أكد المحلل السياسي المغربي سمير بنيس في مقال حول مستقبل العلاقات التونسية المغربية التي تمر الأن بقطيعة غير مسبوقة أن ما ينبغي القيام به الآن هو ترك الدبلوماسية المغربية وذوي الاختصاص يعملون في صمت خلف الكواليس من أجل الدفاع عن مصالح المغرب والحفاظ على المكتسبات الدبلوماسية الجمة التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية. بالموازاة مع ذلك، على الأحزاب السياسية المغربية أن تشمر على سواعدها وتقوم بالعمل الذي من شأنه أن يعود بالنفع على مصالح البلد على المدى القريب والمتوسط والبعيد. ويكمن هذا العمل في التواصل مع الأحزاب السياسية المعارضة لنظام قيس سعيد وتعزيز علاقاتها المؤسساتية معها تحسبا للوقت الذي قد يسقط فيه هذا النظام. الكل يعلم بأن الرئيس التونسي يواجه معارضة شرسة من العديد من الأحزاب والنقابات التونسية، وأن فئات عريضة من الشعب التونسي غير راضية عن الانقلابات الدستورية التي قام بها ضد العملية الديمقراطية. وبالنظر إلى الضغوطات الخارجية التي يتعرض لها الرئيس سعيد على يد الولايات المتحدة الأمريكية وظهور بوادر أخذ كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لبعض المسافة مع هذا النظام، بعدما كانتا من بين الدول التي دعمته ضد حزب النهضة، والمعارضة الشرسة التي يواجهها من طرف الأحزاب المتشبثة بالخيار الديمقراطي، فمن غير المستبعد أن ينجح الشعب التونسي في التخلص من قيس سعيد في الشهور أو السنوات القليلة المقبلة.
إن الشعب الذي أنهى حكم نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، الذي كان متحكما في كل دواليب الحياة السياسية والاقتصادية، قادر على إسقاط رئيس لا يكاد يثبت أقدامه على رأس الدولة التونسية ويمر من أزمة اقتصادية خانقة قد تدفع بالشعب التونسي إلى الثورة في أي لحظة. ومن ثم، فعلى الأحزاب المغربية تعزيز علاقاتها مع نظيرتها التونسية وتفادي قيام النظام الجزائري باختراقها وضمها كذلك لصفه.
فالخوف كل الخوف أن تستمر حملة التنديد ضد تونس، وأن يقوم نظام الرئيس قيس سعيد باستعمالها لصالحه لتبرير الموقف الذي اتخذه من قضية الصحراء المغربية، وأن يحاول تصوير المغرب بأنه دولة توسعية تسعى إلى النيل من مصالح جيرانها، وهي السردية التي عمل النظام الجزائري على الترويج لها منذ ستة عقود. إن استمرار نشر هذه البلاغات الاستنكارية التي لن تغير أي شيء قد يتسبب في استعداء الشعب التونسي، الذي على المغرب دولة وشعبا القيام بكل ما في وسعه من أجل الحفاظ عل العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين. كما ينبغي تفادي الدخول في الحروب الكلامية في وسائل التواصل الاجتماعي والتعامل مع كل ما يتم نشره بكثير من الحذر والأخذ في الحسبان أن النظام الجزائري هو من يقف وراء المنشورات المعادية للمغرب وأنه يهدف إلى إذكاء نار الفتنة بين الشعبين المغربي والتونسي. فالمغرب ليس في حاجة إلى استعداء الشعب التونسي، بل أن يظهر له أن المغاربة يفرقون بين نظامه وما بين عامة التونسيين وأنهم يتفهمون وضعيتهم.
ويضيف ” لعل خير سبيل لمنع استفراد الجزائر بتونس هو أن يعمل المغرب على تعزيز نفوذه ووزنه الاقتصادي في تونس،
لقد كان من الطبيعي أن تكون ردة فعل الكثير من المغاربة بعد الخطوة التي أقدم عليها الرئيس التونسي ضد المغرب هي مطالبة الحكومة المغربية باتخاذ إجراءات اقتصادية عقابية ضد تونس؛ في مقدمتها انسحاب “التجاري وفا بنك” من هذا البلد، وإلغاء العمل باتفاق التبادل الحر بين البلدين. لا شك في أن اتخاذ قرارات مثل هذه قد تجعلنا نحس بنوع من الرضا الآني؛ بيد أنه حالات مثل هذه ينبغي لنا أن نترك عواطفنا جانبا، ذلك أن قرار من هذا النوع سيخدم مصالح خصوم المغرب، وسيعزز السردية التي بدأت الآية الدعاية الإعلامية الجزائرية تروج لها وهي أن المغرب يسعى إلى النيل من اقتصاد تونس لتعزيز نفوده الاقتصادي على المستوى الإقليمي. كما أن أول متضرر من هذه القرارات سيكون هو الشعب التونسي الذي يعتبر ضحية السياسات التي يتبعها الرئيس سعيد