الرئيسيةالأولىوأخيرا ... ايقاف زعيم كوزا نوسترا

وأخيرا … ايقاف زعيم كوزا نوسترا

أعلنت مصادر أمنية إيطالية القبض على الزعيم المافيوي ماتيو ميسينا دينارو، بعد 30 عامًا من الهرب من وجه العدالة.

وأضافت المصادر ذاتها في مذكرة الإثنين، أنه “تم القبض على دينارو زعيم كوزا نوسترا خلال إمضائه يوم فحوصات طبيه في عيادة مادّالينا الخاصة بالعاصمة الصقلية”، وأن “اعتقاله يأتي بعد 30 عامًا بالضبط من القبض على سلفه توتو ريينا في 15 جانفي 1993”.

وأفادت المصادر الأمنية، أن “ماتيو ميسينا دينارو، الذي اعتقله عناصر قوات الدرك (كارابينييري)، تم نقله من العيادة التي كان فيها إلى مكان آمن”.

وبهذا الصدد، أجرى رئيس الجمهورية، سيرجو ماتاريلا، اتصالاً هاتفياً هذا الصباح بوزير الداخلية، ماتيو بيانتيدوزي، والقائد العام لقوات الدرك، تيو لوتسي، للإعراب لهما عن تهانيه باعتقال دينارو”، وذلك “في عملية أمنية تمت في ظل تعاون وثيق مع الجهاز القضائي”.

تشكلت المافيا الايطالية التي تعرف باسم كوزا نوسترا في جزيرة صقلية، وولدت من رحم عصابات الجريمة التي كانت تنشط في القرن الثامن عشر الميلادي في الجزيرة.

وتفرعت كل عصابات المافيا اللاحقة عن العصابة الأم كوزا نوسترا.

وقد ذاع صيت هذه المافيا في الولايات المتحدة، إذ كانت تخوض معارك ضد بعض العصابات الأخرى في شيكاغو ونيويورك ومدن أمريكية أخرى في إطار الصراع على النفوذ وتقاسم الضرائب.

وزاد نفوذ هذه المافيا عندما سيطرت على تهريب المشروبات الروحية خلال فترة حظرها في عشرينيات القرن الماضي.

وترى المباحث الفدرالية الأمريكية أن المافيا الأمريكية مستقلة عن تلك التي تنشط في إيطاليا.

الهيروين

وتمثل تجارة الهيروين العمود الفقري لنشاط كوزا نوسترا في الوقت الراهن بسبب الأرباح الطائلة التي تحققها هذه التجارة.

ونجحت هذه المافيا في التغلغل في الحياة السياسية في الولايات المتحدة وإيطاليا.

ويقدر مكتب التحقيقات الفدرالي عدد أفراد أهم ثلاث عصابات مافيا ايطالية، كوزا نوسترا وكامورا وساكرا كورونا بحوالي 25 ألف شخص بينما عدد الأفراد المرتبطين بها حول العالم يصل إلى ربع مليون شخص.

حرب ضد الدولة

وكانت كوزا نوسترا تخوض حربا ضد الدولة الايطالية عندما تولي سلفاتوري توتو ريينا قيادتها، فقد اغتال أتباع ريينا عام 1992 المحقق جيوفاني فالكون وزوجته وثلاثة من حراسه خارج باليرمو عن طريق زرع عبوة ناسفة في سيارته.

وبعدها بشهرين اغتالت المحقق الذي تولى التحقيق في أنشطة هذه المافيا، باولو بورسيلينو، وخمسة من حراسه خارج باليرمو عبر تفجير سيارة مفخخة.

وتوفي ريينا عام 2017 في السجن وهو يقضي 26 حكما بالسجن مدى الحياة وهو في السابعة والثمانين من العمر بعد معاناة مع مرض السرطان.

وتحدثت وسائل إعلام إيطالية عن الشخصيات التي يُحتمل أن تتولى زعامة هذه المافيا، إذ كان ريينا ينظر إليه باعتباره الأب الروحي لها رغم وجوده في السجن وخضوعه لرقابة وإجراءات أمنية مشددة لمنعه من التواصل مع أفراد المافيا خارج السجن وداخله.

وأعلن المدعي العام في ايطاليا خلال مؤتمر صحفي مؤخرا أن كوزا نوسترا قد عادت الى العمل وفق القواعد الراسخة والتقليدية لعملها وأضاف “خلال شهر مايو/ أيار الماضي ناقش أعضاء كوزا نوسترا الحاجة إلى إعادة فرض السيطرة على الشارع”.

ووصل نشاط هذه المافيا إلى بعض المشاريع التي مولها الاتحاد الأوروبي في إيطاليا مثل مزرعة توليد الكهرباء بواسطة الرياح في صقلية.

“وداعا بيزو”

ويقول الباحث في أنشطة المافيا في جامعة أكسفورد البريطانية، فريدريكو فاريزي، إن كوزا نوسترا تفرض في الوقت الراهن أتاوات على مراكز إيواء اللاجئين التي تمولها الدولة إضافة الى الصراع بينها وبين عصابات المهاجرين حول السيطرة على شبكات الدعارة في ايطاليا.

وقد تراجع نفوذ وقوة هذه المافيا خلال العقدين الماضيين إلى حد بعيد بسبب تمكن سلطات الأمن من اعتقال الرؤوس الكبيرة فيها ومصادرة الأعمال التي تديرها ورفض عدد متزايد من رجال الأعمال المحليين الخضوع لها.

وتقول الشرطة الايطالية إن مافيا اندرانغيتا التي تنشط في كالابريا باتت أكثر قوة في الوقت الراهن من كوزا نوسترا، ورغم ذلك تسعى الأخيرة إلى إعادة بناء نفسها عبر إنشاء موطئ قدم لها في تجارة المخدرات.

وأشار رئيس محكمة الاستئناف في باليرمو العام الماضي إلى أن مافيا أندراغيتا تسيطر على تجارة الكوكايين بينما كوزا نوسترا تدير تجارة الحشيش في إيطاليا عبر استيراد الحشيش من شمال افريقيا وتوزيعه في القارة الاوروبية.

من جانب آخر، نقلت رويترز عن أحد مسؤولي محاربة المافيا في صقلية قوله إن المافيا اعتمدت لبعض الوقت على فرض الأتاوات والغش كمصدر للدخل، لكن مع تردي الأوضاع الاقتصادية خلال السنوات القليلة الماضية اضطرت المافيا إلى العودة لتجارة المخدرات.

وخلال الفترة ما بين 2008 الى 2015 تراجع الدخل في صقلية بنسبة 13 في المئة بينما ارتفعت البطالة لتبلغ 22 في المئة، أي ضعفي المعدل الوطني، وبالتالي ليس من السهل فرض أتاوات على التجار والمحلات في المدينة وقد ثارت نحو ألف مؤسسة وجهة ضد المافيا في باليرمو لوحدها.

ويطلق على الأتاوة التي تدفع لعصابات المافيا اسم “بيزو” وانتشرت مؤخرا حركة تحمل اسم “وادعا بيزو” تعمل على مواجهة كوزا نوسترا والأتاوات التي تفرضها على الناس.

ويرى البعض أن هناك “عواقب” لتراجع سيطرة المافيا على الشارع حيث انتشرت جرائم مثل السرقة والسطو، فقد شكا أحد أصحاب المتاجر من تعرض بساتين أشجار عائلته للسرقة ليلا بسبب تراجع سطوة المافيا وقال:” إن الذبابة ما كان بمقدروها ان تدخل البستان دون اذن المافيا”.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات

error: Content is protected !!