وأنت تتابع ما يحدث في الكواليس حول ملف اتصالات تونس وما يحوم حوله من معلومات تعود بك الذاكرة الى مسرحية وليام شكسبير هاملت الذي قال في احدى فصولها جملته الشهيرة ” هناك شيئ متعفن في مملكة الدنمارك ”
هناك توجه تتمسك به السلطة اليوم فيما يخص ادارة شؤون المؤسسات العمومية التي أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد بضرورة التعاطي معها بكل شفافية حماية لمصالح الدولة وخاصة اسهمها في المؤسسات الأجنبية المربحة ولكن في الأثناء وعلى وقع صمت مريب تتجه اتصالات تونس مجددا الى بيع أسهمها في شركة الاتصالات الموريتانية التونسية “ماتل” بالتقسيط ولأحد الشريكين الموريتانيين في هذه المؤسسة و رجل الاعمال الموريتاني المثير للجدل محمد ولد بوعماتو صاحب شركة BSA وتشير الانباء إلى توجه داخل أروقة اتصالات تونس لقبول العرض المقترح من بوعماتو مما يخل بالشريك الأخر رجل الاعمال الموريتاني البشير ولد الحسن صاحب مجمع COMATEL و بالالتزامات والمواثيق بين المساهمين .
و أشارت مصادر اعلامية تونسية و أجنبية الى انه ليس العرض الأفضل من بين العروض التي قدمت سابقا و قد تكون له انعكاسات سلبية على العلاقات الموريتانية التونسية في جانبها الاقتصادي القائم على هذه الشراكة الأكبر والأهم بين البلدين الشقيقين.
كما أن هذا التوجه لا ينسجم مع خيار التوسع والاستفادة من السوق الإفريقية على غرار التجربة المغربية في هذا الشأن.
هذا و أكد مصرفا MFC Dubai و CAP BANK ، وهما المؤسستان البنكيتان المكلفتان بالمهام الاستشارية لشركة “اتصالات تونس” والطرفان المساهمان في شركة الاتصالات الموريتانية التونسية “ماتل”بالبحث عن حل يحفظ مصالح جميع المساهمين تفاديا لانزلاقات قضائية واقتصادية قد تضر بالجميع. و لم يتم التعاطي بشكل إيجابي مع الحلول المقترحة الى الان .
علاوة على ذلك فإن لرجل الأعمال محمد ولد بوعماتو مالك شركة BSA سوابق استثمارية مع أطراف تونسية كانت نهايتها مؤسفة، منها على سبيل المثال شركة الخطوط الجوية “موريتانيا أيرويز” بالشراكة مع “الخطوط التونسية”، التي انتهت بها في القضاء .
ويبدو ان لولد بوعماتو ارتباطات بنخب مالية وسياسية في تونس ولا أدل على ذلك من تعبيره بوضوح فيبيان أصدره يهيب فيه بالمرشح نبيل القروي خلال الانتخابات الرئاسية 2019و يطالب باطلاق سراحه .
وبناء على ما سبق فأنه يمكن التساؤل عن أسباب القبول بيع أسهم تونس في الشركة بالتقسيط، وبعرض مالي قدرب و24 مليون دولار مقابل 31٪ من )و الإحتفاظ بـ 20٪ من رأس المال لبيعها في مرحلة الثانية ( ولا يتماشى مع واقع الشركة في ظرفها الحالي ولا مع التطور النوعي الذي عرفته “ماتل” في الفترة ما بين 2021 و 2022، حيث أنها جددت رخصتها بانسيابية تامة، وبلغت حصتها في السوق الموريتانية 33%.
بالإضافة إلى ما سبق فإن هذا التوجه لايتماشى و التوجه الذي أعلنه الرئيس سعيد في عدم التفويت في المؤسسات العمومية .
كما ان هذا العرض في حال ما تم تمريره سيتسبب في خسارة اقتصادية كبرى لـ”اتصالات تونس” خصوصا بعد التعافي الذي عرفته شركة “ماتل” في سنتي 2021و 2022
هذا وقد بدأت عملية تسويق الشركة الموريتانية “ماتل” في عام 2020 بطريقة منسقة بين المساهمين الثلاثة: “اتصالات تونس” ، BSA و COMATEL. لكن سرعان ما ظهرت الخلافات و قد قدمت كل من ORANGE و TELECEL و AXIAN عروضا لشراء شركة “ماتل” وتم رفضها جميعها من طرف BSA، حيث كانت تعمل على عرقلة مسار البيع في المراحل النهائية ولم تتقدم “اتصالات تونس” بأي استفسار لكل هذا .
وفي ذات المنحى تروج بعد الشائعات عن دعم حكومي لطرف معين على حساب آخر، وكذلك محاولة تأثير على اتصالات تونس بعدم الجدوى الاقتصادية للاستمرار في الاستثمار في قطاع الاتصالات رغم أن الدولة الموريتانية تتجه لمنح رخصة رابعة للاتصالات، الشيء الذي لا يستند في الواقع على أي أساس ونفته سلطات نواكشوط.
و الجدير بالذكر أن اللجنة الوزارية التونسية المكلفة بالملف كانت قد أوصت على الأقل بمراعاة ثلاثة أهداف أساسية هي:
1- التنافسية،
2- البيع بأكبر ثمن ممكن،
3- احترام كافة المعاير لتفادي النزاعات.
ويبدو لحد الساعة أن التوجه الذي يلوح في الأفق يتعارض مع هذه التوصيات، وقد أشارت صحيفة الصباح في عددها الصادر بتاريخ 28 افريل 2023 إلى أن ” الخوف هنا كل الخوف من أن تكون المصالح التونسية ومصالح دافع الأداءات مهددة…” مضيفة أنه “إذا كانت “اتصالات تونس” ترغب في التخلص من أسهمها في شركة ناجحة تجنبا لتداعيات صراع شريكيها، فلماذا لم تجبر ولد بوعماتو على القبول بعديد صفقات البيع السابقة التي وحسب مصادر إعلامية تم إفشالها من قبله؟”
وختمت الصحيفة “بجملة من الأسئلة منها على سبيل المثال: ما هو دور وزارة تكنولوجيات الاتصال في هذا الملف؟ وماذا عن دور الوزارة في تحديد وفرض مصالح الدولة التونسية والوقوف عليها وتجنيبها الخسائر؟”
علاوة على أسئلة الصباح هذه فهناك علامات استفهام كثيرة تحتاج لأجوبة واضحة ومقنعة فمثلا يمكن التساؤل: لماذا رفضت اتصالات تونس كل خيارات التنازل بالتراضي المقترحة من طرف المستشارين الماليين؟ ولماذا لم تجر عملية إعادة تقويم للعرض المقدم لشراء الأسهم على أساس الأداء التجاري والمالي لشركة ماتل لسنتي2021 و 2022 ؟ ولماذا لم تعبأ اتصالات تونس الضمانة المرصودة من قبل مصرف محمد ولد بوعماتو، والتي تصل لمليون دولار، لصالح أحد مقدمي عروض شراء ماتل ؟ وفي الأخير، لو فرضنا جدلا أن مخاوف اتصالات تونس تتعلق أساسا وبكل صدق باحتمال منح الدولة الموريتانية لرخصة رابعة، فما الذي جعلها تخاطر ب 20% من الأسهم المتبقية لها، في نفس الوقت الذي تتزاحم عروض المشترين، في الوقت الحاضر، من أجل الظفر بكامل أسهم الشركة؟ ويتساءل البعض عن جدوى بيع أسهم شركة وطنية لشخص معروف بجره لشركائه الى القضاء، بما في ذلك TUNISAIR حيث دخل في التحكيم التجاري ضد الدولة التونسية و رفع قضية ضد شركة “ماتل” موضوع البيع عام 2016، و تقدم بشكاية جنائية ضد “اتصالات تونس” و “ماتل” على حد سواء عام 2017.
و إن عملية البيع هذه تستدعى تعاطيا جديا واضحا من قبل الحكومة التونسية يراعي مصالح تونس الاقتصادية و الديبلوماسية في موريتانيا و يحترم مبادئ الشفافية و حق الراي العام و المواطن في المعلومة في كل ما يهم مؤسسات الدولة الحيوية .
التفويت في أسهم تونس في شركة ماتل الموريتانية للاتصالات
المعطيات و المؤشرات و الحقائق
من هي شركة ماتل واي تموقع و دور لتونس فيها =
_هي صاحبة اول رخصة للهاتف النقال في موريتانيا
_تأسست سنة 2000 بمبادرة تونسية موريتانية و تمتلك 30بالمائة من السوق الموريتانية للاتصالات.
_ الاسهم =51%اتصالات تونس
_24،5بالمئة رجل الأعمال الموريتاني ولد بوعماتو
_ رجل الأعمال البشير حسن 24,5 بالمئة .
__المدير التنفيذي لشركة ماتل التونسي الياس بن ساسي
منذ 2019 و تم تعينه من قبل اتصالات تونس لتحسين أداء الشركة و تموقعها .
__القيمة الحالية للشركة تفوق 100مليون اورو .
2_مسار التفويت بدأ منذ 2011
_انطلق التفكير في التفويت في أسهم اتصالات تونس في الشركة منذ 2011 بمرافقة بنوك عالمية مختصة (CAP Bank Tunisie و MFCDuBai )
_تم تقديم مجموعة من العروض من قبل عدد من الشركات العالمية من ذلك اورونج الفرنسية بقيمة 100مليون اورو
_بعد الصعوبات المالية التي مرت بها الشركة استعادت توازناتها المالية في 2021 و انطلق العمل مجددا على مسار التفويت من قبل اتصالات تونس .
_في 20جانفي 2022مجلس إدارة اتصالات تونس يصوت على بيع حصة تونس في ماتل
_العروض المقدمة للحكومة التونسية
_ اورنج السينغال .
_اسيان الملغاشية عرض بقيمة 100مليون دولار و تم رفضه
__شركة “telecel و مقرها المملكة المتحدة .
_المشغل المغربي Iwi
_4افريل امضاء 2022 تم توقيع اتفاقية بين اتصالات تونس و لد بوعماتو و البشير الحسن للتفويت في الشركة لtelect .
_في جويلية 2022تم الإعلان عن أبطال الصفقة .
موقف الحكومة التونسية.
_الحكومة التونسية من خلال اللجنة الوزارية المكلفة بالملف اوصت بمراعاة
1_القدرة التنافسية
2_البيع بأفضل عرض مالي ممكن
3_احترام كافة المعايير لتفادي النزاعات.
_الصراع الموريتاني على شركة ماتل
تشير بعض المصادر الإعلامية و المعطيات الى توجه اتصالات تونس لقبول بعرض احد الشريكين الموريتانين و هو محمد ولد بوعماتو رجل الأعمال الموريتاني المعروف
من هو بوعماتو
_ مالك شركة BSA الاقتصادية
_دخل في صراع مع الرئيس الموريتاني السابق ولد عبد العزيز و التجا الى الإقامة في المغرب منذ 2010 ثم الى بروكسيل و في 2020 عاد الى نواك شوط بموافقة الرئيس الحالي ولد الغزواني .
__صاحب مشاريع استثمارية سابقة في تونس و من أهمها شراكته مع الخطوط التونسية في شركة موريتانيا ايرويز و انتهت عند القضاء .
_دخل في التحكيم التجاري ضد شركة ماتل موضوع البيع في 2016و قدم شكاية ضد اتصالات تونس و ماتل في 2017.
تفاصيل عرض بوعماتو
_التفويت في حصة اتصالات تونس بالتقسيط
_24مليون دولار مقابل 31بالمائة من الاسهم فقط
_ترك 20 بالمائة الاخرى للتفويت فيها في مرحلة ثانية
_التوجه نحو القبول بعرض تجاري قديم دون التوجه إلى اعادة تقييم الاسهم على اساس الوضع المالي للشركة لسنتي 2021و 2022.
_في المقابل عبر المساهم الموريتاني الثاني رجل الأعمال الموريتاني البشير ولد الحسن و صاحب مجمع COMATELعن عدم رضائه عن مسار عملية التفويت و اعتبرها لاتراعي مصلحة الشركة و جميع المساهمين و لوح باللجوء الى القضاء الدولي .
الأسئلة المطروحة
_هل ان عرض بوعماتو هو العرض الأفضل ماليا من مجمل العروض المقدمة تنفيذا لتوصيات اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة الملف
_هل حسمت تونس فعلا في التفويت في 31بالمائة فقط من مجموع اسهمها المقدرة ب 51بالمائة
_و هل ان الإبقاء فقط على 20بالمائة من الاسهم في ظل احتمال إسناد الدولة الموريتانية لرخصة رابعة يحفظ مصالح الشركة و قدرتها التنافسية .
_و لماذا تم رفض بيع كامل أسهم الشركة رغم وجود عديد العروض .
_لماذا تتوجه الدولة التونسية الى التفويت في اسهمها في شركة مربحة تدر عليها مرابيح سنوية بالعملة الصعبة و تعزز تموقعها المالي و الإقتصادي في المنطقة و في أفريقيا مقابل الإبقاء على مؤسسات مالية أخرى تونسية اجنبية خاسرة منذ سنوات .
_ماهو موقف الحكومة التونسية و رأسا وزارة الإشراف من هذا التعاطي مع الملف .
_و لماذا يتم بيع أسهم تونس من شركة بهذا الحجم في كنف كل هذا التعتيم و دون مراعاة معايير الشفافية و حق الإعلام و الرأي العام و المواطن في متابعة سياسة التفويت في الأملاك العمومية و مدى مراعاة مصالح تونس الإقتصادية و المالية و الدبلوماسية خاصة أن شركة ماتل تترجم الشراكة الاقتصادية التونسية الموريتانية الابرز في تاريخ البلدين