في رده على على فريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي قال جمال الدين العويدي الخبير الاقتصادي والمالي ان التأكيد لفريد بلحاج ” الملح” على ضرورة تشجيع القطاع الخاص حصريا في غير محله لأن تقارير البنك المركزي السنوية تبين أن القطاع الخاص في تونس يتحصل على %90 تقريبا من القروض البنكية الجارية المسندة للقطاعات الاقتصادية من بينها 53 تستفرد بها المجموعات الكبرى وهي بضعة عائلات. غير أن مردود القطاع الخاص لا يوفر مواطن شغل كافية (بين 12 ألف و20 ألف موطن سنويا في أحسن الأحوال) ولا يصدر لتغطية العجز التجاري الكارثي. حيث ينشط بالأساس في التوريد (عبر انتشار النيابات الخارجية في جميع القطاعات) وهو نشاط يعرض البلاد إلى تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج عبر الترفيع في فواتير التوريد كما تبين من عديد الدراسات الجدية ( (PERI معهد الدراسات التابع لجامعة ماساتشوستس الأمريكية.
العويديدي وعبر مقال نشرته صحيفة الشارع المغاربي على موقعها الرسمي اليوم ذكر بلحاج بالحقائق التالية
- ان القطاع العمومي لا يتحصل إلا على 8 مليار دينار من مجموع 88 مليار دينار من بين القروض الجارية. مقابل 80 مليار دينار للقطاع الخاص.
- لذلك نعتبر أن السيد فريد بالحاج يتغافل تماما عن التعرض إلى النزيف الذي يعاني منه الاقتصاد التونسي من عجز تجاري مفرط ومهلك وصل إلى حدود 38,7 مليار دينار سنة 2022 ما يعادل 12 مليار دولار أمريكي. بمعنى 57,2 مليار دينار توريد مقابل 18,5 مليار تصدير أي تغطية بنسبة %32 تقريبا.
- خاصة وأنه يعلم جيدا، كما نعلم نحن، أن الميزان التجاري وميزان الدفوعات تشوبها عملية تزوير للتقليص من حدة العجز التجاري خاصة مع بلدان التحاد الأوروبي لأنه لا يعتمد النشرية السادسة لدليل ميزان الدفوعات “La 6ème Edition de la Balance de Paiement BPM 6” الصادرة عن صندوق النقد الدولي سنة 2009 والمصادق عليها من طرف البنك الدولي والأمم المتحدة ومن طرف كل بلدان العالم بما فيها تونس. والتي تم اعتمادها رسميا منذ سنة 2010 في تحديد إحصائيات التجارة العالمية وتحديد نتائج المحاسبة العمومية. وهو دليل ينص على عدم احتساب المبادلات الخاصة بالمناولة في حالة عدم تغيير ملكية البضاعة وهو حال الواقع في تونس.
- هذا الموضع الهام تم طرحه مباشرة امام ممثل صندوق النقد الدولي في شمال إفريقيا والشرق الأوسط واعترف بواقع الحال في تونس وما زلنا نترقب الرد؟
- عدم الاعتراف بوجود تهريب لرؤوس الأموال من خلال البنك الدولي حسب ما صرحتم به على قناة تلفزية خاصة هو تصريح يتنافى مع الحقيقة بالرجوع إلى التقرير الصادر عن البنك الدولي في فيفري 2020 بعنوان “هل تستحوذ النخب على المساعدات الخارجية؟ الدليل من خلال المصارف غير المقيمة ” “Capture d’élite de l’aide étrangère : preuves provenant de comptes bancaires offshore” Jorgen Juel Andersen, Niels Johannesen et Bob Rijker.
هو تقرير بين ان هناك ما بين %5 إلى % 15 بالمائة من الهبات التي تسلم من طرف البنك الدولي للبلدان الأشد احتياج يعثر عليها بعد وقت وجيز مودعة في بنوك خارجية في بلدان تعتبر ملاذ تهريب. لا يخفى عليكم أن هذا التقرير قد اسال ه الكثير من الحبر داخل ابنك الدولي.
- في خضم كل هذه المآخذ لابد من ذكر المبالغ التي يتكرم بها البنك الدولي من قبيل 120 ألف الدولار التي أعلن عنها نائب رئيس البنك الدولي اثناء زيارته الأخيرة وهو حسبما يبدو في الحقيقة قرض في شكل خط تمويل للمؤسسات الخاصة يمر عبر البنوك المحلية التي تتكفل بتوزيعه حسب الشروط والضمانات المطلوبة. إذا ما علمنا أن الغالبية العظمى من المؤسسات الصغرى والمتوسطة مصنفة درجة رابعة لدى البنوك فإن هذه القرض سوف يتحول كسابقيه حتما للمجموعات الكبرى. وهكذا يتبين خطر القيود والشروط المفروضة على المصارف لاستبعاد المؤسسات الصغرى من استعادة نشاطها في البلاد.
مآخذ عديدة من المفروض أن تكون محل نقاش راق وحر وديمقراطي وموضوعي يقدم الرأي والرأي المخالف من طرف وسائل الإعلام التونسية التي مع الأسف تخير الحوار الفردي الأحادي الذي يكرس الرأي الأحادي من قبيل “لا أريكم إلا ما أرى”.