نفل موقع تايمز أوف اسرائيل عن شهود عيان حول رفض قوات الجيش الإسرائيلي الاشتباك مع مسلحي حماس في كيبوتس بئيري في 7 أكتوبر وتركت أفراد أمن الكيبوتس يقاتلون المسلحين بمفردهم، حسبما روى أعضاء فريق الأمن المدني في الكيبوتس.
وقال يائير أفيطال، أحد الناجين من فريق الأمن التابع للكيبوتس، للقناة 12 في تقرير بثته يوم الأربعاء: “أكثر ما أذكره، والأكثر صدمة بالنسبة لي من هذه المحنة، هو الوصول إلى مدخل الكيبوتس ورؤية 500 جندي متمركزين بشكل منظم ومرتب وهم يقفون وينظرون إلينا”.
وكان بئيري واحدا من التجمعات السكانية الأكثر تضررا في الهجوم. وقد قتل أكثر من 10% من سكان الكيبوتس البالغ عددهم 1200 نسمة عندما اقتحم حوالي 3000 من مسلحي حماس حدود غزة إلى داخل إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 1400 شخص في البلدات الجنوبية وقواعد الجيش وفي مهرجان موسيقي، وإصابة أكثر من 5400 آخرين واحتجاز ما لا يقل عن 240 رهينة ونقلهم الى غزة.
في حديثه للقناة 12 من أنقاض الكيبوتس المتفحمة، روى أفيطال وأعضاء آخرون من فريق الأمن الناجين محنتهم والطريقة التي يقولون إن الجيش الإسرائيلي تخلى عنهم فيها.
بحلول الساعة 7:30 صباحا، بعد أقل من ساعة من دخول المسلحين الكيبوتس عبر مدخله الرئيسي ومن خلال ثغرات في السياج، قُتل اثنين من أعضاء الفريق الأمني وأصيب ثلاثة آخرين، كما يتذكر أفيطال.
وفي تلك اللحظة وصل خمسة من عناصر الشرطة إلى مكان الحادث للمرة الأولى مع مسدساتهم فقط. وبعد أن أدركوا أنهم غير مجهزين، انسحبوا للحصول على المزيد من الأسلحة. ولكن مع تكرار المشاهد من بئيري عبر البلدات الحدودية لغزة، تم نقلهم إلى مواقع أخرى ولم يعودوا.
وقال عيلم ماؤور، أحد الناجين: “ترى ذلك بأم عينيك، ترى المقاتلين يتدفقون إلى داخل الكيبوتس. شاحنة تلو الأخرى تسير هنا، كانوا جيشا بذخيرة لا تنتهي”.
في الساعة التاسعة صباحا، وصل الفريق الأول من جنود الجيش الإسرائيلي إلى الكيبوتس، بعد أكثر من ساعتين من اقتحام المسلحين الأوائل بوابة الدخول. لكن الجنود، وهم فريق مكون من 14 عنصرا من وحدة النخبة “شلداغ”، سرعان ما تراجعوا إلى مدخل الكيبوتس.
يوم الأربعاء، أثناء تجوله في عيادة الأسنان حيث عالج المسعفون الجرحى وقاتل فريق الأمن حتى نفاد الرصاص في 7 أكتوبر، روى أفيطال للقناة 12 ما رآه هناك في ذلك الصباح.
وروى قائلا: “في هذه المرحلة، كان شاحر وإيتان [من فريق الأمن] يقاتلان وشعرنا بأننا ننتصر. كل من مر منهم (المسلحين)، قام الرجال هنا بقتله”.
ولكن خارج العيادة، احتدم القتال، وواصل فريق الأمن المنهك مناشدة الجيش الإسرائيلي بإرسال طائرات مقاتلة وتعزيزات.
فقط في الساعة الواحدة بعد الظهر، عادت فرقة الجنود من وحدة “شلداغ”، هذه المرة برفقة فريق من وحدة النخبة “ساييرت ماتكال”.
“لقد تمكنوا من إحداث تأثير للمرة الأولى؛ تمكنوا أخيرا من قلب الموازين قليلا في المناطق التي تمركزوا فيها”، كما روى العضو في فريق الأمن يوفال فايس.
بحلول الساعة الثانية بعد الظهر، تغير الشعور داخل العيادة. ومع احتدام القتال في الخارج، حاصرت العيادة فرقة من مسلحي حماس، في حين طيار طائرة مروحية مقاتلة فريق الأمن بأنه ليس لديه إذن بإطلاق النار داخل الكيبوتس.
وقال أفيطال وهو يسير عبر العيادة المدمرة والملطخة بالدماء: “انفجرت هنا ثماني قنابل يدوية على الأقل ونفدت ذخيرتنا بالفعل”.
وتابع قائلا: “شاحر صرخ على الإرهابيين باللغة الانجليزية، ’أنا لست عدوكم، رجاء، أنا لست عدوكم’، وألقيت قنبلة يدوية أخرى، ولم يعد شاحر معنا”.
أصبح أفيطال محاصرا في العيادة ومحاطا بالجثث وبدمائه، وتظاهر بالموت حابسا أنفاسه بينما قام المسلحون بفحص كل جثة واعدام كل من ظنوا أنه قد يكون على قيد الحياة.
في الساعة 6:30 مساء، وصلت قوات الجيش الإسرائيلي أخيرا إلى العيادة، حيث كانت أفيطال وممرضة الكيبوتس نيريت الناجيين الوحيدين.
عندما تم إجلاؤه من الكيبوتس على نقالة، أدرك أفيطال أنه لم يعد بإمكانه وضع ثقته في الجيش، كما قال للقناة 12.
وقال: “كان هناك خمسمائة جندي في الخارج، منظمين، مع كلاب ومعدات وأسلحة ومركبات مدرعة؛ وقفوا في الخارج ولم يحرك أي منهم ساكنا”.
“أتذكر أنني صرخت بهم من على النقالة: ’إنهم يذبحوننا!. أدخلوا! أنقذونا‘ ولم ينظر إليّ أحد منهم، ولم يقل أي منهم شيئا”.
وتابع: “لقد ظلوا يكررون: ’الميدان ليس معقما، الميدان ليس معقما’”، موضحا أن الإصرار على أن المنطقة بحاجة إلى أن تكون “معقمة” قبل أن يتمكن الجنود من دخولها كان علامة على عدم إدراك أي منهم لما كان يحدث داخل الكيبوتس.
“لم يفهم أحد أن العقيدة المعروفة والمألوفة لجيش الدفاع الإسرائيلي لم تعد قائمة. نزف الناس دما في كل دقيقة، والجيش لم يكن موجودا، ولم يفهم ما يحدث، وهذا الأمر حطم قلبي”.
ستغرق الأمر من الجيش الإسرائيلي يومين لاستكمال إخلاء كيبوتس بئيري والتأكد من عدم بقاء أي مسلح فيه. قبل هجوم 7 أكتوبر، كان الكيبوتس أكبر تجمع سكاني من بين 25 تجمعا يشكلون المجلس الإقليمي إشكول.