تحتفل الرباط وبكين بالذكرى الـ65 لبدء علاقاتهما الديبلوماسية، وذلك عبر لقاء جمع عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، وزاوو ليجي، رئيس اللجنة الدائمة للجمعية الشعبية الوطنية لجمهورية الصين الشعبية، تم من خلاله التطرق للعديد من القضايا المشتركة، أبرزها توسيع الشراكة الاقتصادية لتصل إلى قطاعات استراتيجية.
ولم تخف الصين نيتها الحصول على صفقة مشروع إنشاء الخط السككي السريع “تي جي في” الذي يربط الدار البيضاء بأكادير، إذ سبق أن أعلنت عن ذلك على لسان سفيرها بالمملكة، لي تشانغ لين، في حوار سابق مع جريدة هسبريس الإلكترونية، الأمر الذي يزيد من فرضيات أن يكون اجتماع تخليد الذكرى الأخير “محاولة جديدة لبيكين للتأكيد رغبتها”.
وتصطدم الرغبة الصينية بطموحات دول أخرى، أولها فرنسا التي تعتبر نفسها مؤسسة المشروع، بعدما كان إنشاء الخط الأول الرابط بين طنجة والدار البيضاء من نصيبها، ومع إعلان المغرب مشروعه لإنشاء الخط الثاني، اعتبرت باريس، بحسب تقارير إعلامية فرنسية، أن “هذا المشروع الجديد من الطبيعي أن يكون لها بسبب خبرتها الطويلة في المجال”.
لكن مع بروز الأزمة الحالية بين باريس والرباط تبدو مؤشرات فوز فرنسا بإنجاز هذا الخط الثاني من القطار فائق السرعة “ضئيلة”، ليبرز اسم شركة “China Railway Construction Corp” الصينية، خاصة وأن سمعتها زادت بعد نجاحها في إنشاء جسر محمد السادس الذي يعد الأكبر في إفريقيا.
رشيد ساري، محلل اقتصادي، أبرز أن “العلاقات الاقتصادية بين بيكين والرباط تذهب في منحى استراتيجي منذ زيارة العاهل المغربي إلى الصين الشعبية سنة 2016، التي تم من خلالها توقيع اتفاقيات مهمة، كما أن المغرب انخرط بشكل كبير في مبادرة الحزام والطريق سنة 2021، وهو ما يبرز رغبة البلدين في مضاعفة حجم الفرص الاقتصادية بينهما”.
“من المرجح كثيرا أن يكون الاجتماع الأخير بين الصين والمغرب بمناسبة تخليد ذكرى إقامة العلاقات بينهما قد تطرق لرغبة الصين في الحصول على صفقة تي جي في الرابط بين أكادير والبيضاء، لكنها ليس النقطة الرئيسية للاجتماع”، يوضح ساري في حديث لهسبريس، قبل أن يشرح أن “أهم المشاريع التي تجلب اهتمام الطرفين هي مبادرة الحزام والطريق، التي يسعى من خلالها المغرب للعب دور تجاري مركزي في العالم، خاصة وأن المشروع يستهدف ربط دول العالم بالقارة السمراء”.
وتابع المحلل الاقتصادي قائلا إن “المؤهلات الصناعية التي يمتلكها المغرب اليوم تشجع المستثمرين الصينيين على وضع أموالهم في بلدنا، كما تشجعهم على أن يتخذوا المغرب وسيطا تجاريا مع غرب إفريقيا وأوروبا، نظرا لموقعه الاستراتيجي”.
يمتاز العرض الصيني عن العروض الأخرى الراغبة في الظفر بمشروع الـ”تي جي في البيضاء-أكادير”، بحسب المتحدث سالف الذكر، بكون “الصين تمتلك خبرة طويلة الأمد في هذا المجال، إلى جانب التكاليف المنخفضة التي تطلبها الشركات الصينية، فضلا عن وجود قوة تمويلية صينية تعطي ضمانات بنهاية المشروع في وقته المحدد دون مشاكل”.
و حذر ساري من “وضع الثقة الكاملة في البنود التي تضعها بيكين في إنجاز أي مشروع اقتصادي استراتيجي، إذ عادة ما تطلب ضمانات مالية قد ترهن اقتصاد أي بلد، وهو ما حدث في عديد من الدول الإفريقية، في مقدمتها أوغندا”.