من المنتظر أن يناقش البرلمان الأوروبي يوم غد الاربعاء مذكرة التفاهم الموقعة بين تونس والاتحاد الأوروبي والتي وجدت معارضة قوية من قبل عدد من الدول الأوروبية بقيادة ألمانيا .
وردا على سؤال توجهت به تونيزي تيليغراف الى السيدة Dana SPINANT الناطقة الرسمية باسم المفوضية الأوروبية حول موعد دخول مذكرة التفاهم الموقعة بين تونس والاتحاد الأوروبي في جويلية الماضي حيز التنفيذ
قالت المسؤولة الأوروبية ” يشكل تنفيذ الركائز الخمس لمذكرة التفاهم أولوية رئيسية.” وأوضحت ” يجب الموافقة على العناصر المختلفة للحزمة و/أو اعتمادها بالتسلسل على أساس الإجراءات المعمول بها.”
ووفقا لمصادر غربية قريبة من كواليس البرلمان ينتظر أن تجد هذه المذكرة صدا من عددا من النواب الذين سبق وان عبر عن موقف سلبي مما يجري في تونس .
ففي منتصف جويلية الماضي ندد أعضاء في البرلمان الأوروبي بتقاعس “المفوضية” الأوروبية بشأن تراجع الحقوق في تونس، وطالبوا بالإفراج عن المنتقدين والمعارضين المسجونين بأوامر من رئيس الجمهورية قيس سعيد.
وظهر نهج “الاتحاد الأوروبي” القصير النظر تجاه تونس موضع إدانة البرلمانيين الأوروبيين من مختلف الأطياف السياسية، الذين دعوا إلى إجراءات أقوى بشأن تراجع الديمقراطية في البلاد.
قال النائب عن “حزب الخضر” منير الساطوري: “يجب أن نعيد الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى صميم أي اتفاق مع تونس”.
فيما النائب من يمين الوسط مايكل غاهلر عبّر عن أسفه “للعودة إلى وضع بن علي – وسماح الاتحاد الأوروبي بحدوث ذلك”.
أما ماتياج نيميتش، النائب عن يسار الوسط، فذكر أن البرلمان يقف إلى جانب الشعب التونسي والمهاجرين الذين يواجهون الانتهاكات.
بينما حثت عضوة “التجديد” كارين ملكيور المفوضية الأوروبية والدول على احترام المبادئ التأسيسية للاتحاد في تعاملهم مع تونس. وقد دعا الجميع إلى الإفراج العاجل عن المنتقدين المحتجزين تعسفيا.
جاء قرار البرلمان الأوروبي في مارس على خلفية موجة اعتقال المنتقدين بتهمة “التآمر على أمن الدولة”. ساء الوضع جدا منذ احتجاج البرلمان.
والنظرة السلبية لهذه المذكرة لا تتوقف داخل البرلمان الأوروبي بل تعدت الى عدد من الدول الأعضاء اذ تفاعلت ألمانيا العضو القوي في الاتحاد الأوروبي وعدد من دول الأخرى سلبيّا مع “الاتّفاق التاريخي” بين الاتّحاد الأوروبي وتونس، معتبرين أنّه وُقّع دون التشاور معهم، ممّا أدّى إلى انحراف سياسة الهجرة إلى اليمين، وفق ما ذكره موقع the european conservative (الأوروبي المحافظ).
وقال الموقع إنّ وثائق مسرّبة من وزارة الخارجية الألمانية هذا الأسبوع، كشفت عن قلق ألمانيا بشأن استبعادها من اتّفاقية الهجرة الأخيرة التي أبرمتها المفوضية الأوروبية مع تونس، والتي توسّطت فيها جزئيّا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
وأشار الموقع إلى زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيسة الوزراء الإيطاليّة جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، إلى تونس في جويلية المنقضي، لتوقيع مذكّرة تفاهم مع الرئيس قيس سعيّد للحدّ من تدفّق الهجرة غير النظامية وإعادة المهاجرين إلى أوطانهم، في مقابل الحصول على مساعدات واستثمارات أكبر من الاتّحاد الأوروبي.
وذكر الموقع أنّ الصفقة مع تونس تعتمد على التواصل الدبلوماسي السابق الذي أجرته ميلوني وحكومتها، لتعزيز العلاقات مع حكومات شمال إفريقيا في الوقت الذي تتطلّع فيه روما إلى إبراز نفوذها الإقليمي في مجالات السيطرة على الهجرة والأمن الطاقي.
ووفق إحاطة داخلية لوزارة الخارجية الفدرالية، لم تستشر ألمانيا و12 دولة عضو أخرى بشكل صحيح بشأن الاتّفاقية التي تمّ إمضاؤها بشكل سريع مع تونس. كما زعمت الإحاطة -حسب وصف الموقع- أنّ المجلس الأوروبي الذي يعتبر المنتدى الرئيسي للحكومات الوطنية في بروكسل، تمّ تجاهله أيضا بخصوص الاتّفاقيّة.
وأضافت الإحاط أنّه من غير المناسب توقيع الاتّفاقية مع الحكومة التونسية دون موافقة المجلس أو الدول الأعضاء، مع تقديم إشعار قبل أقل من خمسة أسابيع.
ورجّح الموقع أن تكون الصفقة قد أثارت غضب الدبلوماسية في الاتّحاد الأوروبي، حيث شعر دبلوماسيون من فرنسا والنمسا وبلجيكا واليونان بعدم الاحترام بسبب قرار التوقيع قبل التشاور.
وأكّد الموقع أنّ فعالية الاتّفاقية موضع شك بالفعل، مشيرا إلى تصريح سعيّد بأنّ بلاده لن تصبح “حرس الحدود” في أوروبا، وأنّ بلاده لن تُعيد إلّا التونسيين الذين عبروا إلى الاتّحاد الأوروبي بشكل غير قانوني وليس أفارقة جنوب الصحراء.
واتّهم الموقع سعيّد بإثارة قلق دولي في وقت سابق من هذا العام، بسبب تأييده نظريّة “الاستبدال الكبرى”، وزعمه أنّ جهات دوليّة تتآمر لإغراق بلاده بالمهاجرين.
وختم الموقع مقاله بالتذكير بما سمّاها موجة من العنف العنصري ضدّ المهاجرين من جنوب الصحراء الذين استقرّوا في البلاد، والتي تعدّ نقطة عبور إلى أوروبا عبر طريق البحر الأبيض المتوسّط غير المستقرّ، مشيرا إلى توجّه جماعات حقوق الإنسان الغربية غضبها بشكل متزايد ضدّ تونس، حيث أكّد مسؤولون حكوميون ما جاء في تقارير عن المهاجرين الأفارقة الذين تقطّعت بهم السبل في الصحراء الليبية بعد ترحيلهم من قبل أجهزة الأمن التونسية.
يُذكر أنّ تونس والاتّحاد الأوروبي وقّعا، الأحد 16 جويلية في قصر قرطاج، مذكّرة تفاهم لإرساء “شراكة استراتيجية وشاملة” في التنمية الاقتصادية والطاقات المتجدّدة ومكافحة الهجرة غير النظامية، بما قيمته 750 مليون يورو. وعشية انعقاد البرلمان الأوروبيا ستقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، بعد ظهر اليوم الثلاثاء 29 أوت 2023 بقصر قرطاج، منفريد فيبر Manfred Weber، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الشعبي الأوروبي بالبرلمان الأوروبي. كما تلقى رئيس الجمهورية مكالمة هاتفية من رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني .