توقعت دراسة دولية حديثة أن يتسبّب تغير المناخ في 14.5 ملايين حالة وفاة إضافية و12.5 تريليونات دولار من الخسائر الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، بحلول عام 2050، نتيجة ستة عوامل، هي: الفيضانات والجفاف وموجات الحرارة والعواصف الاستوائية وحرائق الغابات وارتفاع منسوب مياه البحر.
وأشارت الدراسة التي نشرت ضمن تقرير خاص بالمنتدى الاقتصادي العالمي المقام حالياً بدافوس (سويسرا)، الثلاثاء، أن مناطق مثل أفريقيا وجنوب آسيا تواجه ضعفا متزايدا أمام تأثيرات تغير المناخ التي تتفاقم بسبب محدودية الموارد الحالية والبنية التحتية الكافية والمعدات الطبية الأساسية، مما يزيد من تعقيد قدرتها على مواجهة التحديات البيئية والتكيف معها.
وحسب التقرير ذاته، فإن البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط، من بينها تونس ، يُتوقع أن تشهد حالات جفاف مدعاة للقلق نتيجة انخفاض هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، وتصنّفها الأبحاث المكثفة من ضمن أربع مناطق شديدة الخطورة نتيجة الجفاف بحلول عام 2050 إلى جانب جنوب غرب أفريقيا وجنوب غرب أمريكا الجنوبية وغرب أمريكا الشمالية، فيما يُتوقع أن تزيد وتيرة الجفاف ما بين 20 و110 في المائة بحلول عام 2100.
من المتوقع، وفق الدراسة نفسها، أن تتحمل منطقة البحر الأبيض المتوسط تكلفة قدرها 700 مليار دولار للنظام الصحي و16 مليون سنة مصححة للعجز (DALY) نتيجة توقف النمو لدى الأطفال، فضلا عن تأثير موجات الحرارة على الصحة المهنية وإنتاجية القوى العاملة، خاصة في مجالي الزراعة والبناء، وعلى السكان الأكثر فقرا بسبب وصولهم المحدود في كثير من الأحيان إلى أجهزة تكييف الهواء وإمدادات المياه العذبة.
وأبرز التقرير الدولي أن إفريقيا تتحمّل جميع هذه التبعات لتغيّر المناخ، بما في ذلك تهديد الأمن الغذائي لـ40 مليون شخص في القارة، بالرّغم من أنها لا تنتج سوى حوالي 2-3 في المائة من الإنتاج العالمي للانبعاثات.
ومن بين الظواهر الجوية التي تم تحليلها، وجد التقرير أن الفيضانات تشكل أعلى خطر حاد للوفيات الناجمة عن المناخ على مستوى العالم، حيث يتوقع أن تتسبّب في 8.5 ملايين حالة وفاة بحلول عام 2050، فيما يشكل الجفاف، المرتبط بشكل غير مباشر بالحرارة الشديدة، ثاني أكبر سبب للوفيات، بـ3.2 مليون حالة وفاة متوقعة.
ونبّهت الدراسة، في مجمل مخاطر تغير المناخ على العالم، إلى أن درجات الحرارة الأكثر دفئًا ستؤدي إلى زيادة فترة التكاثر والنطاق الجغرافي لمستعمرات البعوض، مما يؤدي إلى انتشار أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك وزيكا إلى مناطق مناخية معتدلة كانت أقل تأثرًا في السابق مثل أوروبا والولايات المتحدة، ما قد يعرض 500 مليون شخص إضافي لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالنواقل بحلول عام 2050.
كما سيؤدي تغير المناخ، حسب المصدر ذاته، إلى تفاقم عدم المساواة في مجال الصحة العالمية، حيث ستكون الفئات السكانية الأكثر ضعفا، بمن في ذلك النساء والشباب وكبار السن والفئات ذات الدخل المنخفض والمجتمعات التي يصعب الوصول إليها، الأكثر تضررا من العواقب المرتبطة بالمناخ.
ومع ذلك، أشار تقرير “دافوس 2024” إلى أن الاقتصاد العالمي يملك وقتاً لخفض الانبعاثات بشكل حاسم ووضع استراتيجيات لحماية صحة الإنسان من آثار تغير المناخ، راهناً ذلك بضرورة إدراك واضعي السياسات عدم جاهزية أنظمة الرعاية الصحية الكافية للتخفيف من العواقب الصحية، ومعالجة ذلك.