ذكر صندوق النقد الدولي اليوم الخميس أن فريقا صغيرا من خبرائه سيزورون تونس الشهر الجاري لإجراء مزيد من المناقشات بشأن برنامج تمويل محتمل، مشيرا إلى حدوث تقدم جيد في المناقشات حتى الآن.
وستأتي الزيارة في وقت بدأت تلوح فيه خلافات حادة بين المركزية النقابية وحكومة نجلاء بودن اذ رفض صلاح الدين السالمي، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، الخميس باسم الاتحاد إصلاحات اقتصادية تقترحها الحكومة للحصول على تمويل من صندوق النقد، وقال إن الاتحاد لن يلتزم الصمت وسيتحرك إذا لم تقم السلطات بعقد حوار حول المستقبل السياسي والاقتصادي للبلاد.
وقال السالمي لرويترز إنه من المستحيل أن يوافق الاتحاد على حزمة الإصلاحات ووصف المقترحات بأنها “حزمة إفساد”.
وأضاف أن الحزمة المقترحة تشمل وقف التوظيف وتجميد الأجور لمدة خمس سنوات في القطاع العام وبيع بعض الشركات العامة ورفع الدعم نهائيا في غضون أربع سنوات.
وتسعى تونس، التي تعاني من أسوأ أزمة مالية في تاريخها، للحصول على حزمة إنقاذ مالي من صندوق النقد مقابل حزمة إصلاحات اقتصادية لا تحظى بشعبية.
وبدأت مشكلات المالية العامة في الظهور بالفعل بوجود نقص في بعض السلع الغذائية المدعمة على الرغم من أن الرئيس ألقى بمسؤولية ذلك على المضاربين.
ويقول اتحاد الشغل، وهو قوة رئيسية في البلاد، إنه يرفض إصلاحات مؤلمة تستهدف الشعب، معتبرا أن الأجور ضعيفة أصلا والقدرة الشرائية تآكلت مما يستدعي رفع الأجور بدلا من التفكير في تجميدها.
ويمتلك اتحاد الشغل نفوذا قويا من خلال نحو مليون عضو، والقدرة على شل الاقتصاد بإضرابات والحشد الشعبي في الشارع، وأجبر في السنوات السابقة حكومات على التخلي عن سياسات غير شعبية.
وكشف السالمي عن أن اتحاد الشغل له مقترحات إصلاح بديلة تتضمن مكافحة التهرب الضريبي والعدالة الضريبية الحقيقية وترشيد الدعم وإصلاح المؤسسات العامة عبر حوكمة جديدة ومكافحة الفساد لا عبر البيع.
وقال مقرضون أجانب إنهم لن يعتبروا الإصلاحات التي يعلنها مفاوضون تونسيون، من أجل التوصل لاتفاق للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، ذات مصداقية إلا إذا حظيت بتأييد الاتحاد التونسي للشغل.
ودعا السالمي السلطات في تونس إلى ضرورة إجراء حوار اقتصادي وسياسي لإنقاذ البلاد من الانهيار، معتبرا أنه في حالة السعي للانفراد بالقرار فإن الاتحاد سيتحرك وسيرد بشكل قوي ولن يبقى مكتوف الأيدي.
التحكم في كتلة الأجور
وأنهت في فيفري الماضي بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها الافتراضية إلى تونس بمطالبة السلطات بضرورة تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية ترى أن لا مناص منها.
وفي هذا الشأن ذكرت مصادر حكومية تونسية أن صندوق النقد خلال محادثاته الفنية مع الطرف التونسي ممثلاً بالخصوص في وزيرة المالية سهام نمسية ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي، وعلاوة على إشراك الأطراف الاجتماعية في إعداد البرنامج الاقتصادي الموجه للمفاوضات، تمسك بضرورة الحد من الدعم الموجه للطاقة (المحروقات والكهرباء والغاز) والمواد الأساسية (الخبز والزيت النباتي والسكر) وإعطاء أولوية للإنفاق على مجالات الصحة والاستثمار وحماية الإنفاق الاجتماعي الموجه للأطراف التي تستحقه بالفعل.
وعلى مدى أكثر من أسبوع من المحادثات، أجرت بعثة صندوق النقد الدولي اجتماعات مكثفة مع وزيرة المالية ومحافظ البنك المركزي، إلى جانب الوزراء المعنيين بمهمة الإصلاح الاقتصادي، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج الدعم المالي بين الطرفين غير أن معظم الدلائل والتصريحات القليلة التي رافقت هذه الجلسات بدت غير مشجعة وأكدت على صعوبة التفاوض في ظل صعوبة التزام السلطات التونسية بالتوصيات والشروط التي تمسك بها الصندوق منذ سنوات.
وفي السياق ذاته، فإن صندوق النقد (الذي سيجتمع من جديد إثر الزيارة التي امتدت من 14 إلى 22 فيفري الماضي لتحديد موقفه من برنامج تمويل الاقتصاد التونسي، دعا السلطات التونسية إلى إصلاح منظومة الدعم والتحكم بشكل أفضل في كتلة أجور الأشخاص العاملين في الوظيفة العمومية، وهي مطالب من شأنها أن تعقد المفاوضات بين الطرفين نتيجة الانعكاسات الحادة المحتملة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.
وتطرقت جلسات المحادثات لضرورة خفض العجز المالي على مستوى ميزانية الدولة وتعزيز عدالة النظام الضريبي، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار وتنفيذ إصلاحات واسعة النطاق بالنسبة للمؤسسات العمومية التي تعاني في معظمها من صعوبات مالية حادة.