نشرت مجلة “إيكونوميست” البريطانية، أمس مقالا، قالت فيه إن “الرئيس التونسي، قيس سعيد، وفى بوعده، حيث إنه قبل خمس سنوات، عند ترشحه للرئاسة بنية إصلاح السياسة التونسية بشكل جذري. قد فعل ذلك بالفعل، حيث منح نفسه سلطات وصفها البعض بـ”انقلاب ذاتي” وخنق الديمقراطية الناشئة”.
وأضاف المقال، أنه “لن يقول سوى عدد قليل من التونسيين بأنهم في وضع أفضل. ومع ذلك، في السادس من أكتوبر، سوف يترشح سعيد، لإعادة انتخابه، في تصويت سيفوز به بالتأكيد”.
وتابع: “ليس بسبب نقص المعارضة، إذ كان العشرات يأملون في تحدّيه، لكن طموحاتهم أُحبطت. فتم سجن بعض المرشحين المحتملين بتهم زائفة. وتم استبعاد آخرين، بعد اتهامات مشكوك فيها بشراء الأصوات”.على حد قول كاتب المقال .
وأردف المقال نفسه، بأن قيس سعيد “بصفته أستاذ قانون فإنه ماهر في استخدام القانون لقمع التحديات لحكمه”، مسترسلا: “في النهاية، وافقت اللجنة الانتخابية على ثلاثة مرشحين فقط: قيس سعيد، زهير المغزاوي، وهو سياسي غريب الأطوار يُنظر إليه على أنه قريب من سعيد”.
كذلك، فإن اللجنة الانتخابية، وافقت على “العياشي زمال، وهو رجل أعمال مغمور، وخشية أن يصوت له أحد تمّت إدانته لاحقا بالتزوير، وحكم بالسجن لمدة 20 شهرا (ولكنه يبقى على ورقة الإقتراع)”.
ويرى كاتب المقال نفسه، بأن “الانتخابات التونسية الماضية، التي جرت خلال عام 2019، تميّزت باليأس. فقد كان التونسيون متفائلين بعد الإطاحة بزين العابدين بن علي، وهو دكتاتورهم القديم، في عام 2011. ولكن بعد ثماني سنوات فقدوا الأمل في السياسيين الفاسدين الذين فشلوا في إحياء الاقتصاد الراكد. فاز سعيد بنسبة 73 في المئة من الأصوات ووعد بـ: ثورة جديدة”.
وأضاف: “في عام 2021، علّق الكثير من بنود الدستور التونسي، وأرسل دبابة لإغلاق أبواب البرلمان. في العام التالي، دفع بميثاق جديد جرد السلطة التشريعية من السلطة وعزّز الرئاسة. منذ توليه منصبه، انزلقت تونس من المركز 53 إلى المركز 82 على مؤشر الديمقراطية الذي جمعته وحدة معلومات الإيكونوميست”.
واستطرد: “لكن الاقتصاد لا يزال مهملا. فقد ظل النمو منخفضا، لسنوات. وبعد تعديل التضخم، أصبح الناتج المحلي الإجمالي أصغر ممّا كان عليه قبل الانهيار الناجم عن الوباء في عام 2020”.
وبحسب المقال نفسه، قد “بلغ معدل البطالة 16 في المئة، وأكثر من ضعف ذلك بين الشباب. والنقطة المضيئة الوحيدة هي صناعة زيت الزيتون التي تستفيد من الجفاف في إسبانيا، أكبر منتج في العالم، والذي أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية. وكل شيء آخر في حالة احتضار”.
وأكد أن “الدين العام يقترب من 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومعظمه مستحق للأجانب. وبلغت تكاليف الديون الخارجية 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي. وفي عام 2022، تفاوض المسؤولون التونسيون على خطة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي. لكن سعيد رفض الصفقة، رافضا خفض الدعم وفاتورة الأجور العامة الضخمة”.
“تمكّنت الحكومة من تجنب التخلف عن السداد. لكنها تحتاج إلى اقتراض ما يقدر بنحو 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل وتكافح من أجل إيجاد تمويل خارجي (سنداتها مصنفة على أنها غير مرغوب فيها)” أوضح التقرير نفسه.
وأبرز أن “البنوك المحلية تثقل كاهلها بالديون العامة. ومن المتوقع أن يقرضوا الدولة نحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام وأكثر في عام 2025. وهذا من شأنه أن يزاحم الشركات الخاصة ويثير المخاوف بشأن قدرة البنوك المحلية على الوفاء بالتزاماتها”.
واختتم المقال، مشيرا إلى أن “سعيد لم يُبد اهتماما كبيرا بالإصلاحات: فإن سياساته الاقتصادية لا تتجاوز كثيرا الاتهامات بشأن المضاربين وحملات مكافحة الفساد (التي تستهدف عادة خصومه السياسيين). وخمس سنوات أخرى من هذا القبيل تضمن في الغالب استمرار تعثر الاقتصاد التونسي”.