في إطار سعيه لضمان تأمين تدفق مالي لإنعاش اقتصاد بلاده، وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإثنين مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اتفاقيات تعاون في مجالات استثمارية ودفاعية تشمل الطاقة والاستثمار المباشر والدفاع. ويعاني الاقتصاد التركي تضخما كبيرا وانهيارا في سعر صرف العملة الوطنية، ويعول أردوغان الذي تحمله جولة إلى السعودية وقطر والإمارات على تعزيز الاستثمارات الخليجية في بلاده.
بعد أن استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قصر السلام في جدة وقعت الدولتان اتفاقيات تعاون في مجالات استثمارية ودفاعية أبرزها شراء المملكة طائرات مسيّرة تركية. وجرت مراسم التوقيع في أعقاب مباحثات رسمية أجراها ولي العهد والرئيس التركي الإثنين.
وزار أردوغان السعودية في مستهل جولة إقليمية تشمل قطر والإمارات.
وهذه الزيارة الثانية لأردوغان للسعودية منذ المصالحة بين البلدين في نيسان/أبريل 2022، إثر قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018 والتي أحدثت شرخا بين القوتين الإقليميتين.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن الزعيمين أجريا مباحثات أعقبها توقيع عدد من الاتفاقيات.
وذكرت “واس” أن الطرفين وقعا ثلاث مذكرات تعاون في مجالات الطاقة والاستثمار المباشر والتعاون الإعلامي، وخطة تنفيذية للتعاونِ في مجالات القدرات والصناعات الدفاعية والأبحاث والتطوير وعقدين مع شركة “بايكار للتكنولوجيا” للصناعات الدفاعية والجوية، لا سيما الطائرات المسيّرة.
وكتب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان على تويتر صباح الثلاثاء أنه وقع “عقدي استحواذ بين وزارة الدفاع وشركة بايكار التركية للصناعات الدفاعية، تستحوذ بموجبهما وزارة الدفاع على طائرات مسيَّرة؛ بهدف رفع جاهزية القوات المسلحة، وتعزيز قدرات المملكة الدفاعية والتصنيعية”.
ولم يحدد الوزير عدد أو نوع المسيّرات التي ستحصل عليها السعودية بموجب هذه الصفقة ولا موعد تسلّمها.
ومساء الثلاثاء، وصل الرئيس التركي إلى الدوحة قبل أن يستقبله امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في قصره، بحسب وسائل الاعلام القطرية.
“أكبر عقد”
وفي وقت سابق، أفاد مسؤولون سعوديون وكالة الأنباء الفرنسية أن المملكة بحاجة لتعزيز قدراتها في مجال الطائرات المسيّرة خصوصا لضبط الحدود مع اليمن، حيث تقود المملكة تحالفا عسكريا ضد الحوثيين منذ أكثر من ثمانية أعوام.
هدأت وتيرة المعارك إلى حد كبير بعد انتهاء هدنة أعلنها الطرفان في أفريل 2022 لستة شهور.
بدوره، تحدث خلوق بيرقدار مدير شركة بايكار على تويتر عن توقيع “أكبر عقد تصدير دفاعي وفي مجال الطيران في تاريخ الجمهورية التركية” مع وزارة الدفاع السعودية، بدون أن يفصح عن كلفة الصفقة.
وأوضح دبلوماسي عربي في الرياض لوكالة الأنباء الفرنسية أن “السعودية كانت ترغب في شراء مسيّرات تركية من نوع ‘تي بي 2’ تحديدا”.
وأثبت طراز “تي بي 2” من المسيّرة بيرقدار التي تنتجها شركة “بايكار” فاعليته في ليبيا وأذربيجان ومن ثم في أوكرانيا حيث استُخدم بعيد بدء الغزو الروسي العام الماضي. وأحد صهرَي الرئيس التركي مدير شريك في الشركة.
والشهر الماضي، عززت الكويت دفاعات جيشها عبر شراء مسيّرات من طراز “بيرقدار تي بي 2” في صفقة بلغت قيمتها 367 مليون دولار.
عقد من التوتر
لنحو عقد، طبع التوتر علاقات تركيا التي تحتضن قيادات في جماعة “الإخوان المسلمون”، مع السعودية والامارات اللتين تصنّفان الجماعة على أنها “تنظيم إرهابي”. كما كانت تركيا والبلدان الخليجيان على طرفي نقيض في عدد من النزاعات الإقليمية في سوريا وليبيا.
وساهم الحصار الذي فرضته السعودية في 2017 على قطر، حليفة تركيا، لمدة ثلاث سنوات ومن ثم قضية خاشقجي في السنة التالية في تسميم العلاقات بين أنقرة والرياض. قبل أن يقرر الطرفان اللجوء إلى المصالحة بداية العام الماضي.
وذكرت “واس” أن الأمير محمد وأردوغان عقدا “جلسة مباحثات رسمية ولقاءً ثنائياً” شهدا “استعراض أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وآفاق التعاون المشترك وفرص تطويره في مختلف المجالات”. وعرض الجانبان “مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها”.
بعد وصوله إلى جدة مساء الإثنين، شارك أردوغان الذي أعيد انتخابه رئيسا لولاية ثالثة بعد دورة انتخابية ثانية في ماي، في فعاليات منتدى الأعمال السعودي التركي.
وشهد المنتدى توقيع تسع اتفاقيات في قطاعات العقار والتقنية والإعلام ورأس المال البشري، حسب قناة “الإخبارية”.
وخلال جولته الخليجية، يسعى أردوغان لضمان تأمين تدفق مالي لإنعاش اقتصاد بلاده الذي يعاني تضخما كبيرا وانهيارا في سعر صرف العملة الوطنية.
قبل مغادرته إسطنبول الإثنين، قال أردوغان “خلال زياراتنا سيكون جدول أعمالنا الأساسي هو الاستثمار المشترك والأنشطة التجارية مع هذه الدول خلال الفترة المقبلة”.