منذ ان قرر الرئيس الأمريكي جو بايدن تعيين جوي ر. هود في منصب السفير فوق العادة ومفوض الولايات المتحدة الأمريكية لدى الجمهورية التونسية ، وفق ما أعلنه البيت الأبيض في بلاغ له يوم 20 ماي 2022 الا ان هذا الأخير مازال لم يلتحق بمنصبه بعد .
ولهذا التأخر الذي بدأ يطرح في تونس على ان موقف امريكي سلبي من تونس الا ان الأمر أكثر تعقيدا مما يتوقع اذيُعَد تعيين السفراء الأمريكيين عملية معقدة تستغرق عدة أشهر وصولاً إلى عام. وفي ظل هذه الخلفية، هناك سفارات أمريكية في عديد من دول منطقة الشرق الأوسط بدون سفراء،
اذ على الرغم من شغور المناصب الدبلوماسية في إدارات سابقة لإدارة بايدن لعدة سنوات في بعض الحالات؛فإن بعض دول الشرق الأوسط قد تسيء تأويل الفراغ الدبلوماسي الأمريكي، عقب عملية الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. وهو ما يتجلَّى على سبيل المثال في حالة المغرب؛ فمع استقالة “ديفيد فيشر” وتعيين “ديفيد جرين” في منصب القائم بالأعمال منذ 20 جانفي 2021 من ناحية، وتعيين السفير الأمريكي في الجزائر؛ دفعت بعض الأصوات –في تأويلها لهذا– بأن الإدارة الأمريكية تتهيأ للتراجع عن قرار “ترامب” فيما يخص الصحراء الغربية، وأنها تُجنِّب دبلوماسييها تبعات قرارات الإدارة الأمريكية التي تتجاوز صلاحياتهم.
وفي الأثناء يسعى التقدميون داخل الحزب الديمقراطي إلى الزج ببعض مرشحيهم لشغل المناصب الدبلوماسية الشاغرة بعدد من دول الشرق الأوسط، وفي مقدمتها إيران، وسط مطالبات بالتعامل معها دبلوماسيّاً قبل بدء المفاوضات بشأن الاتفاق النووي لعام 2015 وخفض ميزانية الدفاع وإعادة النظر في السياسة الخارجية الأمريكية تجاهها، ناهيك عن دفع أجندة السياسة الخارجية صوب اليسار، وإعادة فحص مبيعات الأسلحة الأمريكية لعديد من دول المنطقة.
يهيمن التعقيد على عملية تعيين السفراء الأمريكيين بوجه عام، وسفراء منطقة الشرق الأوسط بوجه خاص، وهو ما يمكن فهمه بالوقوف على النقاط التالية:
1– أولوية التدرج الوظيفي للسفراء: يتَّبع الرؤساء الأمريكيون، ديمقراطيين وجمهوريين، تقليداً معروفاً في مسألة تعيين السفراء الجدد من السلك الدبلوماسي الأمريكي؛ إذ يعمدون إلى تعيين عدد من السفراء الذين تدرَّجوا في وزارة الخارجية الأمريكية، وعدد آخر من السفراء الذين يمكن تسميتهم بالسفراء السياسيين؛ أي السفراء الذين لم يعملوا من قبل في وزارة الخارجية، مثل جوليان سميث سفيرة بايدن في حلف الناتو، وبعضهم أعضاء سابقون في مجلس الشيوخ خدموا في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ (مثل جيف فليك سفير بايدن في تركيا). وبناءً عليه، فإن 30% من السفراء الجدد الذين يقوم الرئيس بتعيينهم، يُعَدَّون من المُعيَّنين السياسيين. أما النسبة الباقية فيجري تعيينها من السلك الدبلوماسي.
2– وجود نسبي للعقبات البيروقراطية: يبدأ البيت الأبيض عادةً عملية اختيار السفراء من خلال تجميع قائمتين؛ تضم أولاهما قائمة المعينين السياسيين المحتملين، وهي القائمة التي تضم تاريخيّاً أسماءً تنتمي إلى الجهات المانحة للحملات الانتخابية وجامعي التبرعات، ويُعرَفون باسم (Bundlers) وهم الذين ساعدوا في انتخاب الرئيس، فضلاً عن آخرين لهم صلات سياسية به، وهو ما تجلَّى بالفعل في ترشيحات بايدن لسفراء اليونان وكينيا والأرجنتين وبلجيكا وسلوفينيا ومالطا وكندا. وتضم القائمة الثانية البلدان التي يريد البيت الأبيض إرسال سفراء إليها. ولا تتطابق الأسماء المرشحة مع الدول المرغوبة بالضرورة. وكجزء من عملية الاختيار، يتشاور البيت الأبيض مع وزارة الخارجية للتأكد من صلاحية المرشح؛ حتى لا يعترض عليه مجلس الشيوخ. وحتى إذا قدم البيت الأبيض قائمة بالمرشحين المحتملين، فإن عملية التدقيق الرسمية قد تستغرق شهوراً، وليس من المؤكد أن المجلس سيوافق على كل المرشحين بالضرورة.
3– كثرة الجهات المنخرطة في التعيين: يخضع المرشحون لتحقيقات مالية وأمنية مختلفة من قِبَل (مكتب إدارة شؤون الموظفين، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ومكتب وزارة الخارجية للأمن الدبلوماسي)؛ إذ يجب على السفراء المرشحين الكشف عن مقتنياتهم المالية، وتاريخ العمل، من بين أمور أخرى. وإذا امتلك المرشح شركات تجارية، يستغرق الأمر وقتاً أطول لمعرفة تلك الأصول والتحقق منها. كما يتعين على وزارة الخارجية انتظار البيت الأبيض ليقرر أي الدول ستكون متاحة للدبلوماسيين المحترفين، ثم يُعلن كبار المسؤولين في السلك الدبلوماسي عن اهتمامهم بمناصب معينة، فيما قد يستغرق شهوراً.
فعلى سبيل المثال، استغرق تعيين كاثلين دوهرتي، منذ أن أعربت عن اهتمامها بشغل منصب السفيرة الأمريكية السابقة في قبرص حتى وصولها إلى البلاد، نحو 18 شهراً. وعادةً ما يُفضِّل السفراء من ذوي الخبرة الذهاب إلى دول أوروبا الغربية أو المنظمات الدولية العريقة. وفي المقابل، يتمثل العائق الأبرز في تعيين سفراء منطقة الشرق الأوسط في توتر المنطقة واشتعال أحداثها من ناحية، وعدم إتقان كثير من السفراء الأمريكيين اللغة العربية من ناحية ثانية، وافتقار كثير من السفراء إلى الخبرات القُطْرية أو الإقليمية المطلوبة من ناحية ثالثة.
4– تعنُّت مجلس الشيوخ في بعض الأوقات: قد ينتظر السفراء والسياسيون عدة أشهر قبل أن تعقد لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جلسة استماع لهم، بل تزداد تلك الفترة لتصويت المجلس بكامل هيئته الذي قد يتباطأ لفرض مزيد من الضغوط على الإدارة الأمريكية؛ وذلك بجانب مجلس الشيوخ المنقسم (50–50)، وجدول أعمال الكونغرس المتضخم. وقد استخدم السيناتور الجمهوري تيد كروز تكتيكاً إجرائياً يتبع طريقة بطيئة للغاية لتمرير الموافقة على ترشيح السفراء بدلاً من التصويت الذي لا يستغرق بضع دقائق؛ بسبب خلافاته مع بايدن، على خلفية خط أنابيب الغاز الروسي، ناهيك عن السيناتور جوش هاولي الذي يطالب باستقالة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن؛ بسبب الانسحاب الأمريكي الفاشل من أفغانستان.
مع العلم وان ” جوي هود” السفير المرشح لتونس هو عضو في السلك الدبلوماسي ، و يتمتع رتبة وزير – مستشار. شغل ” جوي هود” منصب النائب الأول لمساعد وزير الخارجية ، في مكتب شؤون الشرق الأدنى ، بوزارة الخارجية الأمريكية ، وكان القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية للمكتب من جانفي إلى سبتمبر 2021. شغل “هود” سابقًا مناصب قيادية في الخارج بصفته القائم بالأعمال الشؤون ونائب رئيس البعثة في السفارة الأمريكية في بغداد ، العراق ، ونائب رئيس البعثة في سفارة الولايات المتحدة في مدينة الكويت ، والمسؤول الرئيسي للقنصلية الأمريكية العامة في الظهران بالمملكة العربية السعودية.