال الأعمال الذين لم توجه لهم تهماً في السابق، وهي نتيجة حتمية للخوف ما يهدد بتعكير مناخ الأعمال في ظل أزمة اقتصادية وتراجع نسق الاستثمار.
وأشار الجودي إلى مردودية الصلح ومشروعيته في حال حسن تطبيقه، بينما رأى المحلل المالي وسيم بن حسين أن الصلح الجزائي هو طريقة متبعة في تونس منذ عقود ومكنت الدولة من استرجاع أموال حرمت منها نتيجة تهرب ضريبي أو فساد، وظفرت أجهزة مخصصة لهذه التتبعات بمستحقات الدولة دون اللجوء إلى التتبعات القضائية ما مكن من استفادة جميع الأطراف مادياً ومعنوياً، أما الاختلاف الحاصل فهو في الأسلوب المتبع والذي تطور ليصل الى أروقة المحاكم والسجن لرجال الأعمال الأمر الذي يقدم مؤشرات غير إيجابية عن المناخ العام للأعمال في البلاد، في حين لا تتوفر مؤشرات دقيقة عن قيمة الأموال التي ستترتب عنها وانعكاساتها الإيجابية على خزينة الدولة.