الرئيسيةالأولىعزالدين سعيدان يكتب عن أخطر سيناريو على تونس

عزالدين سعيدان يكتب عن أخطر سيناريو على تونس

أخطر‭ ‬سيناريو‭ ‬على‭ ‬تونس‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تواصل‭ ‬التداين‭ ‬دون‭ ‬القيام‭ ‬بإصلاحات‭.‬

اقتصاد‭ ‬تونس‭ ‬أصبح‭ ‬معطّلا‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يوفّر‭ ‬نموّا‭ ‬ولا‭ ‬يخلق‭ ‬ثروة‭ ‬ولا‭ ‬مواطن‭ ‬شغل‭.‬

كل‭ ‬القطاعات‭ ‬تشكو‭ ‬وتحتاج‭ ‬الى‭ ‬إصلاحات‭ ‬عاجلة‭.‬

منظومة‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية،‭ ‬صندوق‭ ‬التعويض،‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية،‭ ‬النظام‭ ‬الجبائي،‭ ‬منظومة‭ ‬التعليم‭ ‬العمومي،‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة،‭ ‬القضاء،‭ ‬الأمن،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات‭ ‬تستدعي‭ ‬التدخل‭ ‬العاجل‭ ‬والشروع‭ ‬في‭ ‬إصلاحات‭ ‬عميقة‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬بلغ‭ ‬التداين‭ ‬العمومي‭ ‬مستويات‭ ‬خطيرة‭. ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالتداين‭ ‬المشط‭. ‬وكالات‭ ‬التصنيف‭ ‬الإئتماني‭ ‬وصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬والبنك‭ ‬الدولي‭ ‬والبنوك‭ ‬الجهوية‭ ‬الكبرى‭ ‬كلها‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬ينبئ‭ ‬بخطر‭ ‬التعثر‭ ‬في‭ ‬تسديد‭ ‬ديونها‭ ‬الخارجية‭.‬

ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬السلط‭ ‬العمومية‭ ‬التونسية‭ ‬متخوّفة‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬الإصلاحات‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الاجتماعي‭. ‬نعم‭ ‬لكلّ‭ ‬اصلاح‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬ولكن‭ ‬له‭ ‬أيضا‭ ‬تأثير‭ ‬سلبي‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاجتماعية‭. ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬يبرر‭ ‬هذا‭ ‬تأجيل‭ ‬الإصلاحات‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬له؟‭ ‬ان‭ ‬كان‭ ‬للإصلاحات‭ ‬تأثير‭ ‬سلبي‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بتأثير‭ ‬عدم‭ ‬القيام‭ ‬بإصلاحات‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وعلى‭ ‬تونس‭ ‬بأكملها؟

مواصلة‭ ‬التداين‭ ‬دون‭ ‬القيام‭ ‬بالإصلاحات‭ ‬الضرورية‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منها‭ ‬والتي‭ ‬تأخرت‭ ‬كثيرا‭ ‬هو‭ ‬قطعا‭ ‬أخطر‭ ‬سيناريو‭ ‬على‭ ‬تونس‭.‬

مواصلة‭ ‬التداين‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬يعني‭ :‬

‭- ‬مزيد‭ ‬اثقال‭ ‬كاهل‭ ‬الدولة‭ ‬بالديون‭.‬

‭- ‬اللجوء‭ ‬الى‭ ‬حلول‭ ‬تداين‭ ‬أقصر‭ ‬أجلا‭ ‬وأكثر‭ ‬كلفة‭.‬

‭- ‬مواصلة‭ ‬تأجيل‭ ‬أي‭ ‬إعادة‭ ‬جدولة‭ ‬مستحقات‭ ‬الدين‭ ‬الداخلي‭ ‬بالدينار‭ ‬وبالعملات‭ ‬الأجنبية‭.‬

‭- ‬والأخطر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬مواصلة‭ ‬تأجيل‭ ‬الإصلاحات‭ ‬التي‭ ‬تصبح‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬أصعب‭ ‬وأكثر‭ ‬كلفة‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تصبح‭ ‬مستحيلة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأوقات‭.‬

تونس‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬محادثات‭ ‬تقنية‭ ‬ومفاوضات‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬وعشرين‭ ‬شهرا‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬أفريل‭ ‬2021‭ ‬قصد‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قرض‭ ‬بـ1‭,‬9‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تحصل‭ ‬عليه‭ ‬الى‭ ‬حدّ‭ ‬الآن‭. ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬تريد‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬القرض‭ ‬دون‭ ‬القيام‭ ‬بأية‭ ‬إصلاحات‭. ‬وهذا‭ ‬طبعا‭ ‬غير‭ ‬ممكن‭ ‬اذ‭ ‬أنّ‭ ‬برنامج‭ ‬الإصلاحات‭ ‬المرافق‭ ‬لطلب‭ ‬القرض‭ ‬تقدمت‭ ‬به‭ ‬السلط‭ ‬التونسية‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬تونس‭.‬

مستوى‭ ‬مخزون‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬يدلّ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬وضعت‭ ‬نفسها‭ ‬أمام‭ ‬خيار‭ ‬صعب‭ : ‬إمّا‭ ‬تسديد‭ ‬مستحقات‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي‭ ‬وإمّا‭ ‬تمكين‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬من‭ ‬دواء‭ ‬وغذاء‭ ‬ومحروقات‭. ‬الحلّ‭ ‬الوحيد‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة‭ ‬الصعبة‭ ‬هي‭ ‬التعجيل‭ ‬بالدخول‭ ‬بتونس‭ ‬في‭ ‬إصلاحات‭ ‬عميقة‭.‬

الإصلاحات‭ ‬أهم‭ ‬وأجدى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لتونس‭ ‬من‭ ‬قرض‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬ومن‭ ‬مذكرة‭ ‬التفاهم‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ومن‭ ‬قرض‭ ‬البنك‭ ‬الافريقي‭ ‬للتصدير‭ ‬والتوريد‭ ‬ومن‭ ‬قرض‭ ‬المملكة‭ ‬السعودية‭.‬

نمط‭ ‬انفاق‭ ‬الدولة‭ ‬وصل‭ ‬الى‭ ‬طريق‭ ‬مسدود‭. ‬تركيبة‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬التونسية‭ ‬أصبحت‭ ‬غير‭ ‬مجدية‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وتؤدي‭ ‬حتما‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬التداين‭ ‬الأجنبي‭. ‬وضع‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬جعلها‭ ‬تفقد‭ ‬دورها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬والاجتماعي‭.‬

الإصلاحات‭ ‬التونسية‭ ‬التونسية‭ ‬هي‭ ‬الحل‭ ‬وهي‭ ‬الحل‭ ‬الوحيد‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 25 جويلية 2023

**بقلم الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات

error: Content is protected !!