مضى أسبوع الان عن دعوة رئيس الجمهورية الى استدعاء عدد من السفراء الأجانب المتعمدين في تونس لابلاغهم احتجاج بلادنا ” على التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية ” ولكن الى حد اليوم لم يصدر عن وزارة الخارجية التونسية أي خبر حول تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية التي كانت واضحة وجلية ولا تحتمل أي تأويل خاصة وأنها جاءت مباشرة بعد صدور بيانات تعبر عن القلق من أوضاع الحريات في تونس .
ولكن اليوم فوجئ المتابعون للشأن السياسي بمحتوى البلاغ الذي أصدرته وزارة الخارجية حول فحوى اللقاء الذي جمع وزير الخارجية نبيل عمار بالسفير الأمريكي جوي هود
الذي خلا من أي احتجاج أو اي عتاب حتى ” استقبل السيد نبيل عمّار، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، اليوم الثلاثاء 21 ماي 2024، السيد جوي هود، سفير الولايات المتّحدة الأمريكية بتونس.
ومثّل اللقاء مناسبة لاستعراض واقع العلاقات الثنائية وبرامج التعاون القائمة وافاق تطويرها في مختلف المجالات، ولاسيّما الاقتصادية منها، بما في ذلك تسهيل نفاذ المنتوجات التونسية إلى السوق الأمريكية ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة.“
وبسؤال ديبلوماسي تونسي سابق عمل في العديد من الدول اضافة الى هيئات دولية أخرى قال لنا أنه لا غرابة الا يصدر أي شيئ في العلن حول ما اذا كان وزير الخارجية نبيل عمار قد نقل احتجاج تونس حول تدخل بلاده في الشأن التونسي فحجم العلاقات وحجم الأزمة يحددان طريقة الاحتجاج كما أن احتجاج تونس قد تقبله المعنيون بالأمر مباشرة بعد صدور بلاغ رئاسة الجمهورية يوم الاربعاء القادم ” ويضيف محدثنا أن محتوى بلاغ وزارة الخارجية يؤكد بأن العلاقة بين تونس والولايات المتحدة لم تصل حد القطيعة أو انها في حالة برود تام “
وجرت العادة أن يتم الاعلان عن هذه الاحتجاجات بشكل صريح مثلما حصل في أفريل 2022 حين ذكرت وزارة الشؤون الخارجية أن تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن حل الرئيس قيس سعيد للبرلمان تدخل “غير مقبول في الشأن الداخلي ويتعارض تماما مع الروابط الأخوية التي تجمع البلدين والشعبين ومع مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول”.
وقال وزير الخارجية في حينه عثمان الجرندي على تويتر إنه تحدث أيضا إلى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو عبر الهاتف واستدعى سفير أنقرة لدى تونس للتعبير عن رفض بلاده لتعليقات أردوغان. وأضاف “أجريت اتصالا مع وزير خارجية تركيا، كما تم استدعاء السفير. أبلغتهما رفض تونس تصريح الرئيس أردوغان واعتباره تدخلا في الشأن التونسي وأن علاقات البلدين يجب أن تقوم على احترام استقلالية القرار الوطني واختيارات الشعب التونسي دون سواه وأن بلادنا لا تسمح بالتشكيك في مسارها الديمقراطي”.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد، استقبل يوم الأربعاء 15 ماي 2024 بقصر قرطاج، السيد منير بنرجيبة، كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، وكلّفه بدعوة عدد من السفراء الأجانب المعتمدين ببلادنا لإبلاغهم احتجاج تونس على التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية، مذكّرا، في هذا الإطار، بما ورد في توطئة الدستور بأن الشعب التونسي يرفض أن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية.” وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية .
ويتعلق الأمر بالبيانات الصادرة عن الخارجية الفرنسية وكذلك الخارجية الأمريكية وأيضا الاتحاد الأوروبي .
اذ أعربت فرنسا يوم الثلاثاء الماضي عن “قلقها” بعد توقيف المحامية والكاتبة سنية الدهماني في تونس بسبب تصريحات اعتُبرت مسيئة للبلاد والدولة.
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان إن التوقيف جاء “في سياق عمليات توقيف أخرى لا سيما بحق صحافيين وأعضاء جمعيات”.
وأضاف “إن حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات، مثلها مثل استقلالية القضاء، هي مبادئ يكفلها الدستور التونسي وكذلك اتفاقيات الأمم المتحدة التي انضمت إليها تونس كما فرنسا”.
بدورها علقت وزارة الخارجية خلال المؤتمر الصحفي الدوري الذي عقدته يوم الثلاثاء 14 ماي 2024، على الأحداث التي شهدتها تونس مؤخرا والتي منها جملة من الايقافات واقتحام دار المحامي.
وردا على أسئلة الصحفيين، قال فيدانت باتيل، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: “إن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة على جميع المستويات بدعم حقوق الإنسان، بما في ذلك حرية التعبير في تونس.”
واضاف قائلا: “لقد اطلعت على هذه التقارير التي تفيد بأن جهات حكومية تونسية دخلت مكتب نقابة المحامين التونسيين واعتقلت عددا من الشخصيات الإعلامية وممثلي المجتمع المدني المعتقلين في الأيام الأخيرة . . ونحن نتعامل بشكل مباشر مع الحكومة التونسية على جميع المستويات لدعم حقوق الإنسان، بما في ذلك حرية التعبير.”
كما أشار فيدانت باتيل إلى أن “هذا النوع من التصرفات يتنافى مع ما يعتبره حقوقا يكفلها الدستور التونسي بشكل صريح.
بدوره عبّر الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء 14 ماي الجاري عن قلقه إزاء موجة اعتقالات طالت عدة شخصيات من المجتمع المدني وصحفيين وناشطين سياسيين في تونس، وطالب بتوضيحات.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيان “حرية التعبير وتكوين الجمعيات فضلا عن استقلال القضاء، يكفلها الدستور التونسي وتشكل أساس شراكتنا”.