اتخذت الحكومة التونسية خطوة حاسمة نحو تحديث البلاد من خلال منح تراخيص 5جي لثلاثة مشغلين رئيسيين اتصالات تونس وأرونج وأوريدو .
أقيم الحفل، نهاية الأسبوع الماضي، بقصر الحكومة بالقصبة، بحضور الوزير الأول كامل مدوري ووزير تكنولوجيات الاتصال سفيان حميسي. وقال هميسي: “تمثل تقنية الجيل الخامس نقطة تحول تاريخية بالنسبة لتونس”. “ستسمح لنا هذه التكنولوجيا بتسريع رقمنة الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة وتحسين نوعية حياة المواطنين.” وستوفر شبكات الجيل الخامس الجديدة سرعات اتصال أعلى بكثير من التقنيات الحالية، مما يتيح تطوير خدمات مبتكرة في قطاعات الصناعة والرعاية الصحية والزراعة والتعليم. علاوة على ذلك، ستساعد تقنية 5G في تقليل الفجوة الرقمية، وتوسيع تغطية الإنترنت حتى إلى المناطق النائية في البلاد. ويبلغ إجمالي عدد المشتركين في الهاتف المحمول في الدولة الواقعة بشمال إفريقيا 16,258,517 بنسبة 136,5 بالمائة، في حين يبلغ إجمالي عدد المشتركين في الإنترنت المحمول 11,583,616 بنسبة 97,2 بالمائة، بحسب بيانات مؤرخة. 29 فبراير 2024 صادر عن الهيئة القومية للاتصالات. وفي 24 ماي 2023، تم إحداث لجنة فنية متخصصة على المستوى الوزاري مكونة من مختلف الجهات المعنية، لتقييم مختلف نتائج الدراسات المنجزة واختيار الاتجاه الذي سيتم اعتماده في تونس فيما يتعلق بتركيز واستغلال شبكات الجيل الخامس.
ويتنافس على صفقة الجيل الخامس في تونس الاتحاد الأوروبي ممثلاً بشركتَي “إريكسون” السويدية و”نوكيا” الفنلندية من جهة، والصين ممثلة بالعملاقة “هواوي” التي تنشط بكثافة في شمال أفريقيا رغم الحظر الغربي المفروض على معداتها وتقنياتها بذريعة مخاوف التجسّس والأمن القومي.
وكانت الولايات المتحدة وبمفردات ديبلوماسية حذرت تونس من التعاطي مع المزود الصيني ” هواوي” وذلك في عدة مناسبات وكانت المناسبة الأكثر وضوحا عبر مقال رأي كتبه السفير الأمريكي السابق بتونس دونالد بلوم الذي قال صراحة وهو يتحدث عن مزايا الجيل الخامس بالنسبة لتونس ” ومع ذلك فإن تكنولوجيا الجيل الخامس من الاتصالات اللاسلكية لا تخلو من أخطار جسيمة تحدق بسرية معطيات المستخدمين الشخصية وبالسلامة المعلوماتية. إذ يمكن لمصنّعي معدات هذه التكنولوجيا غير الموثوق بهم أن يستغلوا ثغرات في تجهيزاتهم من قبيل ما يعرف بالأبواب الخلفية ومفاتيح الإيقاف لسرقة معلومات المستخدمين دون علمهم. لذلك على الدول أن لا تستأمن على شبكات اتصالاتها شركات خاضعة لحكومات استبدادية.
إذ تخضع شركة هواوي مثلا إلى القانون الصيني للاستعلامات الوطنية مما يعني أنها ملزمة بتسليم أيّما معلومات تطلبها الحكومة الصينية وقد مثلت الشركة أمام محاكم فيدرالية أمريكية وجهت لها تهما جنائية بالتحيل والابتزاز والتآمر للاستيلاء على أسرار تجارية من الشركات التي تتخذ من الولايات التحدة مقرا لها.
يؤكد بلوم ” خلصت الولايات المتحدة وعدد متزايد من الخبراء العالميين إلى أن الأخطار الناجمة عن الترخيص باستخدام تجهيزات اتصالات الجيل الخامس من مزودين غير موثوق بهم ويخضعون لسلطة أنظمة استبدادية هي أخطار لا يمكن الحد من تبعاتها. وبالنظر إلى طريقة اشتغال شبكات الجيل الخامس يمكن الجزم أنّ أمنها من أمن كل تجهيزاتها قاطبة وأن لا مكان فيها لمعدات آمنة من مصادر غير ذات ثقة.
لذلك تطلب الولايات المتحدة من دول شتى ومنها تونس أن تتدارس مليّا الأخطار التي تنجم عن اعتماد مزودين غير موثوق بهم حتى تحافظ على سلامة وأمن شبكات الجيل الخامس في المستقبل. لقد انضمّ إلى مبادرة “الشبكة النظيفة” أكثر من 50 دولة تمثل تقريبا ثلثي الناتج الداخلي الخام العالمي وهو تجمع لدول التزمت ألا تدمج في بناها التحتية سوى تجهيزات من مزودين موثوق بهم. وقد التحقت بهذا التجمع 26 من أصل 27 دولة عضوة في الاتحاد الأوروبي. يؤمن هؤلاء الشركاء أن لا مكان في شبكاتهم لمعدات ترتبط بنظام بوليسي سواء كانت معدات اتصالات (ومنها الكابلات البحرية) أو أنظمة حوسبة سحابية أو تطبيقات هواتف محمولة “.
يذكر ان اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 19 أوت 2021 برئيس مؤسسة هواوي شمال افريقيا تحول الى موضوع نقاش داخل لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي اذ أطكدت يومها أليكسي ألياف المختصة في الشؤون الافريقية ” ان الولايات المتحدة تابعت لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس مجموعة هواوي بقلق كبير ”
وخلال تحوله الى الصين في جوان الماضي زار رئيس الجمهورية المقر الرسمي لشركة “هواوي” بمدينة “شنزان” أين التقى بمؤسسها وقام بجولة في أجنحة هذه المؤسسة اطلع خلالها على أحدث ابتكاراتها التكنولوجية واستمع إلى عرض مفصّل حول نشاطها في العالم عموما وفي تونس على وجه الخصوص، فضلا عن الفرص المتاحة لتطوير شراكاتها مع بلادنا مستقبلا في عدّة مجالات من بينها رقمنة الإدارة والمعاملات المالية والتعليم والطاقات المتجددة.
وأكّد رئيس الجمهورية أن الرقمنة أمر لم يعد خيارا بل ضرورة ملحة، فمزاياها كثيرة ولا تقتصر على سرعة تقديم الخدمات وشفافيتها بل تساهم أيضا في مقاومة الفساد بشكل ناجع كما أثبتت ذلك التجارب في عديد الدول.