كتبت واشنطن بوست (Washington Post) في افتتاحيتها أن تونس- حيث أطلق البائع المتجول ابن الـ26 عاما محمد بوعزيزي موجة من الاحتجاجات من أجل الديمقراطية عقب إشعاله النار في نفسه- كانت أهم قصة نجاح للربيع العربي في عام 2011، إذ أطيح بحكم الرجل الواحد وجرى تأسيس دستور جديد.
وحذرت الصحيفة من أن هذا الإنجاز العظيم يتعرض للخطر الآن بسبب رئيس البلاد قيس سعيد خبير القانون الدستوري الذي يبدو أنه اتجه مؤخرا لقراءة كتيبات الدكتاتوريين، بحسب واشنطن بوست.
واعتبرت الصحيفة تونس استثناء للثورات ضد الاستبداد التي اجتاحت العالم العربي، لأنها إلى جانب إرساء دستور جديد جاءت ببرلمان عبر انتخابات حرة ونزيهة تماما كما جاء سعيد في عام 2019، ثم ما لبثت أن انقلبت الأوضاع باستيلاء الرئيس على السلطة في 25 جويلية الماضي، إذ علق البرلمان وأقال الحكومة.
وفي 22 سبتمبر/أيلول الماضي علق العمل بمعظم الدستور التونسي، ومنح نفسه الحق الحصري في سن القوانين عبر المراسيم، وفي 12 فيفري الماضي أصدر مرسوما جديدا بحل أعلى هيئة مستقلة في البلاد، وهي المجلس الأعلى للقضاء، ومنح نفسه صلاحيات واسعة للتدخل في عمل القضاء.
وأشارت واشنطن بوست إلى هناك تقارير تفيد بأن الرئيس التونسي يستعد لشن حملة جديدة ضد المجتمع المدني.
وألمحت إلى أن الربيع العربي في تونس أتاح إمكانية إنشاء منظمات المجتمع المدني بحرية، والضغط على السلطات في ما يتعلق بالقوانين والسياسات والتحدث علنا وتلقي التمويل الأجنبي دون إذن من الحكومة.
وقد أعربت 13 منظمة عن قلقها بشأن مسودة مرسوم مسربة تخشى أن تفرض قيودا جديدة صارمة، مما يمنح الحكومة سلطات واسعة على عملياتها.
وأشارت الصحيفة إلى تحذير الولايات المتحدة المتكرر للرئيس التونسي من المسار الذي يتخذه، وحثه على احترام الديمقراطية والمجتمع المدني.
وقد اقترحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في عرض الميزانية الأخير خفض المساعدات العسكرية لتونس، في إشارة إلى الاستياء من تحول السلطات للاستبداد.
وختمت واشنطن بوست افتتاحيتها بأن الأمر سيحتاج إلى بذل المزيد من الجهد لإنقاذ ديمقراطية تونس، لأن سعيد لا يستمع ومشغول للغاية في إطفاء آخر وأفضل آمال الربيع العربي.
المصدر : واشنطن بوست