على الرغم من الاضطرابات الاقتصادية العالمية، فإن صناعة النسيج التونسية تتمتع بصحة جيدة. وترتفع البلاد إلى المركز العاشر بين موردي الملابس العالميين للاتحاد الأوروبي، متجاوزة دولًا مثل المملكة المتحدة وسريلانكا ومصر. وينعكس هذا الأداء المتميز في الزيادة المستمرة في الصادرات، حيث ارتفعت من 1.97 مليار يورو في عام 2019 إلى 2.36 مليار في عام 2023.
كانت سنة 2023 مثمرة بشكل خاص لقطاع النسيج والملابس التونسي. وقفزت صادرات الملابس بنسبة 6.8% لتصل إلى 8.18 مليار دينار تونسي. ولم يتم استبعاد قطاع النسيج، حيث حققت صادراته نموا بنسبة 3.07%. وتظهر هذه الأرقام مرونة القطاع وقدرته على التكيف في مواجهة التحديات الدولية.
إن التصديق على اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (زليكاف) في عام 2020 يفتح آفاقا جديدة لتونس. وقد يكون هذا الانضمام بمثابة نقطة انطلاق لغزو أسواق أفريقية جديدة، والاستفادة من العلاقات المميزة مع الاتحاد الأوروبي. ويمكن لتونس، على سبيل المثال، أن تصبح المورد المفضل لملابس العمل للشركات الأوروبية القائمة في بلدان “زليكاف”.
وخارج القارة الأفريقية، تمثل السوق الأمريكية أيضًا فرصة مثيرة للاهتمام. إن اتفاقية أغوا، التي تسهل الوصول إلى السوق الأمريكية لبلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يمكن أن تفيد تونس بشكل غير مباشر، وخاصة فيما يتعلق بتصدير الجينز.
ومع ذلك، فإن قطاع النسيج التونسي ليس بمنأى عن الصعوبات. وكشفت الأشهر الأولى من عام 2024 عن تباطؤ، مع انخفاض الصادرات من حيث القيمة بنسبة 8.64%. يؤثر هذا الانكماش على الملابس والأقمشة. كما انخفضت الواردات بنسبة 6.44%، مما يعكس تغير السوق.
للحفاظ على مكانتها واستغلال إمكاناتها بالكامل، يجب على صناعة النسيج التونسية التغلب على العديد من العقبات. وتعرقل صعوبات تمويل الأعمال والإجراءات الإدارية المرهقة تطوير هذا القطاع. ومن شأن تحديث العمليات وتحسين الوصول إلى رأس المال أن يساعد في تعزيز هذه الصناعة الرئيسية. تونس على مفترق طرق استراتيجي. فصناعة النسيج لديها، التي تتمتع بسمعة راسخة وموقع جغرافي متميز، لديها القدرة على تعزيز مكانتها على المسرح العالمي. ومن خلال مواجهة التحديات الحالية واغتنام الفرص التي تتيحها الاتفاقيات التجارية الجديدة، لم تتمكن البلاد من تعزيز مكانتها كمورد رئيسي للاتحاد الأوروبي فحسب، بل تمكنت أيضاً من ترسيخ نفسها كلاعب رئيسي في مجال المنسوجات على المستوى الدولي.