في بلد يعيش رسميا وفي أعلى مستوى على وقع محاربة الاحتكار والمنافسة غير المشروعة والفساد والفاسدين والمفسدين نجد أن الحكومة قد تخلت عن أهم سلاح يمكن أن يساعدها على تحقيق خطوة نحو الوصول الى الهدف الذي يسعى اليه منذ أكثر من سنة .
فخلال الأسبوع الماضي استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، بقصر قرطاج، السيّد عبد المنعم بلعاتي، وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، وذلك بحضور السيّد سمير ماجول، رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة الصناعات التقليدية.
وتناول اللقاء مسألة ارتفاع أسعار العلف وما ترتب عن ذلك من غلاء في أثمان اللحوم والدواجن. وبين رئيس الجمهورية أن هذا الارتفاع ناتج عن احتكار جهة أو جهتين لتوريد مادة الصوجا من الخارج مذكرا بأن ديوان الحبوب هو الذي كان يقوم بتوريدها قبل أن تتمكن شركة واحدة بعملية التوريد وتتحكم في الأسعار كما تريد.
وأوضح رئيس الجمهورية أنه لا يمكن القبول بهذا الوضع، فإما أن يكون التوريد حرا وإما أن يتولى ديوان الحبوب بمفرده هذه العملية. كما أوضح أن ارتفاع الأسعار في العالم ليس المبرر الوحيد لهذا الارتفاع المشط للعلف.
كما تم التعرض في هذا الاجتماع إلى موضوع الزيت المدعم الذي يتم تحويل كميات كبيرة منه في صناعة الدهن، فالمواطن هو الذي يدفع الثمن غاليا، هذا فضلا عن تضرر مربي الأبقار والمواشي من هذا الوضع.
ودعا رئيس الجمهورية إلى تنظيم اجتماع في أقرب الآجال بين وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. كما دعا إلى العمل على تخفيض الأسعار على وجه العموم حتى يساهم كل طرف في تجاوز هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. فالحرب ضد الفساد والاحتكار يجب خوضها معا بنفس الشعور المفعم بالواجب تجاه أبناء شعبنا ووطننا العزيز.
وحسب منظمة ALERT Tunisie لمحاربة اقتصاد الريع فان المحتكرين لهذه المواد الأساسية يعرفهم الجميع
وقد أعدت المنظمة برنامجا كاملا قدمن خلاله تفاصيل هامة ودقيقة مشيرة الى دور مجلس المنافسة الذي من مهامه التصدي لهذه الجرائم ولكن اين هو مجلس المنافسة اليوم .
مجلس المنافسة لمن لا يعرفه له صلاحية التعهد تلقائيا بفتح بحوث بشأن المواد او المنتوجات التي تعرف خللا في الإنتاج او التوزيع لغرض الاحتكار او المضاربة او حتى فرض وضعية هيمنة في السوق والتركيز التجاري ما يتنافى مع قانون المنافسة والاسعار في تونس.
ولكن أين هذا المجلس لا نسمع له حسا أو خبرا انه ببساطة في شلل تام بسبب قرارات غير محسوبة فهو منذ سنة بلا رئيس ليلتحق به نائبيه الأول والثاني بسبب خلافات داخلية دون تعويضهما وفي الاثناء لجأت وزيرة التجارة السابقة الى أبناء الوزارة ولكن هذا الخيار قوبل بالرفض على ما يبدو من رئاسة الحكومة لان هذا الخيار مخالف للأعراف التي دأب عليها مجلس المنافسة منذ احداثه سنة 1994 – كان يحمل تسمية لجنة المنافسة قبل تحويله الى مجلس المنافسة سنة 1995 ورغم ان القانون الخاص به يشير الى أن اختيار رئيس المجلس يكون من بين أهل الاختصاص والنائب الأول من المحكمة الادارية والنائب الثاني من محكمة المحاسبات كما تداول على رئاسة المجلس 7 قضاة ستة منهم من المحكمة الادارية نذكر من بينهم غازي الجريبي وفوزي بن حماد وحبيب جاب الله ومحمد قلص ورضا بن محمود والقاضية العدلية جويدة قيقة . ولم يكن اختيار قضاة اداريين لرئاسة مجلس المنافسة اعتباطيا لان الاعتراض على قرارات مجلس المنافسة في الاستئناف والتعقيب يتم لدى المحكمة الادارية .
وامام فشل المحاولة الأولى التي قامت بها وزيرة التجارة تعيين اطارات من وزارة التجارة ربما لتحويل مجلس المنافسة الى ادارة تابعة لها فاقدة لاية استقلالية انتقلت الى الأستاذة الجامعيين فوقع الاتصال بأحد الاستاذة من جامعة الجنوب وطرح عليه منصب عضو غير قار فأعلمهم بأنه ارتبط بعقد مع احدى الوزارات بدولة خليجية وأنه مطالب بالالتحاق بمنصبه الجديد يوم 13 سبتمبر 2022 فأعلموه بأنه لا يوجد اي اشكل اذ بامكانه المشاركة في اجتماعات المجلس عن بعد – رغم ان محاضر جلسات مجلس المنافسة يوقع عليها جميع الأعضاء الحاضرين – فأرسل سيرته الذاتية وواصل تحضيرات السفر وفجأة تتصل به وزيرة التجارة ليلة سفره لتقدم له التباريك وتعلمه بأنه وقع عليه الاختيار ليكون رئيسا لمجلس المنافسة وان رئيس الجمهورية قبل بتسميته وان أمر تعيينه سيصدر في العدد القادم للرائد الرسمي فكانت المفاجأة الكبرى وأعلمها بان اتفاقه مع الوزارة معلوم وانه قبل بخطة عضو غير قار ليس الا أما رئاسة المجلس فانه يرفضها لانه ببساطة مرتبط بعقد عمل في احدى الدول الخليجية وبالفعل غادر المعني البلاد التونسية أول امس ليلتحق بعمله الجديد ..
لا احد يدري الى حد الساعة عن الرواية التي قدمتها وزيرة التجارة الى رئيس الجمهورية حول ما حصل من لخبطة وتخبط في اختيار المسؤولين اذ ان الطريقة التي اعتمدتها الوزيرة لم تراعي الوسائل والطرق المعتمدة في اختيار كبار المسؤولين خاصة وان وزارة التجارة كانت دائما ولاختيار رئيس لمجلس المنافسة تقوم بمراسلة الرئيس الأول للمحكمة الادارية وتتطلب منه ترشيح اسمين أو ثلاثة أسماء ثم تحال القائمة الى رئاسة الحكومة التي تحسم في الأمر وهذا التمشي لم تتبعه وزيرة التجارة حتى أنها لم تستشر ولم تلتقي المعني بهذا المنصب لسيتمر الشلل قائما ربما لأسابيع أخرى ليبقى مجلس المنافسة مقعدا عن الحركة .
سلطة مجلس المنافسة
أحدث مجلس المنافسة بمقتضى القانون عدد 42 لسنة 1995 المؤرخ في 24 أفريل 1995 المنقح والمتمم للقانون عدد 64 لسنة 1991 المؤرخ في 29 جويلية 1991 المتعلق بالمنافسة والأسعار معوضا لجنة المنافسة, وهو هيئة خاصة تنظر في الدعاوى المتعلقة بالممارسات المخلة بالمنافسة وتبدي رأيها في المطالب الاستشارية.
اذ يقوم المجلس بالتصدي للاحتكار والمضاربة والمنفسة غير الشريفة والبيع المشروط وفرض الأسعار المشطة والهيمنة الاقتصادية أي ان مهامها هي في لب المعركة التي تخوضها تونس اليوم
تركيبتــــــــه
- يتركب مجلس المنافسة من 13 عضوا كما يلي:
- أولا: رئيس مباشر كامل الوقت يعين من القضاة أو الشخصيات ذات الكفاءة في الميدان الاقتصادي أو ميدان المنافسة أو الاستهلاك.
- ثانيــا: نائبا الرئيس مباشران كامل الوقت وهما:
- مستشار لدى المحكمة الإدارية كنائب أول للرئيس،
- مستشار بإحدى الغرفتين المكلفتين بمراقبة المنشآت العمومية بدائرة المحاسبات كنائب ثان للرئيس .
- ثالثــا: أربعة قضاة من الرتبة الثانية على الأقل.
- رابعــا: أربع شخصيات مارست أو تمارس نشاطها في قطاع الإنتاج أو التوزيع أو الصناعات التقليدية أو الخدمات.
- خامسـا: شخصيتان يتم اختيارهما باعتبار كفاءتهما في الميدان الاقتصادي أو في ميدان المنافسة أو الاستهلاك.
- إلى جانب الأعضاء يوجد أيضا:
- مقرر عام يتولى تنسيق ومتابعة ومراقبة أعمال المقررين ،
- مقررون يقومون بإجراء التحقيق في الدعاوى التي يكلفهم بها رئيس المجلس،
- الكاتب القار: مكلف خاصة بتسجيل العرائض الواردة على المجلس ومسك الملفات وإعداد محاضر الجلسات،
- يعين لدى المجلس مندوب للحكومة يمثل الوزير المكلف بالتجارة يتولى الدفاع عن المصلحة العامة في القضايا المنشورة لدى المجلس.