قامت وزارة الداخلية في ليبيا بحملة واسعة النطاق لمنع خروج البنزين من ليبيا على الجميع، حتى الليبيين، بما في ذلك سيارات الإسعاف، باستثناء الخزان الأصلي في كل عربة آلية وانتشرت عناصر أمنية بشكل مكثف في المعبر الحدودي راس جدير ليتحول الى ما يشبه الثكنة .
وجاء هذا القرار قبل ساعات من إعادة افتتاح منفذ رأس جدير الذي بقي مغلقا طوال الثلاثة اشهر الماضية .
وجاء في تنويه لوزارة الداخلية الليبية ” جانب من جهود إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية في تأمين منفذ رأس إجدير الحدودي ، تمهيداً لافتتاحه غداً الاثنين امام حركة تنقل المسافرين بين ليبيا وتونس.
كما تنوه وزارة الداخلية الى السادة المسافرين بأن الوقود ممنوع نقله عند السفر من ليبيا الى تونس والاكتفاء بخزان وقود المركبة الخاصة لجميع دون استثناء “
وحذر خبراء من ظهور علامات أشد وطأة على التوازنات المالية لتونس، المختلة أصلا، بفعل الخطوة التي تنوي ليبيا القيام بها في علاقة بإعادة هيكلة دعم الوقود لمحاصرة ظاهرة التهريب المتفشية في البلد النفطي.
واعتبر المعهد العربي لرؤساء المؤسسات في تقرير نشرته وكالة تونس افريقيا للأنباء في جانفي الماضي أن القرار المثير للجدل، الذي أعلنت عنه الحكومة الليبية مؤخرا، ستكون له تداعيات مباشرة وغير مباشرة على تونس.
وتدور نقاشات بين المسؤولين الليبيين حاليا حول هذا الملف بهدف الوصول إلى صيغة توافق، قال عنها رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إنها “ستضمن حق المواطنين بعيدا عن مصالح المهربين”.
وأكد الدبيبة في مقطع فيديو نشره على حسابه الرسمي عبر منصة فيسبوك، أن إقرار أي إجراءات “مشروط بقبول الناس، وأن يكون مردودها المالي مباشرا في جيب المواطنين”.
ويكلف بند دعم الوقود في ليبيا سنويا نحو 4 مليارات دينار (835.5 مليون دولار) من ميزانية الدولة، بحسب التقديرات الحكومية.
ووفق تصريحات سابقة للدبيبة، فإن نصف الميزانية تقريبا تذهب في دعم الوقود، حيث يتم شراء اللتر بنحو 3.5 دينار (0.73 دولار)، ويتم بيعه بنحو 0.15 دينار.
وتعد ليبيا، ثاني بلد يمتلك أرخص أنواع المحروقات في العالم بعد إيران، ويبلغ سعر اللتر الواحد للديزل، حاليا، نحو 0.03 دولار.
ورجح المعهد التونسي، وهو مركز دراسات مستقل، أن يؤدي هذا القرار، الذي تم الإعلان عنه في العاشر من يناير الجاري بهدف مكافحة التهريب “المفرط” في ليبيا، إلى زيادة الطلب على المحروقات التونسية.
وأرجع خبراء المعهد ذلك إلى أن العديد من التونسيين المقيمين على الحدود مع ليبيا سيلجؤون بموجب القرار إلى التزود بالوقود من السوق المحلية. وشددوا على أن تنامي الطلب ستترتب عليه آثار متناقضة.
وفسر الخبراء ذلك بأن التناقض سيتمثل في تسجيل زيادة في العائدات الضريبية للدولة، خاصة وأن هذا المنتج محتكر من قبل القطاع العام عن طريق الشركة التونسية لصناعات التكرير.
في المقابل، ستؤدي الزيادة على الطلب إلى ارتفاع واردات الوقود، الأمر الذي سيتولد عنه استنزاف الاحتياطات النقدية من العملات الأجنبية التي بلغت مع بداية العام الجاري نحو 26.3 مليار دينار (8.45 مليار دولار).
وتعد تونس من بين البلدان التي تعتمد بشكل كبير على واردات الطاقة باعتبارها لا تنتج النفط والغاز بما يسد الطلب المحلي، وهي تشتري شحنات من مصادر مختلفة وقد كثفت في الأشهر الأخيرة مشترياتها من الوقود من روسيا.
وتمكن البلد الذي يمر بأزمة اقتصادية حادة من السيطرة على مستوى العجز التجاري للطاقة العام الماضي، في مؤشر اعتبره البعض أنه قد يمنح السلطات دافعا للمزيد من خفض نفقات الاستيراد خلال 2024 مع تراجع الأسعار في الأسواق العالمية.