من المنتظر أن يعقد، خلال الايام القليلة القادمة مجلس ادارة البنك المركزي اجتماعه الدوري ، لدارسة مستجدات وتطورات الظرفية الاقتصادية، أخذا بعين الاعتبار السياقات الدولية والوطنية.
وتتصدر عادة مناقشة سعر الفائدة الرئيسي (Taux directeur) أجندة اجتماعات مجلس البنك المركزي لكنه موضوع سيفرض نفسه بقوة، لاسيما بعدما قررت أبرز البنوك المركزية العالمية تشديد الخناق على التضخم المتسارع في عدد من دول العالم بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير الماضي.
وفي ماي الماضي قرّر البنك المركزي التونسي، الثلاثاء، رفع في نسبة الفائدة الرئيسية بـ75 نقطة لتصل إلى 7 بالمئة.
وقال البنك، عبر بيان، إن “مجلس إدارته استعرض آخر التطورات الاقتصادية والمالية، وقرر الترفيع (الزيادة) في نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي بـ75 نقطة أساسية لتبلغ 7.0 بالمئة”.
وأضاف أن رفع هذه النسبة “سيؤدي إلى ارتفاع نسبتي تسهيلات الإيداع والقرض الهامشي إلى 6.0 بالمئة و8.0 بالمئة على التوالي”.
وكان الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية، معز حديدان، ان يقدم مجلس ادارة البنك المركزي خلال اجتماعه المرتقب على الترفيع في نسبة الفائدة المديرية البالغة حاليا 7 بالمائة لكبح جماح التضخم لكن الخطوة لن تكون كافية وتتطلب حزمة إجراءات حكومية.
وصرح حديدان، لـ(وات)، تعقيبا على صدور ارقام محلية تؤكد ارتفاع التضخم الى مستوى 6ر8 بالمائة خلال شهر اوت 2022 ومراجعة والبنك العالمي لنسبة النمو في تونس قائلا: “إنّ صمت البنك االمركزي لتونسي يدل على ان التضخم بدأ في الخروج من اطار السياسة النقدية الى سياسات أوسع تشارك فيها الحكومة”.
وفاقت نسبة التضخم في تونس، خلال شهر اوت 2022، نسبة الفائدة المديرية للبنك مما أفضي الى فارق سلبي بين نسبة الفائدة في السوق النقدية البالغة حاليا 03ر7 بالمائة ونسبة التضخم المقدرة ب6ر8 بالمائة وادى ذلك الى سعر فائدة حقيقي سلبي بنسبة 6ر1 بالمائة، وفق حديدان
وغابت عن الساحة المالية والنقدية، في تونس منذ 10 جوان 2022، بيانات مجلس إدارة البنك المركزي التونسي التي ترسم سياسات البلاد في عدة مسارات وخاصة نسبة الفائدة المديرية في وقت تغيرت فيه المؤشرات المتصلة بالنمو والتضخم مرارا على امتداد الأشهر الأخيرة.
وكان مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، قرر في آخر اجتماع له الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك دون تغيير في مستوى 7 بالمائة. علما وان مجلس إدارة البنك انعقد 5 مرات منذ مطلع 2022.
وشدد حديدان على ان الترفيع في نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي لن يكون كافيا للتحكم في التضخم خاصة وان الاخير ليس تضخما نقديا خاضعا لسياسة البنك المركزي بل ينطوي على تضخم مستورد وعلى مشاكل هيكلية.
وأكد ضرورة التنسيق بين الحكومة والبنك المركزي التونسي لمحاربة التضخم من خلال إرساء سياسات تتصل بالميزان التجاري واجراء إصلاحات هيكلية ومراجعة نظام الأسعار والتعمق في الأسباب التي أدت الى التضخم.
وقال حديدان “إن البنك المركزي فضل سياسة الصمت خاصة وانه لطالما نادى على امتداد الأشهر الماضية بضرورة الاهتمام بمشكلة العجز التجاري وتراجع احتياطي النقد الأجنبي. كما ان صمته يدل على ان التضخم بدأ في الخروج من فلكه وبالتالي ضرورة إقرار اصلاحات عميقة”.
ولم تلق طلبات البنك المركزي والتوصيات المضمنة في اطار بيانات اجتماعات مجلس الادارة “تجاوبا ولم تدفع نحو اي إصلاحات عميقة وهيكلية للاقتصاد” حسب حديدان.
واوصي الخبير بتقوية مناعة الاقتصاد لمجابهة تداعيات الازمات الخارجية من خلال تدعيم اسس الاقتصاد الوطني ودعم القطاع الصناعي وتطويره وتحرير الاسعار.
وبين حديدان، في سياق متصل باحتياطي تونس من العملة الصعبة، والتي تعد من اهم المجالات التي تخضع الى متابعة البنك المركزي، ان العجز التجاري اسهم في تآكل هذه الاحتياطيات .
وتوقع حديدان ان تسجل تونس، مع نهاية 2022 ، أكبر عجز تجاري في تاريخها ببلوغ مستوى 22 مليار دينار مما سيؤثر على احتياطي العملة الصعبة والذي لن يكون كافيا لتسديد ديون البلاد بالسوق المالية خلال الفترة الممتدة بين 2023 و2025 .