بعد أن قرر عدم تقديم ملفه المنقوص من البطاقة عدد 3 توجه الفنان نصرالدين السهيلي بالرسالة التالية الى “صديقاتي أصدقائي الحالمات والحالمون بتونس المدنية الاجتماعية التقدمية الديمقراطية،
عموم المواطنات والمواطنين،
اُختُتم اليوم موعد تقديم الترشحات للانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 6 أكتوبر 2024 ويهمني أن أعلم الجميع أنني لم أودع ملف ترشحي رغم آلاف التزكيات التي تم تجميعها في ظرف وجيز بفضل الانخراط التطوعي الهائل والخلاق لمن لم يثنهم الترهيب ولم يركعهم التخويف،
ومع أنه كان من الممكن تقديم ملف غير مكتمل، وبالنظر إلى إمعان السلطة في المسرحية الانتخابية وحرمانها عنوة وبدون حرج عديد المترشحات والمترشحين الجديات.ين من تقديم ملفاتهمن، بوضعهمن في السجن وعدم إطلاق سراحهمن وبإقصائهمن بخزعبلات إدارية وقضائية فقد خيرت أن أنسحب من مسرح الجريمة السياسية، وأعتبر أن مهمتي قد أنجزت من خلال هذه المبادرة، ولو بالنزر القليل، فقد ساهمت في الكشف عن ظروفها وملابساتها لعدد لا بأس به من التونسيات والتونسيين،
عندما أعلنت عن المبادرة، لم يكن لدي أي وهم لا في طبيعة المرحلة الخطيرة التي تمر بها بلادنا ولا في القدرة الفعلية على تجميع التزكيات واستكمال ملف الترشح للانتخابات وفق الشروط التعجيزية التي وضعها قيس سعيد بنفسه ليؤثث مشهدا استعراضيا منزوعا من التشويق يسميه انتخابات وهو ليس في الحقيقة إلا بيعة جديدة ينشدها، هو والواقفون إلى جانبه أفرادا وهياكل ومؤسسات، ليستكمل مسار العبث والتدمير الممنهج للدولة والشيطنة المتواصلة للنخب والعمل اللسياسي والتعميق المستمر لنزعات الكره والحقد والتفرقة التي بثها واستثمر فيها بين بنات وأبناء الشعب الواحد فضلا عن سياسات التجويع والتهميش للفئات المفقرة ولطيف واسع من أبناء شعبنا وللتبعية الاقتصادية والمالية لدوائر النفوذ العالمي التي يتوخاها كسابقيه،
عندما قدمت هذه المبادرة، مدعوما بعدد من الصديقات واﻷصدقاء و بفريق الحملة من المساندات والمساندين، أملت وأنا الذي كنت في السابق قد توسمت خيرا في قيس سعيد وفي نظافة يده وانتظرت أن يقوم باسترجاع مسار الثورة، أن أترجم نقدي الذاتي إلى مبادرة مواطنية تخرج الراغبات والراغبين في مواجهة بطش السلطة اليوم من حالة اﻹحباط والشتات و تشحذ الهمم لتجميع القوى وكسر حاجز الخوف، وهو ما أعتقد أنه بالفعل تحقق.
منذ أعلنت عن المبادرة، تعرضت إلى مختلف أشكال التضييق والهرسلة وهي هرسلة ازدادت حدّتها اليوم في آخر أجل لإيداع الترشحات ما زادني اقتناعا بارتباك السلطة وثقة بأن هذا الوضع غير قابل للاستمرار وأن التغيير قادم لا محالة،
إني فخور اليوم بالهبة التي عرفها شابات وشبان من مختلف القوى النسوية والاجتماعية والحقوقية والثقافية وجدوا في هذه المبادرة جملة سياسية حقيقية يمكن اختصارها في ضرورة القطع مع العبث الدائر وأنا ممتن عميق الامتنان لهم ولهن من أجل كل فكرة وكل نقد وكل جهد بذلوه في سبيل ذلك،
ولأن انسحابي من مسرح الجريمة لن يحول للأسف دون ارتكابها،
ولأن مساحة اﻷمل على عكس ما تظنه السلطة، قد اتسعت من خلال هذا الجهد الجماعي المبذول،
ولأن التجربة قد مكنت فعلا، في ظروف صعبة للغاية، ورغم التضييق والهرسلة، من كسر حاجز الخوف والاتصال المباشر بالمواطنات والمواطنين وقياس رفضهمن للواقع الحالي وتطلعهمن لتغيير جذري و ساهمنا بالتالي في تعرية الوجه القبيح للسلطة وفضح انتهاكاتها المتواصلة للحريات والحقوق،
ولأن التجربة قد ساهمت في رص الصفوف وتحطيم عدد من اﻷصنام وبلورة عدد من المقترحات الجدية،
فبمعية الصديقات واﻷصدقاء في الحملة سنواصل التفكير والعمل حتى يتمكّن الشعب الشعب التونسي من أن يصوت لنفسه في اللحظة الحاسمة،
ونحن عازمات وعازمون على استكمال التشاور والتنسيق بكل انفتاح على مختلف القوى التقدمية والديمقراطية والعمل الميداني اﻷفقي من أجل عمل سياسي تراكمي يخلق قيادة سياسية شبابية بعيدا عن التثبيط ومنطق الوصاية،
ونحن مواصلات ومواصلون بذلك النضال في سبيل :
• إطلاق الحريات العامة والفردية بدءا بتحرير سجينات وسجناء الرأي بلا استثناء وصولا إلى تحرير المجتمع والفكر والتعبير و بناء مشروع حضاري تقدمي يقوم على مساواة الجميع وعلى الحرية كأصل في كل شيء وعلى الكرامة اﻹنسانية التي لا تقبل امتهانا أو انتقاصا،
• استرجاع مطالب الثورة من مساواة تامة وعدالة اجتماعية وتنمية شاملة والقطع مع منظومات الريع والزبونية والفساد،
• إلغاء أدوات الشعبوية وتفتيت الدولة التونسية التي أرساها قيس سعيد من خلال دستوره ومراسيمه وأوامره ومؤسساته، وإعادة حياة سياسية قائمة على المبادئ والمثل والقيم العليا وعلى ممارسة سياسية حرة ومسؤولة في دولة الحرية والقانون والعدل،
• إرساء استقلالية السلطة القضائية وضمان عدم تطويعها لأي جهة سياسية وعدم تدجينها من قبل السلطة التنفيذية،
• ضمان عدم اﻹفلات من العقاب في انتهاكات حقوق اﻹنسان بمختلف أشكالها،
• استرجاع مكانة تونس في محيطها المغاربي واﻹفريقي والمتوسطي والدولي كمنارة للمعرفة وللتفتح وكدولة مستقلة ذات سيادة لا تهادن في سلامة اﻹنسان وكرامته وتبني لمجتمع عالمي قائم على السلم والمساواة بين الأمم وتساهم في إرساء حق الشعوب في تقرير مصيرها وفي اختيارها الحر.