حذر فاضل عبد الكافي أمين عام حزب أفاق تونس من استسهال اطلاق عبارة ” التطهير ” في تونس
مؤكدا خلال حضوره اليوم في برنامج ميدي شو بأن هذه العبارة اقترنت بأحداث مرعبة في عدد من البلدان على غرار ما حصل في رواندا وكمبوديا زمن الخمير الحمر تحت قيادة بول بوت .
عبد الكافي قال انه لايعارض بل يطالب بالمحاسبة وفق لاحترام القانون واستقلالية القضاء .
وعلى مدار 100 يوم بين أفريل وجويلية 1994، جرت في رواندا واحدة من أسوأ الجرائم الإنسانية في أفريقيا وربما على مستوى العالم، حين جرت عمليات “التطهير العرقي” ضد أقلية التوتسي، وراح ضحيتها ما يقرب من مليون شخص على مرأى ومسمع المجتمع الدولي.
وتحت يافطة ” التطهير ” تمّ تنفيذ الإبادة الجماعيّة الكمبوديّة من قبل نظام الخمير الحمر تحت قيادة بول بوت، مما تسبب في خسارة عدد السكان بين 1.671 و1.871 مليون شخص بين عامي 1975 و1979، أو 21 إلى 24 في المائة من سكان كمبوديا عام 1975. أراد الخمير الحمر تحويل البلاد إلى جمهوريّة زراعيّة اشتراكيّة، متأسسة على السياسات الماويّة المتطرّفة. في عام 1976، غير الخمير الحمر اسم البلاد إلى كمبوتشيا الديمقراطيّة. ومن أجل تحقيق أهدافهم، قام الخمير الحمر بتفريغ المدن وإجبار الكمبوديين على الانتقال إلى معسكرات العمل في الريف، حيث سادت عمليّات الإعدام الجماعيّة والسخرة والإساءات الجسديّة وسوء التغذية والأمراض. أدّى ذلك إلى وفاة ما يقرب من 25% من إجمالي سكّان كمبوديا.
وفي تدوينة له نهاية الأسبوع المنقضي اعتبر عبد الكافي ان أسوأ مقايضة في الدنيا للشعوب، هي مقايضة الأمن بالحريّة، و الحريّة بالأمن. و عندما أتحدّث عن الأمن، الأمن الاقتصادي و الاجتماعي أيضا.”
عبدالكافي أكد أنه “قبل الثورة، كانت كفّة الأمن هي الغالبة “نسبيّا”. و من بعد الثورة، غلبت كفّة الحريّة “نسبيّا” أيضا. أقول نسبيّا، لأنها كانت في كلّ المرّات دون التوّقعات و الآمال، رغم التضحية كلّ مرّة بكفّة لصالح الأخرى.
الذين يبحثون عن الرخاء الاقتصادي والاجتماعي و مستعدّون للتضحية بالحريّة، أغلبهم هم مِن من خذلتهم الدولة، و لم توفّر لهم أدنى مستويات العيش الكريم و حافظت لهم على الحدّ الأدنى من الكرامة. زد على ذلك، لم يشاهدوا من الحريّة إلاّ سوى خطابات التخوين و السبّ و الشتائم و الاتهامات بالباطل التي طالت الجميع و أصبحت بدون حسيب و لا رقيب، و التي عايشتها حقيقة منذ دخولي لعالم السياسة، و خاصّة في الفترة الأخيرة. فبعض الثورجيين الجُدد الذين لم تعجبهم مواقفي السياسية، عمدوا لتحويل حريّة التعبير إلى مدخل و منبر لاتهامي بالأكاذيب و القدح في عرضي وعرض و شرف عائلتي بكل عبارات الزور و البهتان و الذين بالمناسبة تتبّعتهم قضائيا و سيكون الفيصل بيننا القضاء،كي لا يستسهل القاصي و الداني هذه الأفعال الشنيعة التي للأسف تغلغلت و استُسهلت في مجتمعنا مؤخّرا.
و هناك أيضا الذين لا يساومون الحريّة بأي ثمن، و لكنهم لا يُعيرون أيّ اهتمام للوضعيّة الاقتصاديّة و الاجتماعية للمجتمع ككلّه، و لا يعتبرونها أولويّة قصوى، و لا ينظرون لها كمكوّن أساسي لتحصين و ضمان الحريّة و الديمقراطية من أيّة انزلاقات فرديّة كانت أم جماعيّة. زد على ذلك، عدم توفير الاليات الكافية للتفكير في الحلول و تطبيقها و انجازها لتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم، و هو ما يجعل الفئة الأولى من المجتمع تُسارع للبحث عن مُنقذ يخلّصهم من بطش الفقر و ضيق الحال و صعوبة أيام الحياة أيا كانت التكاليف، بما فيها التخلّي عن مكاسب، اعتقدنا أننا لن نعود للنضال من أجل ضمان الحقّ فيها.
في الأخير، المقايضة لا تستقيم من الأساس، و الاعتقاد بأن على الشعوب أن تختار بين أحدهما هو الخطأ بعينه، و ماهو إلا وهم، و النتيجة كانت دائما و عبر التاريخ، تنتهي بخسارة الاثنتين.
أؤمن أن تحقيق الأمن و الحريّة في نفس الوقت أمر ممكن بل و واجب ولا مستقبل لتونس إلاّ بالأمن و الحريّة معا. فلا ديمقراطية و لا حريّة بدون رخاء اقتصادي و اجتماعي، و لا تطوّر و ازدهار اقتصادي و اجتماعي بدون تضامن و مشاركة و مساهمة كلّ أبناء و بنات تونس، تحت سقف أخلاقي و فوق حدّ أدنى من مقوّمات العيش المشترك.
مهما كانت الفترة اللّي نعيشو فيها صعيبة، ولكن الأمل موجود وتونس حرّة، تونس مزدهرة و تونس متضامنة ممكنة