الرئيسيةالأولىفي أكبر تسريب صحفي : سياسيون وموظفون كبار من تونس هربوا أموالا...

في أكبر تسريب صحفي : سياسيون وموظفون كبار من تونس هربوا أموالا الى سويسرا

في تسريب بيانات لأكثر من 18000 حساب مصرفي، كشف تحقيق عالمي، شهد مشاركة أكثر من 40 وسيلة إعلامية، عن عشرات الحسابات في مصرف كريدي سويس التي يُزعم أنها مملوكة لمسؤولين فاسدين ولمُجرمين ولمنتهكي حقوق الإنسان. وقد أعلن مصرف كريدي سويس على الفور رفضه التام لهذه المزاعم.

التسريب كشفت عن الاموال التي تم تهريبها الى سويسرا من دول عديدة …أموال هربت خلال الربيع العربي من مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن قام بها سياسيون وموظفون كبار .

ويقال إن التحقيق، الذي أطلق عليه اسم “أسرار سويسرا”، عثر على عشرات الحسابات الإشكالية التي تصل قيمة الأصول المُودعة فيه إلى أكثر من ثمانية مليار دولار. ويشمل ذلك حسابات شخصيات رئيسية متورطة في فضائح فساد في عدد من أفقر البلدان في العالم.

قادت التحقيق العالمي صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ الألمانية بالاشتراك مع “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” (يُشار إليه اختصارا بـ (OCCRP إلى جانب أكثر من 40 وسيلة إعلامية حول العالم. ووفقًا لـ “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد”، لم تشارك أيّ مجموعة إعلامية سويسرية في التحقيق بسبب خطر التعرّض للملاحقة الجنائية.

وقد تم تسريب البيانات قبل أكثر من سنة إلى الصحيفة الألمانية من قبل شخص يصف نفسه بمُبلّغٍ عن المخالفات بشأن حسابات تعود إلى 37 ألف شخص بقيمة إجمالية تزيد عن مئة مليار دولار “من بينها ثمانية مليارات مرتبطة بزبائن حددوا على أنهم يطرحون مشكلة”، على ما ذكرت صحيفة “لوموند” الباريسية.

وبالاستناد إلى بيانات أكثر من 18 ألف حساب في هذا المصرف (منذ مطلع أربعينيات القرن الماضي وحتى نهاية 2010)، أفادت المجموعة المنخرطة في “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” والتي تضم 47 وسيلة إعلامية من بينها صحف “لوموند” و”ذي غارديان” و”ميامي هيرالد” و”لا ناسيون”، أن المصرف السويسري “استقبل أموالا مرتبطة بالجريمة والفساد على مدى عقود”، على ما ذكرت “لوموند” مضيفة أن ذلك أتى “على حساب الضوابط المعتمدة في المصارف الدولية”.

يوجد من بين أصحاب الحسابات، بيروقراطيون متّهمون بنهب ثروة فنزويلا النفطية، ومصرفي في أنغولا يخضع للتحقيق في البرتغال بعد انهيار بنكه مع ديون لا يُمكن تعقبها بقيمة 5.7 مليار دولار، ورئيس جهاز استخبارات يمني متورط في ممارسة التعذيب.

كما اتضح أن غالبية الأشخاص الذين تولى “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” معالجة بياناتهم يأتون من دول نامية لا سيما إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأميركا الجنوبية فيما لا يشكل المُودعون الذين يقيمون في أوروبا سوى 1 % من المجموع، وفق صحيفة “لوموند”. ومن بين هؤلاء رئيس كازاخستان قاسم جومارت-توكاييف فضلا عن موظفين كبار في دول عربية عدة “أخرجوا كميات كبيرة من الأموال من بلدانهم إبان (الربيع العربي)”، على ما أوضحت الصحيفة الفرنسية.

في سياق متصل، قال خبراء مختصون في مجال الامتثال (Compliance) قاموا بمراجعة النتائج التي توصّل إليها “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” إن العديد من هؤلاء الأشخاص ما كان ينبغي السماح لهم بالتعامل مصرفيا مع كريدي سويس على الإطلاق، مما يُثير تساؤلات حول ما إذا كان ثاني أكبر مصرف في سويسرا قد تغافل عن الإشارات الحمراء (التي تصدر عن العاملين في قسم الامتثال – التحرير) أو تجاهلها.

وقال غراهام بارّو، وهو خبير مستقل في الجرائم المالية، ورد ذكره في نتائج التحقيق: “لا ينبغي أن يكون لدى الناس إمكانية الوصول إلى النظام (المصرفي) إذا كان ما يحملونه هو أموال فاسدة”، وأضاف أنه يقع “على البنك واجبٌ واضح في التأكد من أن الأموال التي يتعامل معها لها مصدر واضح وشرعي”.

ثقافة العمل

بالإضافة إلى التدقيق في آلاف الصفحات من الوثائق، تحدث الصحفيون أيضًا إلى أكثر من عشرة موظفين حاليين وسابقين في مصرف كريدي سويس، ولم يُصرح أيّ منهم بشكل رسمي خوفًا من تعرضه للملاحقة القضائية. وعلى الرغم من أن البعض منهم قالوا إن عملية الامتثال (compliance process) قد تحسّنت في السنوات الأخيرة، إلا أنهم ألقوا باللائمة على ثقافة عمل (موجودة داخل المصرف) كانت تُحفّز على المخاطرة لتعظيم الأرباح والمكافآت.

عموما، يتم الاحتفاظ بسرية الحسابات الكبيرة جدًا بحيث لا يعرف سوى عدد قليل من كبار المسؤولين التنفيذيين من هو الذي يملكها. وقال أحد موظفي كريدي سويس الذي قابله الصحافيون الاستقصائيون، إن هناك إجراءات دقيقة للغاية بشأن العناية الواجبة للعُملاء والحسابات عند مستوى مليون دولار، ولكن عندما يتعلق الأمر بالحسابات ذات القيمة المالية الكبيرة جدا، فإن “الرؤساء يُشجّعون الجميع على غضّ الطرف”.

ردًا على النتائج المُعلن عنها، أصدر مصرف كريدي سويس  يوم الأحد 20 فبراير، قال فيه إنه “يرفض بشدة المزاعم والتلميحات حول الممارسات التجارية المزعومة للمصرف”، وأضافت أن “الأمور المعروضة هي في الغالب تنتمي إلى الماضي، ويعود تاريخها في بعض الحالات إلى أربعينيات القرن الماضي، وتستند التقارير المتعلقة بهذه الأمور إلى معلومات جزئية أو غير دقيقة أو انتقائية أُخرجت عن سياقها، مما أدى إلى تفسيرات متحيزة للسلوك التجاري للبنك”.

وأضاف المصرف أن ما يقرب من 90٪ من الحسابات التي تمت مُراجعتها (من طرف ناشري التقرير – التحرير) أغلقت اليوم أو كانت في طور الإغلاق قبل استلام الاستفسارات الصحفية. وقال أيضًا إنه يأخذ التسريب المزعوم في الإبلاغ على محمل الجد، وشدد على أن لديه أنظمة قوية لحماية البيانات.

يُشار إلى أن كريدي سويس تورط في عدد من الفضائح في الآونة الأخيرة. وفي الخريف الماضي، وافق على دفع 475 مليون دولار للسلطات الأمريكية والبريطانية لتسوية تحقيق في مخطط عمولات ورشاوى في موزمبيق. كذلك بدأت المحكمة الجنائية الفدرالية في بيلينزونا (عاصمة كانتون تيتشينو في الجزء الناطق بالإيطالية جنوب سويسرا)، في مطلع شهر فبراير الجاري النظر في قضية اتهم فيها كريدي سويس بالسماح لمُهرّبي مخدرات من بلغاريا بغسل أموال مُكتسبة بصفة غير شرعية.

قوانين العمل المصرفي تحت المجهر

في الوقت الذي جاء فيه التسريب الأخير من مصرف كريدي سويس، يشير التحقيق الاستقصائي بأصابع الاتهام إلى قوانين السرية المصرفية في سويسرا. فعلى الرغم من التعهدات بالتحسين، وجد التقرير أن المصارف لا تزال تسمح لعُملاء مُخادعين بإخفاء أموالهم لديها.

يقول جيمس هنري، كبير مستشاري شبكة العدالة الضريبية الخيرية البريطانية الذي درس التهرب الضريبي في مصرف كريدي سويس واقتبست بعض تصريحاته في الدراسة: “المفارقة هي أن سويسرا أصبحت مكانًا تذهب إليه الأموال القذرة لأنها نقية وتُدار الأمور فيها بشكل جيد وموثوقة”، وأضاف “إن نموذج الأعمال المتمثل في إخراج الأموال من البلدان الفقيرة هو المشكلة”.

وكتب “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” أن التحقيق يُوفر “لمحة كاشفة عما يحدث وراء ستار السرية المصرفية السويسرية”.

في العام الماضي، اكتشف مسؤولون سويسريون 9 مليارات فرنك (حوالي 10 مليارات من الدولارات) من الأموال العامة الفنزويلية المختلسة الموزّعة عبر مئات الحسابات المصرفية. وقد تورط واحد من كل ثمانية بنوك سويسرية في الفضيحة.

في السنوات الأخيرة، اضطرت المصارف السويسرية إلى تشديد الإبلاغ عن أي معاملات مشبوهة. وفي عام 2018، بدأت سويسرا في مشاركة بيانات العملاء تلقائيًا مع السلطات الضريبية في عشرات البلدان الأخرى. ومع ذلك، فقد تعرّضت لضغوط لتشديد إجراءاتها المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال.

من جهة أخرى، يقيّد القانون السويسري للمصارف أيضًا قدرة الصحفيين على كشف البيانات المصرفية الخاصة دون التعرّض لخطر الملاحقة وفقا للإجراءات الجنائية.

سلسلة من التسريبات

تسريب “أسرار سويسرا” هو الأحدث في سلسلة من التحقيقات ذات العلاقة بالسرية المصرفية. ففي أكتوبر 2021، كشفت مجموعة أخرى من الوثائق المسربة، أُطلق عليها اسم “أوراق باندورا”، دور المحامين والمحاسبين والاستشاريين السويسريين في إدارة ثروة العملاء الأقوياء. حينها، كشف الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين  عن محتويات 11.9 مليون وثيقة صادرة عن ملاذ ضريبي تتعلق بالشؤون المالية لقادة سياسيين وشخصيات أخرى.

وقد تضمنت الوثائق المسربة تفاصيل حول كيفية تداول مبالغ ضخمة من الأموال في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك سويسرا، عبر هياكل مالية غير شفافة.

وفي عام 2016، أظهرت “أوراق بنما” أن سويسرا كانت من بين الدول الخمس الأولى التي تستخدم الوسطاء الماليين لإنشاء شركات غير مُقيمة بالتعاون مع شركة محاماة في بنما. وفي عام 2017، ألقى تحقيق “أوراق بارادايس” مزيدًا من الضوء على شركات المحاماة غير المقيمة، التي كانت على ارتباط بشخصيات سويسرية في مجالات السياسة والأعمال.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات

error: Content is protected !!