قال عبد الرحمان اللاحقة الخبير الاقتصادي لدى الاتحاد العام التونسي للشغل ان الحكومة هربت من طاولة المفاوضات وكتب موضحا ” لماذا هربت الحكومة من جلسة الجمعة 19 أوت مع الإتحاد العام التونسي للشغل؟
تأجيل جلسة التفاوض حول الاستحقاقات الاجتماعية والإصلاحات الاقتصادية جاء 12 ساعة قبل الموعد المحدد. وبغض النظر على قلة الذوق وما اعتبره شخصيا قلة احترام للمنظمة من خلال التأجيل دون تحديد موعد جديد وهو شأن متروك لقيادة المنظمة للرد عليه بطريقة مناسبة، أعتقد أن الحكومة لم تكن جاهزة للتفاوض الجدي و تقديم إجابات واضحة لأسئلة محددة حول الاستحقاقات الاجتماعية والإصلاحات خاصة و أن الإتحاد كان جاهزا لجميع الملفات. لن أخوض اليوم في النقاط الواضحة و حول مقاربة و مستقبل الحوار الاجتماعي، والمفاوضات الاجتماعية، والاتفاقيات المعلقة وهو امر موكول للجنة 5+5 إن كتب لها أن تجتمع مجددا. لكن هدفي من هذه التدوينة أن أبين أن الحكومة ليست جاهزة للإجابة على اسئلة واضحة بخصوص الجباية والإجراءات التي يجب أن تضمنها في قانون المالية لسنة 2023 يعني قبل 15 أكتوبر 2022 وسأكتفي حاليا بنقطة تقنية وحيدة (حتى لا أثقل كاهل القارئ الغير مختص) تم طرحها من قبل الجميع بمن فيهم صندوق النقد الدولي والذي ينتظر بدوره إجابة من قبل وزارة المالية.
حسب صندوق النقد الدولي يبلغ مستوى الاستهلاك الخاص في تونس 95 مليار دينار وإذا فرضنا أن الدولة تحصل (في المعدل) نسبة 18% كأداء على القيمة المضافة ستكون مداخيل الدولة في حدود 17 مليار دينار وهو رقم بعيد كل البعد على المبلغ المحصل من طرف وزارة المالية وهو في حدود 8.7 مليار دينار. بلغة اخرى حسب صندوق النقد يبلغ التهرب الضريبي الخاص فقط بالأداء على القيمة المضافة حوالي 8.3 مليار دينار والوزارة مطالبة بالإجابة على هذا الرقم. للأمانة قام فريق قسم الدراسات بالاتحاد بتقدير التهرب الضريبي الخاص بالقيمة المضافة وخلص الى أن الأداء المحصل يجب أن يكون في حدود 14 مليار دينار (أقل من تقديرات صندوق النقد !!!) والفرق مرده الأخذ بعين الاعتبار الجانب الاجتماعي لبعض القطاعات وفي مقدمتهم الفلاحة والحرف الصغرى. في كل الحالات فان حجم التهرب في هذا الملف يتراوح بين 5 و-8 مليار دينار (مال سايب).
الإتحاد عندما يطرح مثل هذي الملفات والأمثلة لا يمكن وصفه بالقطاعي، بل أنه وفي لدوره الوطني. وحديثي اليوم على ملف جباية القيمة المضافة لا يجب أن ينسينا بقية الملفات. وهذه التدوينة مناسبة أيضا للتسائل عن موقف احزاب “الجمهورية الجديدة” عن مواقفها من هذه الملفات الحارقة بدل مواصلة الإحتفال بمرحلة ما بعد الإستفتاء وحرب التموقعات.
التسخين والتعبئة للمواجهة القادمة مع الإتحاد مردها سبب بسيط وهو أن الإتحاد هو الطرف الوحيد الذي أصدع صراحة بمواقفه ويضع السلطة أمام تناقضاتها وكان التاريخ يعيد نفسه (1964, 1978, 1985) عكس العديد من الاحزاب التي لن أسميها اليوم لكي لا أثير حفيظة بعض الأصدقاء، لكن أقول أن مرحلة الفرز قد بدأت: نكون مع تونس أو لا نكون.