طالت الرقابة كتاب عالمة الاجتماع المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي “الحريم السياسي: النساء والنبي” في المعرض الدولي للكتاب بالعاصمة المصرية القاهرة في دورته 55، بعدما سبق أن طالته الرقابة في معرض الرياض الدولي للكتاب بالمملكة العربية السعودية سنة 2023.
ووفق تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قالت دار الفنك للنشر، الناشرة للكتاب، إن إدارة المعرض أخبرتها بعديا بمنعه من العرض، مع نزع إعلان إشهار الخاص به أيضا من رواقها.
وتشارك دار الفنك في جناح الناشرين المغاربة، وكتبت على صفحتها الإلكترونية الرسمية إن “هذا المنع المتكرر يسائل بالضرورة وضعية حرية التعبير في العالم العربي”.
تنفي المرنيسي عن كتابها هذا أن يكون كتابا للتاريخ، بل هو عودة إلى القرون من أجل استخراج عصارة “تعمل على إنبات الأجنحة وتتيح لنا الانزلاق صوب الكواكب الجديدة، صوب العصر الذي هو في آن واحد بعيد وقريب من بداية الهجرة، حيث تمكن النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون عاشقا وموجِّها معاديا للأرستوقراطية، وحيث كان للنساء دورهن مشاركات دون نكران في ثورة جعلت من الجامع مكانا مفتوحا، ومن الأسرة معبدا للجدل”.
وجاء هذا العمل في إطار دعوة إلى “رفع الحجُب”؛ “حُجب قارب-الذكرى، ولكن بدئيا، حجب معاصرينا التي تزيّف الماضي لكي تحجب عنا حاضرنا”.
وانطلق هذا الكتاب من الرؤية الخاطئة التي لمستها المرنيسي عند عدد من أفراد المجتمع حول دور المرأة في الإسلام المبكر ودورها الممكن اليوم.
وكتبت: “إن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم هو أحد الشخصيات التاريخية المعروفة أكثر في تاريخنا، ونمتلك معلومات غزيرة تتعلق به، تفصيلات حول الطرائق التي كان يوجه بها الغزوات، وأيضا أوصافا لا يمكن إحصاؤها عن حياته الخاصة. كيف كان يتعامل مع نسائه، ومشكلاته الزوجية، وأكلاته المفضلة، وما يضحكه وما يغضبه… إن تشويه شخصيته لا يمكن في بلاد مسلمة حيث يبدأ التعليم الديني من قبل دخول المدرسة، ومع ذلك يمكن للمسلم الخبير أن يؤكد أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم قد أقصى النساء عن الحياة العامة وعزلهن في المنزل، ولكنه بتأكيده هذا يكون قد مارس عنفا لم يسمع به حول محمد صلى الله عليه وسلم بصفته شخصية تاريخية نحوز عنه وثائق لا حصر لها”.
ومن بين خلاصات المرنيسي بناء على أحداث تاريخية في الإسلام المبكر مثل مبايعة النساء بقيادة هند بنت عتبة، النبي بعد فتح مكة، في موقف “يبرهن على أن نساء أريستوقراطية قريش لم يكن معتبرات بصفتهن مجموعة اجتماعية ليأتين كالرجال، للمبايعة والمشاركة هكذا بالمفاوضات مع الرئيس العسكري الجديد فحسب، بل كان بإمكانهن أيضا اتخاذ موقف انتقادي بكل حرية تجاه الإسلام. إنهن لن يقبلن الدين الجديد دون أن يعرفن بدقة بماذا سوف يعدل في وضعهن”.
وتتابع: “هذه الذهنية الانتقادية للمرأة تجاه الزعيم السياسي سوف تبقى حية خلال العشر سنوات الأولى من الإسلام، وهي لن تزول إلا مع بزوغ الاستبدادية، مع معاوية والتمليك الرسمي (العائلي) للسلطة، أي زوال ذهنية الأريستوقراطية القبلية من جهة، مع تكوين الدولة الإسلامية، ومن جهة أخرى غياب الإسلام كتجربة نبوية حيث المساواة مهما كانت فرضية”.
يذكر أن عالمة الاجتماع فاطمة المرنيسي قد رحلت سنة 2015 في سن الخامسة والسبعين، بعد مسار كانت فيه من أبرز رموز الجامعة المغربية، وحصلت على جوائز من بينها “جائزة أمير إستورياس”، و”جائزة إيراسموس”، ويعود تاريخ نشر كتابها “الحريم السياسي” باللغة الفرنسية إلى سنة 1987.