دق دافيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ناقوس الخطر بخصوص زحف المجاعة والتهديدات الرئيسية للأمن الغذائي بالعديد من الدول بفعل تداعيات جائحة كورونا والصراعات والحروب وتغير المناخ.
وقال بيسلي، في مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية، إن المجاعة ستطرق أبواب الصومال التي عرفت سلسلة من مواسم الجفاف ألحقت أضرارا بالمحاصيل والمزروعات، إلى جانب معاناتها من تضخم غذائي وموجات من الصراع.
وأضاف المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: “لقد أعددنا برنامج مساعدات غير مسبوق؛ حيث يقوم المانحون والمتبرعون بزيادة تبرعاتهم، على الرغم من أنني كنت أتمنى لو قاموا بذلك من قبل”. وتساءل: “هل يمكننا تجنب المجاعة هناك؟”، مجيبا: “لا أخشى ذلك، لكننا نبذل قصارى جهدنا لعكس الاتجاه في أسرع وقت ممكن”.
وشدد المسؤول الأممي على أن الوضع الأمني بالصومال هش للغاية، مشيرا إلى وجود صعوبات في الوصول إلى السكان المحتاجين، داعيا الشباب والجماعات المسلحة التي تمنع الولوج إليهم إلى احترام حقوق الإنسان، مبرزا أن المفاوضات لا تزال مستمرة معهم.
وجوابا على المصادر الرئيسية المقلقة بخصوص استفحال أزمة الجوع، أوضح المتحدث ذاته أن الأسوأ لم يحدث بعد، موردا أن “مبادرة حبوب البحر الأسود، التي تجري مناقشة تمديدها، ضرورية لتهدئة الأسواق وإخراج الحبوب والأسمدة”.
وقال دافيد بيسلي إن الأزمة اليوم أزمة أسعار، مما يؤدي إلى مشاكل في توفير الغذاء بالنسبة للسكان الأكثر فقرا، لكن من الممكن أن يصبح هذا الأمر عاما بحلول 2023.
وأضاف أن “قادة الدول فطنوا إلى أننا نواجه أسوأ أزمة غذائية منذ الحرب العالمية الثانية، وإن كانت بوتيرة بطيئة إلا أنها بدأت”، وزاد: “يسألونني لماذا أرسل الأموال إلى النيجر والصومال أو أفغانستان في حين نحن في حاجة إليها من في مجالي الصحة والتعليم؟ فأجيبهم بأن يتصدوا للأسباب الحقيقية للمجاعة، وإلّا سيكلفهم الأمر أكثر وصراعات وهجرات”.
وتابع: “مهما كانت مواقفنا حول قضايا الهجرة، وجب علينا العمل على الأسباب الجذرية التي تدفع السكان إلى ذلك. إذن، بإمكاننا تمويل برنامج بدولار أو دولارين في الأسبوع لإطعام طفل في غواتيمالا والإكوادور والهندوراس، لأن التكفل به على الحدود الأمريكية سيكلف 4 آلاف دولار في الأسبوع”.
وشدد بيسلي على أن غياب التنسيق بين برامج الأمن الغذائي من قبل الدول المانحة والمتبرعة، يحول دون تحقيق نتائج جيدة، داعيا الدول المانحة إلى العمل سويا وعدم الاكتفاء بتنظيم ندوات ولقاءات.
وحث المسؤول الأممي نفسه على تبني برامج مرونة أكثر؛ بحيث “يمكن أن يكون لكل دولار نتبرع به تأثير في الميدان، من خلال حفر الآبار وتوفير أنظمة الوصول إلى الماء، بهدف الوصول إلى عدم حاجة هذه المجتمعات إلى المساعدة الخارجية. فالأمر برمته مسألة تأقلم واستدامة زراعية، على اعتبار أن الاستثمارات مربحة وناجعة أكثر من الاكتفاء بتقديم مساعدات غذائية”.
وقال دافيد بيسلي: “على قادة الدول أن يفهموا أن الصراعات والمناخ هما المسألتان اللتان لا يجب إغفالهما، ويجب أن نتفاعل في أقرب وقت دون الإطالة في الحديث إذا أردنا أن نجتاز السنتين المقبلتين من الأمن الغذائي”.