قال داني سيترينوفيتش، رائد احتياط في الجيش الإسرائيلي خبير في شؤون الشرق الأوسط وإيران سبق أن شغل مناصب قيادية في وحدات الاستخبارات وجمع المعلومات في دولة الاحتلال الاسرائيلي إن “إيران تواصل توسيع أنشطتها عبر القارة الإفريقية، وبالتالي زيادة التهديد لمصالح إسرائيل السياسية والأمنية والاقتصادية في هذه المنطقة، وهو ما تحتاج معه إسرائيل إلى صياغة استراتيجية لمنع طهران من تحقيق أهدافها في إفريقيا”.
وأضاف سيترينوفيتش، في مقال له نشره “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي” تناول الوجود الإيراني في القارة الإفريقية، أن “هذه الأخيرة كانت منطقة مفضلة للأنشطة الإيرانية منذ الأيام الأولى للثورة الإسلامية، حيث إن القرابة الإيديولوجية بين طهران والعديد من الدول بسبب رغبتها المشتركة في محاربة الاحتلال الغربي، ورغبتها أيضا في حماية الأقلية الشيعية الكبيرة في جميع أنحاء القارة، عوامل زادت من جاذبية إفريقيا بالنسبة للقيادة الإيرانية”.
وعن التواجد الإيراني في منطقة شمال إفريقيا، أشار الرائد احتياط في الجيش الإسرائيلي خبير في شؤون الشرق الأوسط وإيران إلى أن الأخيرة “تواصل توسيع علاقاتها الدبلوماسية مع تونس، إذ رفعت هذه الأخيرة شرط التأشيرة عن المواطنين الإيرانيين الراغبين في دخول أراضيها، مما يسهل على الأرجح بناء العلاقات الاقتصادية بين البلدين”.
أضاف أن “هذا التوسع ينضم أيضا إلى العلاقات الاستراتيجية التي بنيت في السنوات الأخيرة بين إيران والجزائر، إضافة إلى أدوارها في ليبيا، إذ تحاول طهران من خلال ذلك بناء سلسلة متصلة في دول شمال إفريقيا، لا توفر فقط الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط ومضيق جبل طارق، وبالتالي زيادة التهديد لأوروبا، ولكن أيضا زيادة الضغط العسكري على المغرب الذي تعتبره القيادة الإيرانية معقلا للنشاط الإسرائيلي والأمريكي في هذه القارة”.
وتابع بأن “الوجود الإيراني في هذه المنطقة يسمح بزيادة الدعم العسكري لمتمردي البوليساريو الذين يقاتلون ضد الوجود المغربي في منطقة الصحراء، مسجلا أن “النظام الإيراني يحاول أيضا توسيع علاقاته الدبلوماسية مع موريتانيا من أجل زيادة شعور المغرب بالحصار في حدوده الغربية أيضا”.
كما أشار كاتب المقال إلى النشاط الإيراني في منطقة القرن الإفريقي وشرق القارة السمراء حيث “تعمل طهران على توسيع علاقاتها الاقتصادية مع مختلف البلدان في شرق القارة، بما في ذلك كينيا وأوغندا وزيمبابوي”، مسجلا أن الأمر لا يتعلق فقط بتعزيز المصالح الاقتصادية والسياسية في القارة، وإنما بـ”رغبة في توسيع مبيعات الأسلحة إلى العديد من البلدان، إذ يمكن ملاحظة هذا التوجه في تزويد إيران الجيش السوداني بطائرات بدون طيار لتعزيز قدراته في الحرب الأهلية في البلاد”.
وزاد شارحا أن “هذا النمط من العمل يشبه إلى حد كبير المساعدة التي قدمتها إيران للرئيس الإثيوبي أبي أحمد خلال الحرب الأهلية التي شنها ضد متمردي منطقة تيغراي”، مشيرا أيضا إلى تجديد العلاقات مع جيبوتي التي قال إن “موقع هذه الأخيرة الاستراتيجي بالقرب من مضيق باب المندب، كان أحد الأسباب الرئيسية لسعي طهران لتجديد هذه العلاقات، كما تسعى أيضا إلى تعميق علاقاتها الدبلوماسية مع القاهرة من خلال مجموعة واسعة من القنوات”.
وأكد داني سيترينوفيتش أن “هذا التوجه سيسمح للنظام الإيراني بزيادة وجوده الأمني في هذه المنطقة الاستراتيجية، وبالتالي تحقيق عدة أهداف مهمة من المنظور الإيراني، بما في ذلك زيادة الحصار الاقتصادي على إسرائيل، وإعادة بناء قنوات نقل الأسلحة إلى حماس في قطاع غزة، وتعزيز قدرتها على إبراز القوة البحرية في هذه المنطقة من خلال البحرية الإيرانية”.
وسجل المسؤول الاستخباراتي السابق أن “إسرائيل يجب عليها أن تهتم بهذه التطورات بشكل خاص، لأنها تشكل تهديدا لأمنها وتحديا لقدرتها على مواصلة اتجاهها لتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع العديد من البلدان في جميع أنحاء القارة، إذ تعمل إيران في هذا السياق على تقويض الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية، في المقام الأول داخل الاتحاد الإفريقي، باستخدام الجزائر وجنوب إفريقيا”.
وشدد على أنه “من المناسب أن تنظر إسرائيل في بناء استراتيجية تهدف إلى الحفاظ على نفوذها في إفريقيا من خلال تعميق التعاون مع دول الخليج التي تنظر أيضا إلى النشاط الإيراني في إفريقيا كتهديد لمصالحها الاستراتيجية، ثم تعزيز التنسيق مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالعلاقات مع الدول المهتمة بالنشاط الإيراني، وذلك في المقام الأول لخلق حوافز للربح (أو الخسارة) لأي دولة تختار عدم التعاون مع إيران”.
وأوصى الخبير في شؤون الشرق الأوسط وإيران بـ”تعميق العلاقات الأمنية مع دول القرن الإفريقي وشرق إفريقيا وباقي الدول لمنع إيران من الاستيلاء على البحر الأحمر لأغراضها، مع توسيع المساعدات الاقتصادية والعسكرية المقدمة للدول التي تعارض الوجود الإيراني واختارت الحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل، على الرغم من إغراءات طهران”.
وخلص داني سيترينوفيتش إلى أن “توسع النشاط الإيراني في جميع أنحاء إفريقيا يعرض المصالح الإسرائيلية المهمة في القارة للخطر، وبالتالي فبدون تطوير استراتيجية شاملة مع دول أخرى تهدف إلى تحدي هذا النشاط، قد تستخدم معه إيران موطئ قدمها في إفريقيا لزيادة التهديد العسكري والاقتصادي لإسرائيل وردع الدول الأخرى عن التعاون معها”، مشددا على أن” تجاهل أنشطة إيران في إفريقيا لن يؤدي إلا إلى تفاقم موقف إسرائيل في القارة بشكل كبير وقد يؤدي إلى وضع تجد فيه إسرائيل، في المستقبل، صعوبة في تغيير هذا الاتجاه بشكل جذري”.