كشف جاريد كوشنر ، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ، في مذكراته التي تحمل عنوان Breaking History أن إدارة ترامب ضغطت على السلطات التونسية لإقالة السفير التونسي السابق لدى الأمم المتحدة منصف البعتي
وكانت تونس استدعت في جانفي المنصف البعتي وأعفته من مهامه بعد خمسة أشهر فقط من تسلّمه رئاسة البعثة الدبلوماسية في نيويورك. و أثير في البداية أن السبب وراء إقالة البعتي هو اتّهام الرئاسة التونسية له بأنّه دعم ملفا فلسطينيا على حساب علاقة بلده بالولايات المتّحدة.
وكان البعتي، الدبلوماسي المخضرم، متقاعداً حين طلبت منه وزارة الخارجية في 2019 العودة إلى السلك لتمثيل تونس في الأمم المتحدة خلال فترة عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن.
وحسب كتاب جاريد فان السبب وراء الإقالة هو أنه في عام 2020 ، أن البعتي أعد مشروع قرار يدين “صفقة القرن” التي اقترحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب
وفقا لمصادر دبلوماسية ، مارس البيت الأبيض ضغطا مزدوجا على السلطات التونسية. بناء على تعليمات من واشنطن ، شرح دونالد بلوم ، السفير الأمريكي في تونس ، موقف وزارة الخارجية لصبري باشتوبجي ، وزير الخارجية التونسي المؤقت ، مذكرا إياه بالمساعدات التي تمنحها أمريكا لبلاده. ثم أبلغ الوزير رئيس الدولة قيس سعيد بهذه المحادثة.
وفي نفس الوقت تمت دعوة فيصل قويعة ، السفير التونسي لدى الولايات المتحدة ، على وجه السرعة لإجراء مقابلة في البيت الأبيض مع المقربين من جاريد كوشنر ، المستشار الأول (وصهر) دونالد ترامب عراب “صفقة القرن”.
وللتذكير فأن “صفقة القرن” تضمن استمرار السيطرة الاسرائيلية على معظم الضفة الغربية التي احتلتها اسرائيل عام 1967، وتضم الكتل الاستيطانية الضخمة في الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل وبقاء مدينة القدس موحدة وتحت السيادة الاسرائيلية.
وتعهدت اسرائيل بالحد من النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية لمدة أربع سنوات وهي الفترة الممنوحة للجانب الفلسطيني كي يقر الدخول في مفاوضات مع الجانب الاسرائيلي لتطبيق الخطة.
“خطة ترامب تضمن بشكل واضح واحادي الجانب المصالح الإسرائيلية، وتأخذ بالكاد مطالب الفلسطينيين بعين الاعتبار، حتى الدولة الفلسطينية الموعودة ستكون سيادتها محدودة”، كما تقول شبالينغير، وتذكر بوعود ترامب “الجريئة” التي قدمها عند استلامه للسلطة، لحلّ هذا النزاع رغم علمه بفشل أسلافه في ذلك، مستنداً إلى “قدرته كرجل أعمال” على المناورة وعقد الصفقات.
علما وأن رئيس مجلس الأمن الأمن السفير البلجيكي مارك بيكستين، عبر عن شعوره بـ”الصدمة والأسف” اقرار إعفاء المندوب التونسي الدائم لدي الأمم المتحدة المنصف البعتي.
وفي الأثناء أعلنت وزارة الشؤون الخارجية التونسية أن قرار اعفاء مندوبها لدي الأمم المتحدة “يعود لاعتبارات مهنية بحتة”.
وقال بيكستين، في تصريحات للصحفيين بمقر الأمم المتحدة بنيويورك: “عندما علمت بالخبر شعرت بالصدمة والأسف ولا أعرف السبب في قرار إعفاء البعتي”.
وأردف قائلا: “السفير المنصف البعتي هو زميل لنا، ولا أعرف الظروف الخاصة بمغادرته”.
كان قرار إعفاء البعتي أثار استغراب في الأوساط الدبلوماسية بالأمم المتحدة خاصة أن الرجل كان يقوم خلال الأيام القليلة الماضية بجهد هائل، يتضمن التنسيق مع نظرائه العرب من أجل التوصل إلى مشروع قرار يندد بخطة السلام الأمريكية المزعومة المعروفة باسم “صفقة القرن”.
لكن الخارجية التونسية أفادت، في بيان، بأن إعفاء البعتي يعود إلى “اعتبارات مهنية تتعلق بضعف الأداء وغياب التنسيق والتفاعل مع الوزارة في مسائل هامة مطروحة للبحث في المنتظم الأممي خاصة أن عضوية تونس غير الدائمة بمجلس الأمن تقتضي التشاور الدائم والتنسيق المسبق مع الوزارة بما ينسجم مع مواقف تونس المبدئية ويحفظ مصالحها”.
ولم تقدم الوزارة توضيحات أخرى بهذا الخصوص.
وعملت تونس، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن – 2020 -2021- ، على إعداد مشروع قرار يندد بـ”صفقة القرن” من أجل التصويت عليه خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مجلس الأمن، للحديث عن الموقف الفلسطيني من الصفقة المزعومة.
واستدعت تونس مندوبها لدى الأمم المتحدة على نحو مفاجئ. ولم يشارك في الاجتماع الذي نظمته الولايات المتحدة بين عراب خطتها المزعومة للسلام جاريد كوشنر ومجلس الأمن.
ويعرف عن الرئيس التونسي دعمه المطلق للقضية الفلسطينية؛ حيث وصف في تصريحات سابقة خطة الإدارة الأمريكية بـ”مظلمة القرن”، وعدها “خيانة عظمى”.