أخبار دولية – الجزائر
قالت صحيفة الشروق الجزائرية في عددها الصادر يوم أمس أن مسؤولين إماراتيين “يواصلون سلوكاتهم الممعنة في استعداء الجزائر، رغم الظاهر من العلاقات الودية بين الدولتين والشعبين الشقيقين، إلى درجة لا يتوقع معها المراقبون أن تظل الأمور طيّ التحفظ والكتمان، وقد تنفجر الأزمة الدبلوماسية بين الجانبين في أي وقت.”
وفي هذا السياق، أسرّت مصادر دبلوماسية أجنبية جد موثوقة لـ”الشروق” بوجود تحركات مشبوهة لملحق الدفاع بسفارة الإمارات العربية في الجزائر، حيث صدرت عنه تصرفات لا تليق بممثل دبلوماسي لبلد عربي مسلم في حق دولة شقيقة، طالما كانت حريصة على صيانة روابط الأخوة والعمل على ترقية العلاقات الثنائية في كافة المجالات وتكريس التعايش السلمي في المنطقة، وخاصة بين الأقطار العربية.
وكشفت المصادر الأجنبية نفسها لـ”الشروق” أنّ هذا الملحق الإماراتي الذي يحمل رتبة عقيد، صرح لأحد الدبلوماسيين، في حضرة نظرائه الأوروبيين، أنه في حال نشوب حرب بين الجزائر والمغرب، فإن بلاده ستقف بكل إمكاناتها مع المملكة العلوية.
وإذا كان مثل هذا الكلام الأرعن والمنافي لكل القيم الدبلوماسية والقومية لا وزن له عمليّا عند الجزائريين الأحرار، ولن يحرك فيهم شعرة ارتباك واحدة، فقد أعدوا عدتهم لمواجهة التحالف الصهيوني بكل تفرعاته ومحاوره وسيناريوهاته، وهم يعرفون كيف يدافعون عن شرف بلادهم في كل الظروف.
غير أن الغريب هو أن يصدر هذا التصريح الأخرق عن “مسؤول” دبلوماسي رسمي عربي، كان يفترض أن تبذل سلطات دولته، لو كانت فعلا عربية، كل جهودها لإحلال السلام وفضّ النزاعات البينيّة، فإذا بذاك البلد المجهري يعمل ليل نهار على إثارة الفتن وتغذيتها بين الأشقاء، حتّى صرنا نجد آثار خرابه في كل الأزمات الإقليمية، بل والحروب عبر كل القارات، لأنه مجرد كيان وظيفي في لعبة الأمم على مسرح الأحداث الدولية، وسينتهي إلى زوال يوم يرفع عنه سادته الدوليون الحماية العسكريّة.
وتضاف هذه المعلومات الخطيرة إلى ما علمته الزميلة “الخبر” من مصادرها الخاصة، قبل أيام، بخصوص تنامي الطابع الرسمي لحملات الكراهية من نظام دولة الإمارات، تجاه الجزائر.
وتأتي ممارسات العداء والكراهية التي يشنها مسؤولون إماراتيون ضد بلادنا في نفس التوقيت الذي يمارسون فيه ضغطا رهيبا على موريتانيا، لأجل الالتحاق بقافلة المطبعين والاعتراف بـ”إسرائيل”، حيث زارها مؤخرا وزير الدفاع الموريتاني، مرورا بإمارة دبي، وأقام فيها لبعض الوقت، في إطار رحلة أشرف على تنظيمها هؤلاء المسؤولون أنفسهم، مثلما نقلت “الخبر”.
وأشارت مصادرها إلى أنّ الجارة الشرقية تونس هي الأخرى أدخلها المسؤولون الإماراتيون في دائرة الابتزاز، حيث اقترح عليها نظام دولة الإمارات مساعدات مالية، شريطة التطبيع مع “إسرائيل”، وقطع علاقتها مع الجزائر.
أما ليبيا، فقد تم إغراقها عن طريق الجنرال العميل خليفة حفتر بالمهلوسات، لتكون منطقة عبور نحو الهدف الرئيس، وهو تخريب الجزائر من الداخل بقتل شبابها، بعد ما يتم تطويقها بالمخدرات المغربية غربا والأقراص المهلوسة شرقا.
وفي نوفبمر 2020، أكدت مصادر مطلعة لـ”الشروق” أن الدولة الجزائرية مستاءة جدا من الإمارات، على خلفية انخراطها في استفزاز الجزائر بمناسبة التدخل العسكري المغربي حينها في منطقة الكركرات.
وأوضح مصدرنا آنذاك أنّ الدعم الإماراتي التاريخي لأطروحة المغرب الاحتلاليّة في الصحراء، كان مفهوما بحكم التأثير الجوهري لحاكم أبو ظبي، محمد بن زايد، فقد عاش الأخير بالمغرب مع بداية سبعينيات القرن الماضي، حيث انتسب إلى المدرسة المولوية الموجودة داخل القصر الملكي في الرباط، وعمره 14 عاما، كعقاب من والده، بل إنه شارك خلالها في المسيرة الخضراء المزعومة سنة 1975.
لكن أن تتواطأ أبو ظبي ضد مصالح الجزائر ويتم توريطها بالوكالة عن الكيان الصهيوني في ابتزازها وخلط الأوراق بجوارها، فإنّ ذلك سيترك آثاره حتما على علاقات البلدين، يضيف المصدر، والذي هوّن وقتها من فتح قنصلية إماراتية في العيون المحتلّة، معتبرا إيّاها “لا حدث”، بل مجرد يافطة فوق بناية مهجورة.
هذه التطورات السلبية المتسارعة مؤخرا في سعي الإمارات للإضرار باستقرار الجزائر وضربها عرض الحائط بكل مصالحها الاستراتيجية العليا، تؤكد أنّ هذا الكيان الوظيفي لم يعد مُباليا بعواقب تصرفاته ضدّ بلد كبير ومحوري في القارة الإفريقية والإقليم العربي، وهو بلا شك تصرف طائش ينمّ عن عدم تقدير للمآلات، وقد لا يطول الزمن كثيرا لدفع ضريبته، لأنّ الجزائريين مسالمون ومتمسكون بأواصر الأخوة إلى آخر لحظة، لكنهم لن يقبلوا أبدا التجرؤ الوقح عليهم، ولا يرضون الدنيّة والمساس بكرامتهم السياسية في العلاقات مع أي بلد.
وزيادة على دورها التدميري في الجغرافيا العربية والإفريقية، من ليبيا إلى سوريا مرورا باليمن والساحل، وتحولها إلى رأس حربة في التطبيع مع “إسرائيل” ومحاصرة المقاومة وضرب الفلسطينيين في الظهر، فقد صارت الإمارات “العربية” خلال السنوات الأخيرة معول هدم حضاري وأخلاقي في المنطقة، خاصة في ظل تبنيها لفرية “الديانة الإبراهيمية”، ضمن مشروع صهيوني خطير لوأد القضية الفلسطينية، وكل هذه المؤشرات تجعلها كيانا منبوذا من جميع الشعوب الإسلامية والعربية.